في ظل معاناة العديد من قطاعات الرفاهية تحت وطأة الوباء على مدار العام الماضي، ارتفعت قيمة وشعبية بعض فئات الساعات، وكان أبرزها الساعات الكلاسيكية.
فعلى سبيل المثال، ذكرت دار "سوذبيز" للمزادات في ديسمبر الماضي، أن مبيعاتها في المزادات العالمية للساعات بلغت 97.5 مليون دولار خلال العام الماضي.
وبلغت القيمة الإجمالية لمبيعات أكثر من 140 ساعة عبر الإنترنت ما يصل إلى 47.4 مليون دولار، أي ما يقرب من ثمانية أضعاف المبيعات، وخمسة أضعاف القيمة المحققة في عام 2019.
وفي الوقت نفسه، انخفضت قيمة صادرات الساعات السويسرية الجديدة بنسبة 21.8%، بحسب اتحاد صناعة الساعات السويسرية، ويرجع ذلك جزئياً إلى إغلاق المصانع لأشهر عديدة.
ومع ذلك، يبدو أن صانعي الساعات على وشك تسجيل انتعاش، فقد قدّم الكثير منهم إصدارات جديدة في أبريل الماضي بمعرض "الساعات والعجائب" التجاري (Watches and Wonder). لكن لا شك اليوم في أن سوق الساعات الكلاسيكية هو الأقوى على الإطلاق.
أن تشتري قطعة من التاريخ
يبدو أن الساعات الكلاسيكية تتمتع بجاذبية خاصة في عامٍ بالغ الصعوبة. وقد يكون الأمر متعلق بحنين إلى حقبة مضت من التصميم، أو قصة مثيرة للاهتمام، أو أمر يمكن أن يتحول لقصة في حياتك، أو نتيجة لبعض البحوث التاريخية المثيرة التي قمت بها في أوقات الفراغ، أو حتى الشعور بالانتصار عند العثور على قطعة يتوق الجميع ليظفر بعد معركة في مزاد.
وكما هو الحال، ثمة فرص لحيازة طراز أو علامة تجارية لساعة ما بسعر معقول نسبياً، مقارنة بالجديدة منها التي تكون في متناول أولئك الأكثر ثراءً فقط.
ولإتمام خطوة الشراء، كثيراً ما يفكر هواة الساعات، الذين أصبحوا أكثر جدية حالياً، في وقت أصبح فيه مجال جمع الساعات أكثر إثارة في الأعوام العشرة الماضية.
فعند شراء ساعة جديدة، يتعين على المرء في كثير من الأحيان إدراج اسمه ضمن لائحة انتظار لشراء ساعة عصرية جديدة، أو يمكنه شراء ساعة جديدة ذات ضمان بسهولة من تلك الساعات التي يمكن لأي شخص الحصول عليها.
وتعتبر تلك الاحتمالات غير مرجحة عند البحث عن قطعة تاريخية، وهي عملية يمكن للمرء منحها قدراً أكبر من الوقت، خاصة أنه يتمتع في النهاية بشيء فريد من نوعه أثبت احتفاظه بقيمته بمرور الوقت.
ويمكن أن تكون هذه الحجة عادلة لتبنيها، لكن خلال هذا الشهر ومع طرح أفضل شركات صناعة الساعات لطرازات حديثة، فإن الأمر يستحق النظر في عجائب وأمجاد ساعة جديدة تماماً، ومزايا امتلاك شيء مصنوع من أحدث التقنيات.
الجديد ينتصر على سحر الماضي
ومن صانعي الساعات، روديغر ألبرز، مدير صانع الجواهر الأمريكي "ويمب" (Wempe USA)، الذي يبيع ساعات مماثلة لـ"رولكس" و"باتك فيليب" و"تيودور" و"كارتييه" و"تاغ هوير".
وبعد مشاهدة بعضاً من أكثر الساعات المرغوبة في العالم وهي تباع سريعاً، أشار "ألبرز" إلى راحة البال التي توفرها الضمانات المقدمة من مصنعي الساعات اليوم، فضلاً عن سهولة تقديم الخدمات بشكل أكبر نظراً لتوفر قطع غيار الساعات.
وأفاد ألبرز: "حالياً، أصبحت العديد من العلامات التجارية التي نرتديها تتمتع بتصاميم مستوحاة من الطرازات الكلاسيكية. وهي توفر ذلك مع أعلى مستوى من الموثوقية، وغالباً ما يزداد فيها احتياطي الطاقة والمواد المقاومة للخدش، وكل ذلك بفضل التكنولوجيا الحديثة".
وأوضح: "في كثير من الأحيان، يمكن غمر هذه الساعات بالمياه دون القلق بشأن الإطارات العتيقة المخصصة لمنع التسرب الميكانيكي، التي قد تتسبب في فشل صيانة الساعات القديمة ذات الخدمات المحدودة. ففي ظل محدودية توفر قطع الغيار، فإن هذا الأمر قد يعني نهاية العمر الافتراضي للساعة، وبالتالي ضياع استثمارك".
الجمع بين الميزتين
ويقول جوليان تورنار، الرئيس التنفيذي لصانع الساعات السويسرية "زينيث": "امتلاك ساعة كلاسيكية يشبه امتلاك قطعة من التاريخ، فالأمر لا يتعلق بالعلامة التجارية وموديل الساعة فقط، بل أيضاً مالكي تلك القطعة التي ربما تواجدت قبلك".
وأضاف: "تلك القطعة لديها أيضاً سمات مميزة تكتسبها بمرور الوقت، وتكون فريدة لكل قطعة بعينها، مثل تغيّر لونها بمرور الوقت".
وجدير بالذكر أن شركة "زينيث" قد اشتهرت بالتنقيب في أرشيف منتصف القرن العشرين في الأعوام الأخيرة لإنتاج قطع معاصرة ذات نكهة كلاسيكية.
ويجادل "تورنار" بأن شراء ساعة جديدة مستوحاة من الطرازات القديمة يُمكنّك من الحصول على أفضل ما في العالمين، حيث "يمكنك امتلاك جزء من التاريخ مع الاستفادة في الوقت نفسه من أحدث التطورات التكنولوجية".
تقنيات مثيرة
وفي الوقت نفسه، تعتبر فكرة أن تكون أول من يمتلك تقنية جديدة ميزة أيضاً. ففي أبريل الماضي، أصدر صانع ساعات اليد الفاخرة السويسري "فريدريك كونستانت" ساعة بمذبذب سيليكون متجانس جديد، مما يوفر لها أعلى تردد مقارنة بأي ساعة ميكانيكية في السوق.
وفي نفس الشهر أيضاً، ابتكر صانع الساعات الإيطالي "بانيراي" (Panerai) ساعة غطس مصنوعة من مواد معاد تدويرها بنسبة 98.6%، كما ضغطت شركة "بولغري" التقويم الدائم في هيكل تيتانيوم رقيق بسمك يقل عن 6 مم في أحدث طرازاتها المعروفة باسم "أوكتو فينيسيمو".
ولم تشهد صناعة الساعات ظهور مثل هذه الأشياء من قبل، لكن المشترين اليوم سيحصلون على قطع مثيرة من التاريخ.
وفي الواقع، إذا كان العثور على ساعة جديدة ذات قيمة طويلة الأمد، وجدارة الحصول عليها أمراً يثير قلقك، فهناك أماكن عديدة يمكنك البحث فيها، إذ يمكنك تجربة ساعة ذات ابتكار جديد من علامة تجارية كبيرة وعريقة مثل تلك التي ذُكرت للتو.
ويمكنك أيضاً أن تضع في اعتبارك صانعي ساعات المستقلين، مثل "إم بي آند إف" (MB&F) و"لوران فيرير" (Laurent Ferrier) و"غروبل فورسي" (Greubel Forsey)، الذين يصنعون عدداً محدوداً من الساعات ذات الأساليب الإبداعية لضبط الوقت، مع عرض آليات جميلة بصفقات مذهلة.
ضمان وخدمة جيدة
وسواء كان طراز الساعة عصرياً أو كلاسيكياً، فإن أمثلة رائعة عديدة تُصبح على الفور كلاسيكيات يمكن الحصول عليها، خاصة أن الحديث يبدأ دائماً بمظهرها المثير للاهتمام.
ويعتبر جاريد سيلفر، رئيس مجموعة "ستيفن سيلفر" للمجوهرات والساعات ومقرها كاليفورنيا، بطل مثل هذه العلامات التجارية.
ويقول سيلفر: "عملاؤنا يقدرون كل من جدارة الحصول على ساعة ما والأداء المالي لها". وأوضح: "عند اختيار شركائنا في مجال الساعات، توجهنا نحو العلامات التجارية المستقلة لأننا نعتقد أن لديها الإمكانات الأكبر من بين الجميع في صناعة الساعات لتلبية كلا الاعتبارين".
وعند الحصول على ساعة من مثل هذه العلامات التجارية، ستحصل على ضمان وخدمة جيدة، بينما ستنضم للمبدعين في رحلتهم كصنّاع ساعات.
ويقول سيلفر، إنها "علاقة غالباً ما تصبح شخصية"، مضيفاً: "السعي وراء القطع الكلاسيكية يظهر، لأنها كانت أكثر القطع إبداعاً أو تطوراً في عصرها. لذا أود أن أحث العملاء على استخدام المعيار ذاته عند التفكير في الساعات الجديدة".