المجد لبيزوس الملياردير وأقرانه من رواد انطلاقتنا نحو الفضاء

مركبة "بلو اوريجن" وطاقمها الذي يضم مالكها الملياردير جيف بيزوز لدى عودتهم من رحلة الى الفضاء. - المصدر: بلومبرغ
مركبة "بلو اوريجن" وطاقمها الذي يضم مالكها الملياردير جيف بيزوز لدى عودتهم من رحلة الى الفضاء. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

امتعض السناتور، بيرني ساندرز، من رحلة الملياردير الأمريكي، جيف بيزوس، صباح الثلاثاء إلى الفضاء.

في تغريدة على موقع "تويتر"، قال السناتور الاشتراكي من ولاية فيرمونت، إن أمريكيين كُثر متعثرون مادياً، بينما "غادر أحد أكبر أثرياء العالم إلى الفضاء الخارجي".

الدرس الذي تعلمه ساندرز هو: "آن أوان فرض ضرائب على المليارديرات".

رويدك يا سيناتور فضلاً. بيزوس هو رائد يصنع التاريخ. كما أن تسويق الفضاء تجارياً ماضٍ قدماً، وسيشكل منفعة جماعية، حاله حال التقدم في آفاق جديدة أخرى، ولا يصب في مصلحة الأثرياء وحدهم.

تسعى "بلو أوريجين" شركة الفضاء التابعة لبيزوس لجعل السفر إلى الفضاء أرخص من خلال مركبات الإطلاق متكررة الاستخدام. كلمة أرخص في هذا السياق هي مصطلح نسبي بالطبع، ويُتوقع أن يكون المستقبل القريب لسياحة الفضاء أشبه بملعب لفاحشي الثراء كي يستمتعوا بانعدام الوزن. بيد أن المعرفة المكتسبة عبر السياحة الفضائية ستوسع من قاعدتها تدريجياً. تقول الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء أن تطوير أنظمة الإطلاق التجارية قد خفض بالفعل تكلفة الوصول إلى مدار أرضي منخفض الى جزء من 20.

كلما كان الوصول إلى الفضاء أسهل، يصبح الانخراط في أنشطة فضائية مربحة ومبتكرة ممكناً أكثر، وهو أمر بدأ في المضي قدماً، ومن أمثلته الموئل البيئي المرن المتكامل التابع لشركة "سييرا سبيس" (Sierra Space)، والذي صُمم لتسهيل التصنيع والبحوث الصيدلانية والطبية والزراعة والسياحة في الفضاء. ويمكن أن يستخدم أيضاً كموقع لانطلاق البعثات المتجهة إلى القمر أو وجهات أعمق في الفضاء.

شهد العقد الماضي استثمارات هائلة في تجارة الفضاء، حيث وثّق الخبير الاقتصادي، ماثيو وينزيرل، ارتفاع الاستثمار في شركات الفضاء الناشئة من مستوى يقل عن 500 مليون دولار سنوياً في الفترة بين عامي 2001 و 2008 إلى حوالي 2.5 مليار دولار سنوياً في عامي 2015 و 2016.

استطاعت شركات الفضاء في 2019 جمع تمويلات بقيمة 5.7 مليار دولار، ارتفاعاً من 3.5 مليار دولار في 2018، وفقاً لشركة تحليلات الفضاء "برايس تك" (BryceTech). وهذا الاتجاه سوف يستمر.

جرأة المخاطرة

تنخرط الشركات الجديدة في مجموعة أنشطة من ضمنها الوصول إلى الفضاء، مثل شركة"بلو أوريجين"، إضافة الى توفير صور أكبر فائدة وجودة للأرض، وبناء القدرة على إطلاق الأقمار الصناعية والاتصال بها، وتحسين سلاسل الإمداد، وإنشاء مرافق آمنة في الفضاء، وتطوير القدرة على التنقيب في الكويكبات واستعمار القمر والمريخ.

كثيراً ما يأتي تمويل هذه المشاريع من فاحشي الثراء مثل بيزوس، والرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" إيلون ماسك، ومؤسس "فيرجن غروب" ريتشارد برانسون، الذي سافر بطائرته الفضائية إلى ارتفاع 87 كيلومتراً فوق سطح الأرض بداية هذا الشهر. إنهم أثرياء بما يكفي لتمويل التكاليف الباهظة اللازمة لدخول هذا السوق، ولديهم الجرأة للمخاطرة بخسارة مبالغ كبيرة من المال وماء الوجه في حال فشل استثمارهم في الفضاء التجاري.

ستستغرق فوائد الفضاء التجاري، مثل الأدوية الجديدة والمنتجات الأرخص ثمناً والإنترنت الأسرع في المناطق النائية والأساليب الزراعية الجديدة، وقتاً للوصول إلى الجميع، لكنهم سيستفيدون بالتأكيد.

يصل رد الفعل السلبي الذي يستهدف إنجازات بيزوس وبرانسون إلى حد رد الفعل الارتكاسي ضد الملياردير. ثمة شعار يساري شهير يقول "الملياردير تصنعه سياسة فاشلة"، كما يقول ساندرز، إن "المليارديرات يجب ألا يكونوا موجودين".

جمع بيزوس ثروته من خلال تأسيس عملاق التجزئة الإلكتروني "أمازون"، الذي غيّر قطاع التجزئة في الولايات المتحدة، وأتت مكافأته سخية على رؤيته وعمله الجاد والمخاطر التي أقدم عليها طيلة رحلته. وقد حدد مؤشر بلومبرغ للمليارديرات صافي ثروة بيزوس بمقدار 204 مليارات دولار، ما يجعله أغنى شخص في العالم.

لكن ثمة أدلة مقنعة على أن بقية المجتمع قد استفاد أكثر بكثير من بيزوس. ففي ورقة بحثية صدرت عام 2004، وجد الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل، وليم نوردهاوس، أن المبدعين يحصلون على "جزء ضئيل" فقط من إجمالي الفوائد التي تعود على المجتمع من الابتكار التكنولوجي الجديد. بينما يتمتع المستهلكون بالغالبية العظمى من فوائد التغيير التكنولوجي. وقدر نوردهاوس، أن رواد الأعمال أنفسهم يحصلون على نحو 2% من إجمالي الفوائد الناتجة عن ابتكاراتهم.

ووفقاً لحساباتي البدائية التي تستند إلى النتائج التي توصل إليها نوردهاوس، استطاع بيزوس خلق قيمة تزيد عن 9 تريليونات دولار لبقية المجتمع.

الأمر لا يقف عند هذا الحد، فمن خلال الدور الرائد الذي يلعبونه في الفضاء التجاري، فإن بيزوس وأقرانه يخلقون إرثاً سيستمر لفترة طويلة، بعد أن تصبح مخاوف منتقديهم مجرد ذكرى قاصية. وتكون فوائد هذه الآفاق الجديدة قد أسهمت حينئذ في تحسين الحياة بطرق لا يمكننا تخيلها اليوم.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات