سجَّل اقتصاد البرازيل انكماشاً غير متوقَّع في الربع الثاني، الأمر الذي دفع خبراء الاقتصاد إلى مراجعة تقديراتهم للنمو الاقتصادي في عام 2021، وسط التهديدات المالية، وأزمة المياه التي تلوح في الأفق.
انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1% في الربع الثاني مقارنة بفترة الأشهر الثلاثة السابقة، ومقارنة مع تقديرات اقتصاديين استطلعت "بلومبرغ" آراءهم، التي تبلغ 0.2%. وتوقَّع ثلاثة فقط من الاقتصاديين الـ 39 الذين شملهم استطلاع "بلومبرغ" تسجيل الاقتصاد نمواً سلبياً. وذكرت وكالة الإحصاء الوطنية أمس الأربعاء أنَّ اقتصاد البلاد نما بنسبة 12.4% مقارنة بالعام السابق.
مع تقدُّم حملة التطعيم، إذ تلقّى أكثر من 60% من السكان اللقاح بشكل جزئي، استأنفت معظم الشركات أنشطتها، وبدأت أسعار الخدمات في الارتفاع. ومع ذلك؛ فإنَّ سوق العمل غير الرسمي ماتزال بطيئةً، وثقة المستهلك لن تتعافى بالسرعة المتوقَّعة.
وتراجعت الاستثمارات 3.6% على أساس الربع السنوي، في حين تراجعت الزراعة بنسبة 2.8%، والصناعة بنسبة 0.2%. على الصعيد الآخر، نمت الخدمات بنسبة 0.7%، وظل استهلاك الأسر مستقراً.
وتقول أدريانا دوبيتا، الخبيرة الاقتصادية البرازيلية في "بلومبرغ إيكونوميكس"، إنَّ الاقتصاد البرازيلي فقد زخمه في الربع الثاني، برغم بعض الحوافز النقدية المتبقية، والتقدُّم المادي في عمليات التلقيح.
وأضافت أنَّ التراجع الاقتصادي الضئيل يوضِّح التحدّيات القادمة مع تشديد السياسة النقدية، كما عززت أزمة المياه، وعدم اليقين المالي، والضجيج السياسي المخاطر السلبية التي تواجه النمو خلال العام المقبل، متوقِّعة نموَّاً بنسبة 5.1% لعام 2021، و 2% لعام 2022.
تعكس أرقام الناتج المحلي الإجمالي كيف كان التعافي الأقوى الذي شوهد في وقت سابق من العام مرهوناً بالمساعدات النقدية الطارئة التي قدَّمتها الحكومة أثناء الوباء، بحسب ما قال ألبرتو راموس، كبير الاقتصاديين في أمريكا اللاتينية لدى "غولدمان ساكس". وأضاف: "هذه قراءة مخيبة للآمال تُظهر أنَّ النمو الأساسي في البرازيل، مايزال ضعيفاً للغاية".
خفَّض "راموس" توقُّعاته للنمو الاقتصادي لهذا العام من 5.4% إلى 4.9%، بافتراض عدم وجود قيود كبيرة على إمدادات الطاقة، أو وباء تحت السيطرة على نطاق واسع في المستقبل. كذلك؛ قال بنك هايتونغ الاستثماري (Haitong Investment Bank)، إنَّه يراجع تقديراته للناتج المحلي الإجمالي لعامي 2021، و 2022.
فائدة أعلى
بدأت حملة التشديد النقدي الصارمة في البرازيل تؤثِّر على النشاط الاقتصادي. كما رفع البنك المركزي بالفعل سعر الفائدة القياسي إلى 5.25% من أدنى مستوى له على الإطلاق عند 2%، ومن المتوقَّع أن يصل هذا المعدل إلى 7.5% بحلول نهاية العام.
في الوقت نفسه، لا يظهر التضخم أي علامة على التراجع، فهو يسير بوتيرة سنوية تبلغ 9.3%، أي أعلى بكثير من النسبة المستهدفة البالغة 3.75%. ويستمر الاقتصاديون في مراجعة توقُّعاتهم مع استنزاف الجفاف الشديد للخزَّانات المخصَّصة لتوليد الطاقة الكهرومائية، وارتفاع أسعار الكهرباء.
قال رئيس البنك المركزي البرازيلي روبرتو كامبوس نيتو، إنَّ أداء اقتصاد البلاد في الربع الثاني كان "متوافقاً بشكل أو بآخر" مع توقُّعات البنك، ودافع عن الحاجة إلى الاستمرار في رفع أسعار الفائدة، قائلاً إنَّ التضخم الجامح سيكون أسوأ بالنسبة لآفاق النمو الاقتصادي.
انخفضت أسعار المقايضة على العقود المستحقة في يناير 2022، التي تشير إلى توقُّعات المستثمرين لسعر الفائدة القياسي، لفترة وجيزة بعد صدور البيانات، ثم ارتفعت لاحقاً مع بقية المنحنى، مما يعكس مخاوف أكبر من التضخم، كما تسبَّبت الخطط الرامية إلى توسيع البرامج الاجتماعية قبل انتخابات العام المقبل في إثارة القلق لدى المستثمرين، مما عزز التوقُّعات التي تفيد بتشديد السياسة النقدية.