نظرة على الوجه القبيح لحياة الأثرياء

الشخصية البارزة "سوزان روجرز" -40 عامًا- تطل من غرفة ملابسها "الموسمية"، في تورونتو، 2010. تحتوي الصناديق البرتقالية على حقائب "هيرميس"، والتي تقول روجرز إنها تمتلك كل لون منها تقريبًا. حقيبتها المفضلة هي "هيرميس بيركين" التي تباع بدءًا من 12 ألف إلى 300 ألف دولار. - المصدر: بلومبرغ
الشخصية البارزة "سوزان روجرز" -40 عامًا- تطل من غرفة ملابسها "الموسمية"، في تورونتو، 2010. تحتوي الصناديق البرتقالية على حقائب "هيرميس"، والتي تقول روجرز إنها تمتلك كل لون منها تقريبًا. حقيبتها المفضلة هي "هيرميس بيركين" التي تباع بدءًا من 12 ألف إلى 300 ألف دولار. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يقف مدير أحد صناديق الائتمان الوقائية "فلوريان هوم" (Florian Homm) المولود في ألمانيا وخريج جامعة "هارفرد" وصنع ثروة شخصية تزيد على 800 مليون دولار ثم فقدها، في إحدى الصور الفوتوغرافية بأحد النوادي الليلية الألمانية الذي كان مالكًا مشتركًا له يومًا ما.

في صورة أخرى، تظهر "إميلدا ماركوس" (Imelda Marcos) سيدة الفلبين الأولى سابقًا - والمتهمة بسرقة مليارات الدولارات من خزائن الدولة - جالسة في شقتها في مانيلا وتظهر خلفها لوحة بيكاسو ذات الإطار الذهبي.

وبعد ذلك تبدو صورة للملياردير الصيني "هوانج تشياولينج" (Huang Qiaoling) البالغ من العمر 43 عامًا، وهو يسير خارجًا من قصره الذي بُني ليكون نسخة طبق الأصل من البيت الأبيض، نحو سيارته المرسيدس إس كلاس.

وتملأ العشرات من الصفحات المتشابهة والمثيرة للاندهاش الكتاب الفوتوجرافي "ثروة جيل" -من دار نشر "فايدون" (Phaidon) 2017- وهو عبارة عن دراسة مصورة من 504 صفحات للمصوِّرة "لورين جرينفيلد" والتي قضت 25 سنة في توثيق رموز الثروة والطبقة الراقية ذوي المكانة المرموقة، لتقدم لمحة عن عادات الإنفاق والتبذير لدى الفئات الثرية.

"><figcaption style="font-style: normal; text-align: right; direction: rtl;

من بين هؤلاء مدراء صناديق الائتمان الوقائية في نيويورك، مثل "سوزان،" التي تتبعها "غرينفيلد" لعدة سنوات وهي تحاول إنجاب طفل؛ والمدريون التنفيذيون في عالم الترفيه مثل "بريت راتنر" (Brett Ratner)، الذي يظهر في جزيرة سانت بارتس مع بطاقة "أمريكان إكسبريس" (American Express) البلاتينية وهي ملتصقة بجبينه؛ والأثرياء من رجال الأعمال مثل ملياردير الملابس الإيطالية "رينزو روسو" (Renzo Rosso)، الذي يتباهى بصالة الألعاب الرياضية المنزلية في فيلته التي تعود إلى القرن الثامن عشر؛ وملك "نظام الملكية المشتركة" ديفيد سيجل (David Siegel)، الذي سيكون فيلم "جرينفيلد" الوثائقي "ملكة فيرساي" (Queen of Versailles) عنه هو وزوجته "جاكي" (Jackie).

وتبدأ صور "غرينفيلد" (Greenfield)-المصحوبة بالمقابلات والمقالات القصيرة- في لوس أنجلوس، منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث بدأت الفتيات في مدينة بيفرلي هيلز ومغنو الراب في مدينة كومبتون بتبادل طموحاتهم الثقافية، وكانت الجراحة التجميلية تنتقل من سادة المجتمع كبار السن إلى المراهقين المهووسين بالتصوير.

وفي إحدى الصور تظهر إحدى مراهقات ماليبو في حفلة قرب المسبح، بعد ثلاثة أيام من إجرائها لعملية في الأنف، وتقول: "6 من بين أصدقائي المقربين الـ 10 أجروا عملية جراحية تجميلية ما!"

5 من صديقاتها المقربات في مدرسة كالاباساس الثانوية لعمليات جراحية تجميلية. المصور: "لورين جرينفيلد" (Lauren Greenfield)
5 من صديقاتها المقربات في مدرسة كالاباساس الثانوية لعمليات جراحية تجميلية. المصور: "لورين جرينفيلد" (Lauren Greenfield)

قصة للعبرة

من خلال عدسة "غرينفيلد"، يبدو تراكم الثروة إدمانًا مدمرًا أكثر منه طريقًا لتحسين الذات؛ حيث تقول تلك المصورة: "هذا لا يؤدي إلى الإنجاز الشخصي أو المالي، بل إلى الإخفاق في نهاية المطاف."

وأضافت: "مسيرة الـ 25 سنة الماضية لا تُطاق على الكثير من المستويات، بيئيًا أو معنويًا أو روحيًا أو حتى داخل المجتمعات والأسر".

ولكن ذلك لا يعني أن "غرينفيلد" بشكل خاص معادية للمادة أو الرأسمالية، بل هي تصوّر كأي مخرجة أفلام وثائقية، بشكل متعاطف وبلا أحكام، سواء عندما تواجه نساء يستخدمن الجراحة التجميلية لتجاوز النزاعات العائلية، أو مجرمي الطبقات المرموقة مثل "جاي جونز" (Jay Jones) مؤسس "كوميرشال فاينانشال سيرفيسيز" (Commercial Financial Services)، الذي فقد ثروته البالغة 500 مليون دولار، وسرّح ما يقارب 4 آلاف موظف، وبقي في السجن لأكثر من ثلاث سنوات بعد اتهامه بالتآمر لارتكاب عمليات احتيال. فتقول "غرينفيلد" (Greenfield) بشأن ذلك: "أشعر أن الكتاب بمثابة حكاية ذات عبرة".

"><figcaption style="font-style: normal; text-align: right; direction: rtl;

حقائب "بيركين" بـ300 ألف دولار

بالرغم من تطرف هذه الأمثلة، يوجد ما تصفه "غرينفيلد" بأنه "تجانس" الطبقة الراقية في العالم، فمنذ 50 عامًا، كان أغنياء العالم يختلفون من بلد إلى آخر (إن لم يكن من مدينة إلى أخرى أو من شارع إلى آخر).

أما الآن، فتقول: "عندما تكون في سان موريتز، ترى الروس يختلطون مع الفرنسيين، ويمتزجون مع البريطانيين. فجميع الجنسيات مرحب بها للمشاركة في الشرب وأي شيء آخر معًا"، بمعنى أنه قد لا يكون الأثرياء مثلنا جميعًا، لكنهم -في هذا الكتاب على الأقل- متشابهون.

وهناك بعض الرموز التي توجد في مختلف الثقافات. فحقيبة "هيرميس بيركين" (Hermès Birkin) مستطيلة الشكل ذات سطح مرن يمكن بيعها بمبلغ يصل إلى 300 ألف دولار.

وقد تم تصوير سيدة المجتمع الكندية "سوزان روجرز" (Suzanne Rogers) في غرفة ملابسها، حيث تخزّن أكثر من 10 من حقائب اليد هذه في صناديقها الأصلية. فتعلّق "غرينفيلد" بهذا الشأن: "لقد شعرت بالذهول كيف أن مراهقة في لوس أنجلوس وامرأة في الصين وسيدة مجتمع في روسيا وخبيرة علاج طبيعي في نيويورك يعرفن جميعًا عن هذه الحقيبة".

وأضافت: "ليس كل هؤلاء الأشخاص يستطيعون الحصول على الحقيبة، فمن الواضح أنها مكلفة للغاية. لكن ما يلفت النظر هي معرفتهنّ المشتركة حول شيء على هذه الدرجة من الهامشية".

"><figcaption style="font-style: normal; text-align: right; direction: rtl;

وبالمثل، اكتشفت "غرينفيلد" أن المطابخ الراقية تحمل جاذبية عبر المحيطات والثقافات والقارات، حيث قالت: "هذه المطابخ الحديثة ذات الأسطح المصنوعة من الغرانيت والأجهزة ذات الجودة التجارية عادةً ما توجد في المنازل الراقية". ثم أضافت: "وبعد فترة، تتفاجأ بأن المواقد الفولاذية المقاومة للصدأ وما إلى ذلك كلها موجودة في كثير من منازل الفئة المتوسطة".

وبحسب قولها إن المطابخ التجارية تمكنت من أن تصبح بطريقة ما متطلبًا أساسيًا لكل من يقتني منزلاً: "أتذكر امرأة روسية كان زوجها يعمل في مجال التطوير العقاري ... وكان مطبخها من مجلة "أركيتكتشرال دايجست" (Architectural Digest)، فقلت: "أوه، يا له من مطبخ جميل!‘ هل تطبخين؟ وكان جوابها لا".

الذي يبلغ طوله 50 مترًا تقريبًا، خلال سباق موناكو الكبير في مونتي كارلو، 2013. المصور: "لورين جرينفيلد" (Lauren Greenfield)
الذي يبلغ طوله 50 مترًا تقريبًا، خلال سباق موناكو الكبير في مونتي كارلو، 2013. المصور: "لورين جرينفيلد" (Lauren Greenfield)

حينما تصبح الأشياء لا تكفي

الآن وقد أصبحت مثل هذه الرموز في كل مكان، بحسب "غرينفيلد" فإن بعض المجموعات - مثل الآسيويين حديثي الثراء - تنجذب نحو الممارسات الأرستقراطية مثل البولو والإبحار.

فتقول: "يوجد دروس في آداب السلوك في الصين، حيث ينفق الناس 16 ألف دولار مقابل دورة مدتها أسبوعان، من أجل تعلّم كيفية نطق العلامات التجارية الفاخرة، وتناول الكافيار، وتعلم الطريقة الغربية للجلوس على المائدة".

تأسس المعهد المعروف باسم معهد "ساريتا" (Institute Sarita) في بكين على يد "سارة جين هو" (Sara Jane Ho)، وهي رائدة أعمال من مواليد هونغ كونغ تلقت تعليمها في أكاديمية "فيليبس إكستر" (Phillips Exeter Academy)، وجامعة "جورج تاون" (Georgetown University)، وكلية هارفرد للأعمال (Harvard Business School).

يقدم المعهد تدريبين: الأول يتضمن دروسًا في الضيافة لمدة 12 يومًا للنساء المتزوجات (16 ألف دولار)، والثاني يتضمن دورسًا للمبتدئات لمدة 10 أيام للنساء غير المتزوجات (13 ألف دولار). وقد تضمن الكتاب اقتباسًا عن "هو" (Ho) حيث قالت: "في الصين لدينا ثقافة استهلاك التفاخر، لكن الطلبة لدينا يحاولون تجاوز الشراء من علامة تجارية معينة لمجرد أنها علامة تجارية بارزة".

وقالت غرينفيلد: "عندما ذهبت إلى الصين لأول مرة - في أوائل الألفية الثانية، كان الجميع يريدون حقائب هيرميس (Hermès) ولوي فيتون (Louis Vuitton)، لكن بحلول وقت عودتي، تمكّن الجميع من الحصول عليها، لذا لم يعد الأمر مميزًا. وبذلك، فإن الطريقة التي يميزون بها أنفسهم الآن هي محاكاة الأرستقراطية (الغربية)".

"><figcaption style="font-style: normal; text-align: right; direction: rtl;

وأضافت "هو" (Ho): "إذا كان لديك حقيبة لوي فيتون (Louis Vuitton)، فهناك الآلاف من هذه الحقائب، لكن إذا كان لديك حصان عليه سرج هيرميس (Hermès)، فهذا يظهرك بطريقة مختلفة".

وتعلق "غرينفيلد" (Greenfield) بأنّ ذلك قد يكون صحيحًا بالنسبة للبعض، لكن بالنسبة للبعض الآخر، فإن الرموز لا تعني إلى هذا الحد، وتقول: "أعتقد أن أحد الجوانب التي رأيناها في الكثير من الشخصيات - بحسب الكتاب - هو أن المال عامل تمكين لما هو موجود بالفعل"، وتابعت قائلة: "ملك نظام الملكية المشتركة ديفيد سيغل (David Siegel) قال ذات مرة، إن المال لا يجعلك سعيدًا، بل يجعلك غير سعيد في مكان أفضل من المدينة. أنا أحب قوله هذا، فمن أكثر من سيغل خبرة في هذه الأمور؟"

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات