"بوكيمون" تصنع ثروات لجامعيها والشركات الناشئة

يقوم مارك شينينجر ببيع بطاقات بوكيمون في مدرسته الابتدائية مقابل آلاف الدولارات. - المصدر: بلومبرغ
يقوم مارك شينينجر ببيع بطاقات بوكيمون في مدرسته الابتدائية مقابل آلاف الدولارات. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يعد مارك شاينجر من بين الكثيرين من جيل الألفية الذين لعبوا ببطاقات "بوكيمون" خلال المدرسة الابتدائية. وقام بتبادل مقتنياته منها مع أصدقائه وتنافس مع إخوانه على الشخصيات الأكثر لمعاناً وقوة - حتى سئم في نهاية المطاف من الهواية، وقام بتخزين البطاقات في صناديق بشكل منظم وكبير.

ثم في العام الماضي مع انتشار الوباء، بدأ شاينجر يسمع عن مبيعات بطاقات "بوكيمون" القديمة، والتي وصل سعرها أحياناً إلى مئات الآلاف من الدولارات. وهكذا قام المهندس الميكانيكي البالغ من العمر 24 عاماً من راندوم ليك، في ويسكونسن، بإخراج مجموعته القديمة من "بيكاتشو" و"تشارماندرز" وسجل هذه المخلوقات في جدول بيانات وحول شغفه في طفولته إلى صخب جانبي بقيمة 4500 دولار. وقال شاينجر :

احتفظت بها لأنني اعتقدت أنها ذات يوم ستكون ذات قيمة. وكنت محقاً.

بدأ الكثير من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين عشرين وثلاثين عاماً بالتوصل إلى اعتقاد مماثل، مدفوعين بالحنين إلى الماضي، والطرق الجديدة للبيع عبر الإنترنت وفائض من وقت الفراغ أثناء الوباء، حيث قفزت قيمة بعض بطاقات "بوكيمون" في الأشهر الأخيرة. في عام 2020، ارتفعت مبيعات تداول البطاقات الإجمالية بمعدل قياسي بلغ 142% على موقع "إيباي" (EBay)، بقيادة "بوكيمون"، بمتوسط مبيعات خمس بطاقات في الدقيقة، أي أكثر من بطاقات البيسبول. وقد استمر هذا الزخم في هذا العام. ارتفعت إدراجات بطاقات "بوكيمون" على "إيباي" بنسبة 1,046 % في الربع الأول.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

أدت فورة الذهب الجديدة للـ "بوكيمون" إلى انفجار مصغر في نشاط ريادة الأعمال. استطاع هواة جمع البطاقات الأفراد مثل شاينجر إجراء عمليات بيع صغيرة مربحة لبيع البطاقات عبر الإنترنت - حتى مع تعليق شركة "تارغيت كورب" (Target Corp) لمبيعات علب البطاقات بعد سلسلة من السرقات في مواقف السيارات. شهدت المنصات الجديدة التي تساعد هواة جمع البطاقات على بيع ما لديهم تدفقاً للأعمال. وتمت المصادقة على عدد كبير جداً من الطلبات لمواكبة ذلك. وقامت مجموعة "بلاك ستون" (Blackstone Group) بشراء حصة الأغلبية في إحدى شركات المصادقة، مجموعة المقتنيات المعتمدة، في الأسبوع الماضي بتقييم قدره 500 مليون دولار.

رأس المال الجريء

تعد بطاقات "بوكيمون" التناظرية أمراً غريباً غير مرجح الانتشار في عصر الإنترنت هذا. لكن هذا الامتياز غريب الأطوار، الذي تم تقديمه لأول مرة في عام 1996 كزوج من ألعاب الفيديو لشركة "غايم بوي" التابعة لشركة "نيتيندو"، أظهر قوة بقاء ملحوظة، حيث جلب عشرات المليارات من الدولارات على مدى عقود. تدير الآن شركة "بوكيمون" التي تعود ملكيتها جزئياً لشركة "نيتيندو"، الامتياز بمساعدة "بوكيمون غو"، لعبة الواقع المعزز التي حققت أكثر من 5 مليارات دولار، بما في ذلك مليار دولار في العام الماضي فحسب، وفقاً لتقديرات شركة الأبحاث "سينسور تاور". يتناسب هذا الجنون أيضاً مع الاتجاهات الثقافية الأكبر لجيل الألفية الذين ينجذبون نحو العلامات التجارية التي يتذكرونها من طفولتهم والارتفاع الذي تعززه الإنترنت في الاهتمام بالأغراض التي يمكن جمعها مثل الرموز غير القابلة للاستبدال أو (NFTs).

يعتقد بن ماثيوز، الشريك العام في "نايت فينتشرز"، أن صناعة "المقتنيات الذكية" تمر بلحظة مهمة، مما أثار اهتمام شركته، ذراع رأس المال الجريء للشركة الأم "نايت ميديا"، والتي تسعى للاستثمار في مشاريع جديدة تستفيد من روح العصر في "بوكيمون". وقال: "امنحها تمويل رأس المال الجريء وستنطلق لتدخل السباقات".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

دخل رأس المال الجريء بالفعل في صفقات متعلقة بالبوكيمون. ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، جمعت شركة "كوليكت بيس" (Collectbase) الناشئة تمويلا من جولة تمويل بقيادة الملياردير بيتر ثيل. تعمل الشركة على صنع برنامج يسمح لهواة جمع البطاقات بمسح وتسعير وتنظيم وتتبع قيمة مجموعة البطاقات الخاصة بهم، على غرار محفظة الأوراق المالية، ثم بيعها على موقع "إيباي". قال أنس سالم، أحد مؤسسي الموقع الألمان، إن تطبيق "كارد بيس" (Cardbase) للهاتف المحمول والذي طرحته الشركة بدأ من البطاقات الرياضية وتوسع إلى "بوكيمون" هذا الربيع، بعد أشهر من الطلبات المكثفة.

التسوق الترفيهي

قال سالم: "هناك جنون حول بطاقات "بوكيمون" في الولايات المتحدة". كما أنه يعتقد أن يترسخ هوس مشابه قريباً في أوروبا، حيث: "يحتاج السوق فقط إلى المزيد من الأدوات والتعليم".

في الولايات المتحدة، جمعت شركة "واتنوت" (Whatnot) حوالي 75.4 مليون دولار، وبلغت قيمتها في مايو أكثر من 500 مليون دولار، وفقاً لبيانات شركة الأبحاث "بيتش بوك" (PitchBook). تتميز مزادات "واتنوت" بشخصيات متخصصة في "بوكيمون" والأزياء والطعام والفئات الأخرى. والنتيجة هي ما تسميه كوني تشان وهي واحدة من المستثمرين والشريك العام في "أندريسن هورويتز"( Andreessen Horowitz) بـ"التسوق الترفيهي". قالت إنها تحظى بشعبية في آسيا، وتستعد للنمو في الولايات المتحدة.

زاد إجمالي مبيعات "واتنوت" عشرة أضعاف لتصل إلى أكثر من 100 مليون دولار خلال العام الماضي، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى عشاق "بوكيمون" المحجورين في المنزل ولديهم أموال إضافية. قال كبير المديرين التنفيذيين غرانت لافونتين، إن الغالبية العظمى من مستخدمي موقعه هم من الرجال من جيل الألفية الذين لديهم دخل يمكن إنفاقه، وقد استخدم العديد منهم شيكات التحفيز الخاصة بكوفيد 19 لشراء بطاقات "بوكيمون". ارتفع إجمالي المبيعات على "واتنوت" ما بين 50% و100% في اليوم الذي وصلت فيه شيكات التحفيز الخاصة بكوفيد، وفقاً لـ "لافونتين" الذي أضاف "تضاعفت الأسعار مرتين أو ثلاث مرات بين عشية وضحاها. المؤثرون يحركون الأسواق ".

وتلقت "بوكيمون" دفعة أخرى بعد بدء اليوتيوبر لوغان بول في شراء مجموعات من الصناديق القديمة المختومة من حزم "بوكيمون" مقابل ما يزيد عن 300 ألف دولار. فقد قام بفتحها في بث حي ومباشر وباع علباً فردية بالمزاد العلني بمبلغ يصل إلى مليون دولار في المرة الواحدة، ما ترك تأثيراً مضاعفاً في جميع أنحاء اقتصاد "بوكيمون". قال لافونتين: "تضاعفت الأسعار مرتين أو ثلاث مرات بين عشية وضحاها. المؤثرون يحركون الأسواق".

كما ساعد في ذلك قيام بول بارتداء بطاقة تشاريزارد بقيمة مليون دولار على قلادة مرصعة بالماس عند حضوره لمباراة الملاكمة مع فلويد ميريويذر .

في موقع تداول البطاقات "ألت بلاتفورم" (Alt Platform)، قال كبير المديرين التنفيذيين ليور أفيدار إنه شهد مؤخراً زيادة "هائلة" في تداول بطاقات "بوكيمون"، حيث يفوق الطلب الآن العرض بشكل منتظم. جمعت "ألت" 30.7 مليون دولار من المستثمرين حتى الآن وبلغت قيمة الشركة 104 ملايين دولار في مارس، وفقاً لبيانات "بيتش بوك". تقدم الشركة الناشئة نفسها كمنصة استثمارية للبطاقات النادرة، وتراوحت قيمة عدد قليل من البطاقات المعروضة في اليوم الأخير من 275 دولارا أمريكي إلى بطاقة "تشانسي" ثلاثية الأبعاد بقيمة 25 ألف دولار، وهو سمندل مكسيكي لطيف.

قال أفيدار: "أصبحت بطاقات "بوكيمون" مطلوبة جداً لدرجة أنه بات من الصعب الاحتفاظ بها على الموقع"، مضيفاً أن الأشهر الثلاثة الماضية كانت نشطة بشكل خاص. "فالمستخدمون هنا يتهافتون على البطاقات بمجرد توفرها".

طلب متراكم ومنصات جديدة

إن استمر جنون "بوكيمون"، فمن المؤكد أن الشركات الناشئة الجديدة ستنضم إلى المعركة. قال ماثيوز من "نايت فينتشرز" إن شركته تتطلع إلى جمع اليوتيوبر ليونهارت الخبير في "بوكيمون" بمدير تنفيذي تقني ثم تمويل جهودهما. وقال ماثيوز إن النتيجة ستكون موقعاً تحركه الأحداث وستجري استضافته على منصة ستُطلق قريباً تسمى "رير كاندي" (Rare Candy).

أوضح ليونهارت، وهو محام سابق اسمه الحقيقي لي شتاينفيلد، إنه يكسب بالفعل ضعف راتبه كمحامي من خلال بث أحداث "بوكيمون" على يوتيوب، وهو حريص على توسيع منصته لتشمل المزادات. وظهر في أحد أكثر المقاطع شهرة له من العام الماضي وهو يفتح حزمة الإصدار الأول ويسحب بطاقة تشاريزارد ثلاثية الأبعاد والبالغة قيمتها 55 ألف دولار. حصد هذا الفيديو 2.2 مليون مشاهدة.

لكن ما يرتفع يجب أن ينخفض، ويخشى البعض من أن زيادة الطلب على "بوكيمون" قد تتحول في النهاية إلى تخمة في العرض. لكن في الوقت الحالي، يبدو عدد البطاقات المصادق عليها احترافياً منخفضاً بشكل مصطنع، لأن الشركات الكبرى التي تقيّم بطاقات "بوكيمون" كانت غارقة في الطلبات المقدمة من العملاء المحجورين في المنزل أثناء الوباء. تبذل "سيرتيفايد كوليكتابلز غروب" (Certified Collectibles Group) جهودها لمواكبة ما يجري، وقد علقت شركة "بروفيشنال سبورتس أوثينتكاتور" قبول بطاقات جديدة في مارس ريثما استأجرت مساحة أكبر، ووظفت مئات الموظفين الجدد وتعاملت مع الطلبات المتراكمة. أما "بيكيت غريدينغ" (Beckett Grading) فقد علقت العمليات العادية في يونيو.

تحدد شركات المصادقة قيمة البطاقة بناءً على ندرتها، ووضوح الصورة، ووضعها وعوامل أخرى، مع حصول أفضل البطاقات على الدرجة 10 والأسوأ على 1. صحيح أن البطاقات غير المصنفة لا تزال لها قيمة، إلا أن الحصول على تصنيف من مجموعة معتمدة يعمل كمضاعف للسعر. بمجرد عودة جهات التصديق عبر الإنترنت بسعة موسعة، سيضرب العرض الجديد سوق إعادة بيع بطاقات "بوكيمون" ويمكن أن يقلبها. قال لافونتيين من "واتنوت": "يمكن أن يؤدي الانتقال من 50 إلى 300 شخص إلى إحداث فجوة في القيمة" للأفراد أصحاب هذه البطاقات.

ومع ذلك، فبالنسبة لبعض هواة جمع البطاقات، فالأمر لا يتعلق بالمال فقط. وضع شاينجر عائدات البطاقات التي باعها بالفعل في دفعة أولى لشقة. لكنه لا يزال يحتفظ بحوالي 100 بطاقة قديمة عالية القيمة في غلاف خاص وليس لديه خطط فورية لبيعها. وأوضح شاينجر : "بها الكثير من الحنين العاطفي. فهي تذكرني بطفولتي".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك