ما الذي حصل لأحذية "تومز"؟

تصميم "ألبارغاتا" هو الحذاء الأفضل مبيعاً لعلامة "تومز" التجارية، ولكن الشركة تحاول تغيير ذلك حالياً. - المصدر: بلومبرغ
تصميم "ألبارغاتا" هو الحذاء الأفضل مبيعاً لعلامة "تومز" التجارية، ولكن الشركة تحاول تغيير ذلك حالياً. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تسعى أحذية "تومز" (Toms) التي حظيت بشعبية واسعة في السنوات الماضية للعودة إلى الموضة.

ولهذه الغاية، تعمل العلامة التجارية على توسيع قاعدة عملائها بما يتجاوز جيل الألفية الذي كان قد أغرم بتصاميمها سهلة الانتعال والمريحة، وبسياسة الشركة التي كانت تتبرع بحذاء لأطفال محتاجين مقابل كلّ حذاء يتم بيعه.

وبغية التواصل مع الجيل الجديد من المراهقين والشباب في العشرينات، الذين يطلق عليهم تسمية "الجيل زد"، أنهت العلامة التجارية سياسة التبرع بالأحذية التي شكلت علامتها الفارقة قبل عقد من الزمن، وأعلنت عن تخصيص ثلث أرباحها لقضايا تلقى اهتمام زبائنها من الشباب، مثل العنف المسلح.

وبالتالي، أعادت الشركة رسم سياستها التسويقية من أجل التركيز على المراهقين، فيما تسعى للترويج لأحذيتها الرياضية أيضاً.

ويأتي كلّ ذلك في إطار خطة الشركة للتعافي من التدهور الكبير الذي أصابها. فبعد أن كانت تصاميمها تتصدر مجلة "فوغ" وينتعلها مشاهير أمثال سنوب دوغ وآن هاثواي، انتقلت إدارتها إلى أصحاب الأسهم الخاصين الذين كادوا يقودونها إلى الانهيار. إذ كان المقرضون قد تولوا السيطرة على الشركة المحملة بالديون في ديسمبر عام 2019. وقد أتى المدير التنفيذي السابق في "نايكي" و"كونفيرس" ماغنوس ويدهامار، بعد ذلك بفترة قصيرة من أجل معالجة الفوضى التي خلفوها.

وقال ويدهامار: "ليس سراً أنه في خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية، عانت تومز من تراجع في الإيرادات"، مع ذلك، لا يزال اسم العلامة التجارية معروفاً، مضيفاً "معظم أبناء الجيل زد سمعوا بأحذية تومز".

ولجذب زبائن من الـ"جيل زد"، تخطط الشركة التي تتخذ من لوس أنجلوس مركزاً لها، لإدخال نموذج التبرعات الجديد الذي ستعتمده ضمن سياستها التسويقية. إذ تسعى "تومز" للحدّ من الاعتماد على العارضين والعارضات المحترفين، وتسليط الضوء على الشباب المناصرين للقضايا التي تدعمها الشركة.

كذلك، تعمل الشركة على تعزيز خط الأحذية الرياضية التابع لها. حيث كان من أبرز الأسباب التي أدت إلى تدهور الشركة اعتمادها الكبير على تصميم "ألبارغاتا" سهل الانتعال الخاص بها، والذي كان يسهم بنصف إيرادات الشركة في السابق. وقد كان وقع ذلك مؤذياً بشكل خاص مع توجه الأمريكيين نحو الأحذية ذات المظهر الرياضي، أو حتى عدم شراء أي أحذية على الإطلاق خلال وباء كورونا.

واليوم، تطرح الشركة نسخاً من نموذجها الشهير، ولكن بتصميم أشبه بالحذاء الرياضي المزوّد بنعل أكثر سماكة.

ويقول ويدهامار: "أمامنا فرصة كبيرة لمنح الألبارغاتا طابع الحذاء الرياضي"، مشيراً إلى استخدام مواد تتلاءم مع عناصر الطقس المختلفة، مثل الفرو الصناعي والنعال المطاطية، وذلك من أجل صنع حذاء رياضي يتماشى مع الموضة. مع ذلك، أقرّ ويدهامار أن توقعاتهم متواضعة على صعيد الأداء، مضيفاً: "لا نقول إننا سنصنع أحذية رياضية تنافس نايكي وأديداس".

المصدر: شركة "تومز".
المصدر: شركة "تومز".

وكان تدهور شركة "تومز" قد أثار التساؤلات حول مدى استدامة التبرع بكمّ هائل من المنتجات (كانت الشركة قد أعلنت عن التبرع بـ95 مليون زوج من الأحذية حتى عام 2019). وأعلنت "تومز" التي تحمل شهادة "مؤسسة بي" إن تغيير نموذجها في التبرعات خطوة صائبة على الصعيد المالي، وتوازي مادياً ما كانت تقوم به في السابق. ومنذ اعتماد هذا التغيير قبل عام، قامت الشركة بالتبرع بأكثر من مليوني دولار لجهود الإغاثة من تبعات فيروس "كورونا".

وتقول أيمي سميث، كبيرة مسؤولي الاستراتيجية والتأثير في الشركة: "الانتقال من نموذج التبرع مقابل كلّ حذاء يتم بيعه، يعد خطوة كبيرة بالنسبة لنا، بما أننا كنّا الرائدين على هذا الصعيد".

نموذج أعمال قائم على التعاطف

وإذا ما ألقينا نظرة تاريخية، كانت شركة "تومز" تبدو العلامة المثالية لجيل جديد من الزبائن المهتمين أكثر بالمكان الذي جاءت منه المنتجات، وبما تفعله الشركات المنتجة. وكان بلايك ميكوسكي، وهو رائد أعمال متسلسل قد أنشأ الشركة في عام 2006 على أساس نظام التبرع بحذاء مقابل كلّ حذاء يتم بيعه. وقد أصبح فيما بعد أحد أبرز رواد دمج معالجة المشاكل الاجتماعية (مثل افتقار الأطفال للأحذية) ضمن نماذج الأعمال الصاعدة، فيما وصفه البعض بنموذج الاستهلاكية التعاطفية.

وكانت "تومز" قد توسعت إلى منتجات أخرى، مثل النظارات والقهوة، وفتحت متاجر خاصة بها. وفي عام 2012، أدرجت مجلة "فوغ" ميكوسكي ضمن قائمتها للأشخاص المؤثرين، وقالت إنه "أحدث ثورة في توقعاتنا من الأشياء التي نشتريها". وقد بدت "تومز" حينها كإمبراطورية ناشئة.

ومن جهته، قال شاون غرين كارتر، أستاذ إدارة أعمال الموضة في معهد فاشون للتكنولوجيا إن العلامة "اكتسبت زبائن أوفياء"، مضيفاً أن أحذيتها المصنوعة من الكنفا "صارت مرادفاً للقيام بأعمال خيرية وأخلاقية ملموسة".

ولكن سرعان ما ظهر المقلدون لهذا النموذج، سواء من خلال تبني نظام التبرعات ذاته، أو صنع أحذية مشابهة. ومع تباطؤ النموّ في أغسطس 2014، باعت الشركة 50% من أسهمها، بما يشمل حق السيطرة بالتصويت، لشركة إدارة الأسهم الخاصة "باين كابيتال"، حيث تم تقييم الشركة بـ625 مليون دولار.

وكانت الصفقة في الواقع عبارة عن استحواذ مدعوم بالقروض، حيث حصلت "تومز" على قرض بقيمة 300 مليون دولار. كذلك، تم استبدال ميكوسكي كرئيس للشركة، على الرغم من أنه ظلّ رئيساً فخرياً.

وبعد سنة، خفضت وكالة "أس أند بي غلوبال رايتنغ" ، تصنيف ديون الشركة، وقالت إنها تواجه صعوبات في زيادة المبيعات والعودة إلى الربحية.

وعلى الرغم من عدة تغييرات في الإدارة، ظلّت "تومز" تتدهور تحت قيادة "باين"، ووصلت إلى الحضيض قبل عامين في شهر ديسمبر 2019، حين استحوذ عليها مالكو الدين بقيادة مجموعة "جيفريز" المالية، و"نيكسوس" لإدارة رأس المال، و"بروكفيلد" لإدارة الأصول. ورفضت "باين" التعليق على هذا المقال.

وازداد الوضع سوءاً في ظلّ تراجع حماسة الأمريكيين لشراء الأحذية خلال وباء كورونا، حيث أفادت مجموعة "إن بي دي" البحثية أن مبيعات الأحذية في الولايات المتحدة تراجعت بنسبة 15%. إلا أن بوادر التحسن بدأت في الظهور مع اتساع حملة التلقيح.

وقال ويدهامار إن إيرادات "تومز" في العام الماضي تجاوزت الـ200 مليون دولار، بتراجع عن ما يقارب الـ300 مليون دولار التي تم تسجيلها في العام 2019، وذلك بحسب وكالة "موديز". ويعزى هذا التراجع بجزء كبير منه إلى الضربة التي وجهها الوباء للبيع بالتجزئة، ولكن من الجانب الإيجابي، حققت وحدة التجارة الالكترونية في الشركة أكبر إيرادات لها حتى اليوم. وخلال فترة الوباء، أتت نصف مبيعات الشركة من قنواتها الخاصة.

وبالنظر إلى المستقبل، تسعى "تومز" للحفاظ على نسبة كبير من زبائنها في الثلاثينات من العمر الذين كانوا قد أسهموا في صنع اسم الشركة قبل سنوات، فيما تروج لنفسها لدى الفئة الأصغر سناً. ومع ذلك، حتى رئيس قسم التسويق يقرّ بصعوبة هذا الأمر.

وقال كبير مسؤولي التسويق في الشركة إيان ستيوارت: "قد نخسر البعض منهم، ولا بأس في ذلك" في إشارة إلى جيل الألفية، متابعاً: "أحياناً علينا خسارة البعض من أجل كسب البعض الآخر".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك