ولاية "نيو مكسيكو" الأمريكية تراهن على صناعة السينما لتحقيق الازدهار

في نوفمبر 2020، أعلنت "نتفلكس" زادت استثماراتها في استديوهاتها في مدينة ألباكيركي، بمقدار مليار دولار، ستنفقها على مدى العقد القادم - المصدر: بلومبرغ
في نوفمبر 2020، أعلنت "نتفلكس" زادت استثماراتها في استديوهاتها في مدينة ألباكيركي، بمقدار مليار دولار، ستنفقها على مدى العقد القادم - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

مجمع ضخم بمساحة 300 فدان في وسط صحراء ولاية "نيو مكسيكو"، يقع على بعد بضعة أميال من الموقع، الذي تُطور فيه الولايات المتحدة أسلحة نووية، وهو يبدو مكاناً جيداً لتصوير حلقة من مسلسل ما وراء الطبيعة الناجح "سترينجر ثينغز" (Stranger Things)، الذي يُبث على شبكة "نتفلكس".

وهو فعلاً المكان الذي سوف يتم فيه تصوير الموسم الرابع من المسلسل، الذي يظهر على خدمة البث الرقمي هذا العام.

إلا أن الذي جلب طاقم التصوير القادم من مدينة "هوكنز" في ولاية "إنديانا" إلى مدينة "ألباكيركي"، لم يكن غموض الأسلحة النووية أو قربها من الكائنات الفضائية المزعومة في مدينة "روزويل" الفضائية، بل الحوافز الضريبية التي نجحت أخيراً في إغراء شبكة "نتفلكس" بالقدوم إلى هذه الأرض الساحرة.

استثمارات ضخمة

تستثمر منصة "نتفلكس" بكثافة في مركزها للإنتاج في مدينة "ألباكيركي"، الواقع في مشروع تطوير "ميسا ديل سول" المترامي الأطراف على هضبة صحراوية جنوب شرق المدينة.

وكانت الشبكة قد اشترت في عام 2018 إستوديوهات "إيه بي كيو"، وهو موقع إنتاج جاهز، بخصمٍ كبير، ووعدت بتصوير مشاريع بقيمة مليار دولار في ولاية "نيو مكسيكو".

وقد منح هذا الاستحواذ الذي بلغت قيمته 30 مليون دولار مشروع "ميسا ديل سول" فرصة جديدة للحياة، والذي هو عبارة مدينة مخططة صممها المهندس المعماري الشهير "بيتر كاثورب" في شركة "نيو إيربانيست"، وقد واجه أوقاتاً عصيبة مؤخراً.

وقال ديفيد كامبل، الرئيس التنفيذي للشركة التي صممت مشروع "ميسا ديل سول": "سوف يحتاج جميع الأشخاص الذين تظهر أسماؤهم في شارة النهاية في الفيلم إلى العثور على مكان هنا لتناول الطعام والعيش والابتكار".

ضاعفت شبكة "نتفلكس" في نوفمبر 2020 من التزاماتها، معلنة عن مشاريع وتطورات جديدة بمليار دولار آخر، بما في ذلك خدمات ما بعد الإنتاج، وباحة خلفية سينمائية، وما يصل إلى 10 استوديوهات صوت ومرافق تدريب جديدة.

وهو ما يجعل من مقرها مركز الإنتاج الرئيس للشركة في أمريكا الشمالية، وواحدة من أكبر مجمعات إنتاج الأفلام في أمريكا الشمالية.

أما بالنسبة لتصوير فيلم المخرج "زاك سنايدر" عن الأحياء الأموات والسرقات المسمى "جيش الأموات" (Army of the Dead)، فقد قام الاستوديو ببناء موقع تصوير يحاكي شارع "لاس فيغاس ستريب" في هذه المنطقة الصحراوية. (وقد رفضت شبكة "نتفلكس" التعليق على هذا المقال).

حوافز ضريبية

قدمت كل من المدينة والولاية حوافز كبيرة لجلب شبكة "نتفلكس" إليها. وبلغت هذه الحوافز 10 ملايين دولار من أموال قانون التنمية الاقتصادية المحلية في ولاية "نيو ميكسيكو"، و4.5 مليون دولار من مدينة "ألباكيركي" في عام 2018، و17 مليون دولار إضافية من الولاية، و7 ملايين دولار من المدينة في عام 2020. فضلاً عن الإعفاءات الضريبية المستمرة للتصوير، والتي تنمو مع تسريع الشركة لعمليات الإنتاج.

وبالتالي، أصبحت شبكة "نتفلكس" من خلال وعدها بالبقاء في المدينة لمدة عقد من الزمان على الأقل، شريك أفلام في ولاية "نيو مكسيكو"، تحصل على أساس ذلك على تعويضات ضريبية غير محدودة عن كل جلسة تصوير تصل إلى 25-30% من التكاليف.

وقال رئيس بلدية المدينة، "تيم كيلر"، في بيان إن هذه الخطوة "سلطت الضوء على الاقتصاد السينمائي القوي لمدينتنا وضمت علامتنا التجارية إلى واحدة من أكبر الشركات في الاقتصاد العالمي الجديد".

المصدر: نتفكلس
المصدر: نتفكلس

هل تنجح الأفلام في تحقيق التنمية؟

ويقدم الدور الجديد لمدينة "ألباكيركي"، بصفتها مركز إنتاج شبكة "نتفلكس" في أمريكا الشمالية، دراسة حالة حول ما إذا كان هذا النوع من المساعدات الصناعية يؤتي ثماره في النهاية بالنسبة للمجتمعات المضيفة.

ويأمل المسؤولون المحليون ألا تؤدي الصفقة إلى تحفيز التنمية الاقتصادية المحلية فحسب، بل إلى بناء نظام بيئي دائم لإنتاج الأفلام والتلفزيون في المنطقة.

حيث إن صناعة المحتوى في ازدهار مما يجعل البحث عن مساحة لإستوديوهات أمراً تنافسياً.

فقد أعلنت شركة "ديزني" في ديسمبر الماضي، أنها ستنفق ما يصل إلى 9 مليارات دولار سنوياً على بث المحتوى بحلول عام 2024.

ثم هناك "أليشيا جيه كيز" التي اقترحت على شبكة "نتفلكس" شراء إستوديوهات "إيه بي كيو" خلال فترة عملها في عام 2018 كرئيسة مكتب أفلام "ألباكيركي"، لأن الحوافز تشكل استثماراً ذكياً في قطاع متنامٍ، وليس سباقاً على غرار ما تقوم به شركة "أمازون" من خلال مقرها الجديد "إتش كيو 2".

وقالت "كيز"، أحد مديري ديزني السابقين، والتي تشغل حالياً منصب سكرتير مجلس الوزراء للتنمية الاقتصادية لولاية "نيو مكسيكو" تحت إشراف الحاكمة الديمقراطية "ميشيل لوغان غريشام": "أنتم شركاؤنا. نحن نستثمر فيكم لأنكم تستثمرون فينا".

مخاطر محتملة

ولكن هناك آخرون ممن يحذرون من المخاطر التي ينطوي عليها الرهان على اتخاذ إنتاج الأفلام كاستراتيجية للتنمية الاقتصادية.

يقول "بات غاروفالو"، مدير السياسات الحكومية والمحلية في مشروع الحريات الاقتصادية الأمريكية غير الربحي ومؤلف كتاب (The Billionaire Boondoggle) أو "مشروع الملياردير غير المجدي"، إن مثل هذه الصفقات تؤدي إلى "التطهير التنافسي الأبدي"، حيث يتعين على الولايات والمدن أن تنفق المزيد باستمرار لدعم الصناعة التي دفعت لها لتأتي إليها في المقام الأول.

وليس من المستغرب أن يعتقد الكثير في صناعة السينما المحلية أن ما يحصل نعمة.

يقول "إيفان وينر"، المؤسس والمدير التنفيذي لمهرجان تجربة "ألباكيركي" للأفلام والموسيقى السنوي، إن شبكة "نتفلكس" شكلت صفقة رائعة بالنسبة للمدينة والصناعة. وصحيح أن الحماس خَفُتَ في ظل الجائحة وتوقف التصوير مؤقتاً، بما في ذلك مشاريع شبكة "نتفلكس" الكبيرة مثل الفيلم الغربي للممثل "إدريس ألبا"، "ذا هاردر ذاي فول"، إلا أن الكاميرات عادت للعمل مرة أخرى.

وشكَّل الإنتاج خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021 فعلياً ضعف إنتاج الربع الأخير من عام 2020، ومن المتوقع أن يكون هذا العام عاماً "محطماً للأرقام القياسية"، كما تقول "كارين كريسويل"، منسقة الأفلام في المدينة.

وقال وينر: "قام إعلان صدر مؤخراً عن تجارب أداء لممثلين ثانويين لمسلسل "سترينجر ثينغز" بجذب نحو 4 آلاف شخص للمشاركة، وهذا النوع من الاهتمام مؤثر للغاية".

ازدهار متوقع في 2021

تأتي عملية استحواذ شبكة "نتفلكس" وتوسعها في "ألباكيركي" بعد أن أدت حروب البث الرقمي إلى ازدهار الإنتاج التلفزيوني.

فقد ارتفع عدد البرامج التلفزيونية في وقت ذروة الإنتاج لشبكة "إف إكس" من نحو 250 إنتاجاً قبل عقد من الزمن، إلى 532 إنتاجاً في عام 2019.

ويمكن القول إن شبكة "نتفلكس"، التي تستحوذ حالياً على 20% من سوق البث الرقمي، هي المسؤولة عن هذا النمو أكثر من أي شيء آخر.

وقامت شبكة "نتفلكس" في خطوة شبيهة بالتي قامت بها في ولاية "نيو مكسيكو"، بتطوير مركز ضخم للمحتوى أيضاً خارج العاصمة الإسبانية مدريد.

وقال روبرت ماريش، مؤلف كتاب "التسويق لرواد السينما" (Marketing to Moviegoers): "إنهم ينفقون الكثير من الأموال لدرجة أنهم يقودون الصناعة. إن هذا التكامل الرأسي غير مسبوق. وهم يغيرون العادات والممارسات الصناعية لتوظيف المواهب، وينفقون الكثير من المال، وعلى الجميع التيقظ والانتباه لذلك".

مدينة ألباكيركي المشمسة

يعتقد "ماريش" أنه لطالما كانت هوليوود بحاجة إلى مساحة كبيرة للتصوير، فإن رهان مدينة "ألباكيركي" على شبكة "نتفلكس" يظل آمناً.

ولطالما وصفت المنطقة نفسها بأنها بديل أقل تكلفة لجنوب كاليفورنيا، وهو ما يؤكده الفيلم الوثائقي "صنع في نيو مكسيكو" لعام 2012.

فالمدينة قريبة بما فيه الكفاية من الإستوديوهات الحالية لمراقبة الإنتاج بسهولة، وتكاليف الأرض منخفضة، والسماء مشمسه لمدة 310 يوماً خلال العام.

وقد جلبت آخر سنة مالية كاملة من الإنتاج ما قبل الجائحة 525.5 مليون دولار إلى اقتصاد الولاية.

وأعلنت مجلة قطاع السينما "موفي ميكر" أن "ألباكيركي" هي أفضل مكان لإنتاج الأفلام لثلاث سنوات متتالية.

ويعود تاريخ صناعة الأفلام في الولاية إلى عام 1898، عندما تم تصوير "المدرسة النهارية الهندية" (Indian Day School) بكاميرا من تصميم توماس إديسون.

وبدأت الحوافز منذ عام 2002 في تحويل صناعة الأفلام إلى تجارة كبيرة في ولاية "نيو مكسيكو"، مما أكسب الولاية لقب "تامالوود".

وتم تصوير المسلسل "بريكنغ باد" (Breaking Bad) هنا في عام 2006، بعد أن أقنعت الحوافز المنتجين بالانتقال من منطقة "إنلاند إمباير" في ولاية كاليفورنيا، والذي جعل الثقافة الشعبية للمدينة ذات صلة.

ولا يزال المسلسل يجتذب السياح الذين يتطلعون إلى زيارة مواقع التصوير وشراء حلوى "الميثامفيتامين" المزيفة باللون الأزرق. (تؤدي الإحداثيات التي دفنت فيها شخصية ووكر وايت الأموال في المسلسل، إلى إستوديوهات "إيه بي كيو").

المصدر: صور غيتي
المصدر: صور غيتي

ويقول وينر، إن مسلسل "بريكنغ باد" غيَّر مشهد المدينة، ففي نفس العام الذي بدأ فيه تصوير المسلسل، افتتحت شركة "ريل سلوشنز" (Reel Solutions) أبوابها، وهي شركة إرشاد واستشارات محلية لصناعة السينما.

وقال: "أظهر العرض مدينة ألباكيركي على أنها إحدى شخصيات المسلسل. في وقت كان يتطلب الأمر من العروض الحائزة على جوائز أن تُعرض أمام الناس أسبوعاً بعد آخر لجذب الانتباه إلى ما يحدث في ولاية نيو مكسيكو فعلاً".

المواهب المحلية

ولقد بدأت استوديوهات أخرى بالانتباه لما يحدث. ففي عام 2019، أعلنت شركتي "ليونز غيت" (Lionsgate) و"إن بي سي يونيفيرسال" (NBCUniversal) عن خططٍ لبناء مجمع إستوديو جديد في وسط المدينة، وخطط إنفاق قيمتها نصف مليار دولار.

ومع نمو الصناعة، توسعت مساحة العرض، وأصبح في المدينة اليوم مجتمع خبير من عمال طواقم السينما والإنتاج الموهوبين.

كما تفتقر "ألباكيركي"، وولاية "نيو مكسيكو" إلى الجوانب السلبية التي تثني المنتجين، كما يقول "توم نونان"، المنتج السابق والأستاذ في كلية المسرح والسينما والتلفزيون في جامعة كاليفورنيا، والذي صور موسمين من مسلسل "كراش تي في" (Crash TV) في المدينة.

وقال "نونان": "الحوافز شيء مهم، ولكن إذا لم تكن لديك البنية التحتية لتغذية هذه الإنتاجات العملاقة، أو الحرفيين، فإن صناع الترفيه في النهاية لا يوفرون الكثير من المال، لأنهم سوف يحتاجون لإحضار طاقم عمل بالطائرة".

يعد وجود هذه البنية التحتية والمواهب المحلية في متناول اليد على المدى الطويل بمثابة تحوط ضد غياب القدرة على الاستشراف في صناعة البث الرقمي (أدت نتائج شبكة "نتفلكس" للربع الأول، والتي تراجعت بمقدار 2 مليون اشتراك عن أهدافها، إلى تراجع أسهمها بنسبة 11% في وقت سابق من شهر مايو).

وأضاف "نونان": "لم أرَ قط استثماراً في إستوديوهات لا يؤتي بثماره. إذا بنوها، فسوف يأتون. أعتقد أن الجميع فائزون ومستفيدون من هذا. لا يوجد ما هو مؤذٍ في هذا السيناريو، بل هي قصة هوليوود بنهاية سعيدة".

خلق الوظائف

وتقول "كيز"، إن الحوافز التي تمنحها لشبكة "نتفلكس" تخلق بالفعل وظائف وتفتح شركات محلية.

عندما قامت شبكة البث الرقمي بشراء إستوديوهات "إيه بي كيو"، وعدت بتوفير 900 وظيفة جديدة والبقاء لمدة 10 أعوام.

وقالت إن مجتمع السينما في المدينة يضم حالياً أكثر من 1,500 من أعضاء طاقم النقابة المحلية الذين يكسبون ما معدله 52 ألف دولار سنوياً.

استخدمت شبكة "نتفلكس" أيضاً أكثر من ألفي بائع محلي، وتعاونت مع الشركات المتخصصة التي توفر خدمات الحراسة والأمان لمواقع الأفلام، وقامت باستئجار سيارات الشرطة، وشراء الزجاج المستخدم في أفلام الحركة.

كما قامت شركات مثل شركة "كرافتي إيبس"، بفتح مقر لها في المدينة، وهي شركة مؤثرات خاصة كاملة الخدمات، وظفت متخصصي مؤثرات بصرية محليين.

ويقول "وينر"، إن المدينة كانت نقطة جذب لمواهب تصميم الأزياء للأفلام والشركات المتخصصة ذات الصلة بالأفلام، والتي انتقلت غالباً من ولاية كاليفورنيا ومراكز أفلام أخرى مثل ولاية لويزيانا.

تأثير يمتد للجامعات وحتى العقارات

ويشارك قطاع التعليم العالي في "ألباكيركي" في هذه الحركة المزدهرة، حيث تمتلك "جامعة نيو مكسيكو" مرافق على الجانب الآخر من الشارع من إستوديو عملاق البث الرقمي، كما أن "كلية سنترال نيو مكسيكو" المجتمعية تنوي طرح برنامج دراسي في المحاسبة السينمائية بالشراكة مع شبكة "نتفلكس".

وقد تم تعيين طلبة من المتخصصين بدراسة الأفلام من كلا المؤسستين للتصوير، كما لا يزال برنامج أكثر رسمية مع شبكة "نتفلكس" قيد التطوير.

وتقول "مولي ريكمان"، نائب رئيس المبيعات في شركة الفنادق والمنتجعات "هيراتيج هوتيلز أند ريزورتس"، إن زيادة إنتاج الأفلام أثرت على معدلات الإشغال ومبيعات المطاعم.

وشهدت مجموعة من شركات الأعمال التجارية التراثية مثل "فندق شاكو"، و"فندق ألباكيركي" وسوق "سوميل ماركت" والواقعة جميعها في منطقة سوميل الجذابة "نمواً هائلاً" منذ عام 2019. وقد بدأت بالانتعاش منذ أن بدأ تخفيف القيود المفروضة على التصوير في شهر يناير الماضي، مع بقاء أطقم العمل والمواهب في الفنادق المحلية.

"ميسا ديل سول"

ولكن قد يكون الفائز الأكبر من توسع شبكة "نتفلكس" هم جيرانها في مشروع "ميسا ديل سول".

حيث كان التصور الأول لهذا المشروع هو بناء مدينة "خضراء" تضم 100 ألف نسمة، إلا أن النمو الحضري تأخر في ظل الركود الكبير. واليوم بدأت منازل جديدة في الظهور مرة أخرى. ويضم المشروع حالياً مكتباً إدارياً يضم ألف و250 موظفاً من شركة "فيديليتي" للإدارة المالية.

ولدى المشروع خطط تشمل بناء 37 ألف وحدة سكنية موزعة على أكثر من 22 ميلاً مربعاً (1ميل مربع = 2.6 كم مربع) من الحدائق والمكاتب ووحدات التطوير متعددة الاستخدامات. ويقول "كامبل" إنه سيتم تصميم بعض هذه المساكن على وجه التحديد لتأجيرها بشكل موسمي للعاملين في الأفلام.

وقال: "أعلنت شبكة "نتفلكس" عن التوسع منذ نحو 6 أشهر فقط، وقد تلقيت بالفعل الكثير من الاستفسارات من أشخاص يمكن أن يتعاقدوا مع الشبكة، والذين سيجدون منازلاً هنا أيضاً".

المصدر:  ميسا ديل سول
المصدر: ميسا ديل سول

انتقادات وتساؤلات

ولكن كل هذا الحماس لم يطغَ تماماً على الأسئلة العالقة حول قيمة الحوافز الضريبية. وقد وصف ممثل الولاية "رود مونتويا"، والذي يمثل المجتمع الريفي في بلدة "فارمنغتون"، البرنامج بأنه "منحة من أموالنا للناس في الولايات الأخرى"، قائلاً، إن الولاية تحصل على نحو 45 سنتاً مقابل كل دولار تنفقه.

ويَدّعي "بات غاروفالو"، الذي يكتب عن التأثير السلبي للإعانات الحكومية، أن صفقات شبكة "نتفلكس" التي أبرمتها ولاية "نيومكسيكو "ومدينة "ألباكيركي" هي مجرد "خداع".

وقال: "كل تحليل مستقل بحث في هذا، يجد أن برامج تحفيز الأفلام تدفع بنسات مقابل الدولار. مثل الملاعب. لا توجد طريقة مناسبة للقيام بذلك. ونحن نرى الأمر يتكرر حرفياً مرة أخرى".

إن مدينة "ألباكيركي" ليست أول مدينة يغريها الوعد الاقتصادي بصناعة الأفلام. فهناك أمثلة كثيرة على البلدات التي حاولت وفشلت في أن تصبح هوليوود التالية، بما في ذلك مدينة "أوستن"، التي بدأت تعتبر نفسها الساحل الثالث في أواخر السبعينيات في محاولة لجذب الإنتاج السينمائي والتلفزيوني.

ولاحظ "غاروفالو" في بداية عام 2000، أن العديد من الولايات أنفقت الأموال على حوافز إنتاج الأفلام لترى شركات الإنتاج تخرج منها بحثاً عن تكاليف منخفضة عندما يكون ذلك مناسباً مالياً أو سياسياً.

قامت ولاية جورجيا، على سبيل المثال، بتقديم مجموعة مماثلة من الإعفاءات الضريبية للتصوير بدءاً من عام 2005، حيث تقدم نسبة 30% من الإعفاءات الضريبية القابلة للتحويل. ومنذ بدء هذا البرنامج، أصدرت الولاية ائتمانات بقيمة 5 مليارات دولار، وهي عبارة عن ثروة ساعدت في جذب عشرات الإنتاجات السينمائية والتلفزيونية، بما في ذلك فيلم "بلاك بانثر" ومسلسل "ذا ووكينغ ديد" والمواسم السابقة من مسلسل "سترينجر ثينغز".

الجدوى من الإعفاءات

إلا أن خبراء الاقتصاد أثاروا تساؤلات حول جدوى الإعفاءات الضريبية وتكلفتها، خاصة في الوقت الحالي بعد أن أدت الدعوات لمقاطعة الولاية بسبب قوانين التصويت التقييدية، إلى توجه شركات الإنتاج للتصوير في أماكن أخرى. (على سبيل المثال، نقلت الممثلة، كريستين ويغ، أحدث أفلامها من ولاية جورجيا إلى مدينة ألباكيركي، بينما نقل الممثل، ويل سميث، تصويراً بميزانية كبيرة إلى مدينة نيو أورلينز).

إلا أن "ألباكيركي" ليست غريبة عن هذا النوع من النزاعات. ففي عام 2011، صورت شركة "مارفل" فيلم "أفنجرز" الأصلي في المدينة، كما قال وينر. والذي أضاف أنه عندما بدأت التخطيط لمشروعها السينمائي التالي، قالت الحاكمة آنذاك، سوزانا مارتينيز، إنها لن تمنحهم الحوافز المالية التي كانوا يبحثون عنها. وهو ما عزز قراراهم في جعل ولاية جورجيا مركزاً لإنتاج شركة "مارفل"، وهي علاقة مستمرة حتى يومنا هذا.

ويوافق "غاروفالو" بأن خلق وظائف إنتاج بالمدينة هو أمراً له قيمة، إلا أنه يرى أنه يتم إنفاق الكثير من الأموال لجذب "أنظمة عابرة" هو أمر يجعل هذه الوظائف، ببساطة طريقة غير مستدامة للاستثمار.

وعلى الرغم من المخاطر المصاحبة لهذا النوع من الاستثمار، فإن مؤيدي الاحتضان الاقتصادي لصناعة السينما في المنطقة متفائلون.

وهو ما سيضمن إنتاج المزيد من العروض والأفلام الناجحة هناك، كما يقول ماريش. وذلك على مدى سنوات من العمل الثابت الذي سيؤثر في المدينة بشكل هائل.

ويجري العمل حالياً على 10 إنتاجات تم استكمال بعضها مؤخراً، بناءً على ما أفاده مكتب الأفلام الحكومي، بما في ذلك الموسم الأخير من مسلسل "بريكنغ باد" والمسلسل الذي انبثق منه "بيتر كول سول" (Better Call Saul).

وتقول "كيز "، إن مدينة "ألباكيركي" في خضم توقيع مع شريك لإستوديو ثالث كبير، وهي صفقة من المتوقع الإعلان عنها في شهر يونيو.

ويتوقع خبراء الاقتصاد في الولاية أن توسع شبكة "نتفلكس" في عام 2020 وحده سيحقق 4.19 مليار دولار من الناتج الاقتصادي للولاية على مدار العقد المقبل.

وتابع وينر: "أرى أن الإنتاج سيتضاعف خلال العامين المقبلين على الأقل. سيكون الانتاج ضخماً".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك