تشير تقديرات إلى استمرار قوة سوق العمل في أكبر اقتصادين عربيين وهما السعودية والإمارات، ما يعزز الوظائف المتاحة والرواتب في كلا البلدين، وفق أحدث مسح أُجري على شركات بالمنطقة.
يأتي ذلك في الوقت الذي تشير تقديرات إلى تفوق أداء اقتصاد البلدين على أغلب الأسواق الناشئة خلال العام المقبل، إذ يتوقع أن ينمو اقتصاد السعودية بنسبة 4.7% والإمارات بنسبة 4.8%، مقارنة بنمو قدره 3.8% للاقتصادات الناشئة.
تعزيز التوطين وتنويع الاقتصاد في السعودية
يُتوقع أن ترتفع الرواتب في المملكة العربية السعودية العام المقبل بنسبة 2% بمختلف القطاعات، مدفوعة بالتخطيط المالي الدقيق واستثمارات ضخمة في قطاعات غير نفطية من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وفق تقرير دليل الرواتب لعام 2025 الصادر عن "كوبر فيتش" (Cooper Fitch) الذي اعتمد في تقديراته على مسح أجراه على 1000 شركة ومؤسسة في منطقة الخليج.
ويشير التقرير إلى زيادة عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص من 1.7 مليون عام 2019 إلى 2.3 مليون في 2024، في ظل مواصلة المملكة تعزيز بنيتها التحتية والسياحية عبر مشاريع ضخمة مثل "البحر الأحمر" و"العلا"، ما يخلق طلباً متزايداً على الكفاءات في قطاع الضيافة. وساهمت مبادرات جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في دعم النمو الاقتصادي.
انخفض معدل البطالة في بالمملكة خلال الربع الثاني 2024 إلى 7.1%، مقترباً بشكل كبير من مستهدف رؤية 2030 البالغ 7%، ويعد ذلك أدنى مستوى للبطالة بحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء التي تعود لعام 2021، كما أنها الأقل منذ 1999 وفق بيانات البطالة لدى البنك المركزي السعودي. وواصل معدل البطالة بين السعوديين مساره الهابط خلال تلك الفترة، حيث انخفض بمقدار 0.5 نقطة مئوية عن الربع الأول من 2024، وبانخفاض سنوي كذلك بنحو 1.4 نقطة مئوية مقارنة بالربع الثاني من عام 2023.
القطاع العقاري يحرك الوظائف في الإمارات
وفي الإمارات، من المتوقع أن تستقر الرواتب خلال العام المقبل، مع نمو الناتج المحلي الإجمالي المتوقع بنسبة 6.2%، وفق التقرير الذي أشار إلى أن الدولة نجحت في تنويع الاقتصاد وزيادة تنافسيتها على الصعيد العالمي، إذ زاد العاملون في قطاع العقارات بنسبة 42%، إلى جانب قفزة بنسبة 94% في الوظائف المعلنة ضمن القطاع نفسه.
وفي المقابل، يشير مسح آخر أجرته مؤسسة "ميرسير" (Mercer) إلى أن رواتب العاملين في جميع القطاعات بالإمارات ستزيد بنسبة 4% العام المقبل. كما توقعت الدراسة أن أكثر من ربع الشركات تخطط لزيادة أعداد الموظفين لديها في 2025.
وتُعتبر التكنولوجيا والعقارات من أبرز القطاعات الرائدة في استقطاب الكفاءات بالإمارات، كما سجلت البلاد تدفقاً للاستثمارات الأجنبية المباشرة بأكثر من 30 مليار دولار في 2023، وفقاً للتقرير.
في كل من السعودية والإمارات، تشير المؤسسة إلى أن التحدي الأساسي يكمن في مواءمة سياسات التوظيف مع متطلبات الاقتصاد المتغير، إضافة إلى دعم خطط التوطين في كلا السوقين.
ثروات المنطقة تعزز جودة الوظائف
ساهم جذب المنطقة للأثرياء إلى استقطاب موظفين ووظائف نوعية جديدة في ظل افتتاح مكاتب ونقل مقرات إقليمية بكل من السعودية والإمارات. ففي السعودية، بلغ عدد الشركات متعددة الجنسيات التي حصلت على تراخيص لإنشاء مقرات إقليمية لها في الرياض 540 شركة ما يعزز عدد الوظائف المتاحة وجودتها.
وما يعزز هذا التوجه، حصول أحد أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم وهي "بلاك روك"، على رخصة تجارية للعمل في أبوظبي للعمل بشكل أوثق مع صناديق الثروة السيادية ومديري الثروات وشركات الاستثمار في الإماراة. يأتي ذلك بعد أن حصلت الشركة في أكتوبر على موافقة السعودية لإنشاء مقرها الإقليمي في الرياض.
