هل فكرت بفوائد ومخاطر الإجازات الطويلة على حياتك المهنية؟

كلب يلهو على الثلج في العاصمة الأمريكية واشنطن - المصدر: بلومبرغ
كلب يلهو على الثلج في العاصمة الأمريكية واشنطن - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

عندما علمت بخبر "سيتي غروب" في ديسمبر السماح لموظفيها بأخذ إجازة لتعلم مهارات جديدة لمدة 12 أسبوعاً، كان أول ما فكرت به، هو أن ذلك يبدو جيداً لدرجة يصعب تصديقها. فكيف يمكن لخطر إبطاء تقدمك الوظيفي، ألا يصاحب فترة بقاءك بعيداً عن النمو في دورك في العمل؟

خلال الوباء، كنا نقول مازحين: "نحن لا نعمل من المنزل، بل ننام في المكتب". والحقيقة أن الساعات الطويلة والأيام المتكررة تجعلني أتوق إلى استراحة من الشاشات، ولوقت للراحة وللتركيز على أهداف أخرى، مثل تحسين لغتي الفرنسية.

لكن بعدما أمضيت عِقداً من العمل في قطاع التكنولوجيا، أشعر بالقلق من أن الإجازات في هذه القطاعات التي تتميز بالمنافسة الشديدة، يمكن أن تأتي على حساب الترفيع الوظيفي في المستقبل.

وقبل أن تبدأ في وضع خطط لإجازة غيابك، من المفيد تخصيص بعض الاهتمام الواجب لفهم كيفية عمل هذه الإجازات، وما يمكن أن تتوقعه عند عودتك إلى وظيفتك.

لقد قدم المزيد من أرباب العمل إجازات، وأيام إجازة إضافية، وساعات عمل مرنة لمساعدة الموظفين على التعامل مع أزمة كوفيد. وفي حالة "سيتي غروب"، يمكن الآن للموظفين الذين عملوا لمدة خمس سنوات أن يأخذوا 12 أسبوعاً من الإجازة مع 25% من راتبهم.

في يونيو الماضي، بدأت شركة المحاماة "بيكر ماكنزي" (Baker McKenzie) في تقديم إجازة مدفوعة الأجر جزئياً لمحاميها تصل مدتها إلى ثلاثة أشهر. وفي أغسطس، عرضت شركة المحاسبة العالمية "برايس ووترهاوس كوبرز" (PWC) على الموظفين خيار تخفيض العمل لنصف دوام أو لساعات مضغوطة. وأما "ليرن إن" (Learn In)، تلك الشركة الناشئة التي تهدف إلى مساعدة المزيد من أرباب العمل على تقديم إجازات لموظفيهم بهدف توفير التكاليف، نجحت بجمع 3.5 مليون دولار في جولة أولية خلال أبريل الماضي.

المصور: دانيال أكير / بلومبرغ
المصور: دانيال أكير / بلومبرغ

وحتى قبل الوباء، كانت شركات التكنولوجيا مثل "هب سبوت" (Hubspot) و"أدوبي" (Adobe) تقدم للموظفين إجازة مدفوعة الأجر لمدة شهر بمجرد وصولهم إلى خمس سنوات من الخدمة في الشركة.

إن جزءاً من هذا المبدأ، هو أن الموظفين يقومون بالتدوين عن تجاربهم خلال الإجازة، وينشرون عنها على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يمنح أصحاب العمل دفعةً لعلاماتهم التجارية. وفي حالات مثل شركة "بيس كامب" (Basecamp)، التي تقدم شهراً من الإجازة مدفوعة الأجر لكل ثلاث سنوات من العمل، أثبتت الميزة الإضافية أنها طريقة فعالة للاحتفاظ بالموهبة.

وبنفس الوقت، فإن الفوائد على الموظفين موثقة بشكل جيد هي الأخرى. وتظهر الأبحاث أن الإجازة الطويلة لها تأثير إيجابي كبير على رفاهية الموظف، وإن الموظفين الذين يأخذون إجازاتهم، يظهرون علاقات أقوى مع أحبائهم، ويزداد رضاهم عن حياتهم، وتزداد الراحة لديهم وقدرتهم على التغيير.

لكن المشكلة تكمن في أن الحصول على إجازة هو أمر ليس خالياً من المخاطر بالنسبة للموظفين. فتمديد إجازات الغياب لأسباب خارج عقد العمل التقليدي (على سبيل المثال إجازة الأبوة أو المرض طويل الأمد) لا تزال بعيدة عن أن تكون أمراً عادياً.

وعلاوةً على ذلك، فإن قرارك بأخذ هكذا إجازة، قد يؤدي إلى أن يُنظر إليك على أنك أقل طموحاً أو أقل التزاماً بالوظيفة -خاصة إذا كنت بالفعل عرضة للتمييز بسبب العرق، أو الجنس، أو العمر. وقد يؤذيك أيضاً من ناحية زيادة الراتب أو الترقية المستقبلية إذا ما قورنت بالآخرين في الفريق الذين عملوا أثناء تواجدك بالخارج.

ومن المهم أيضاً مراعاة التأثير الذي يمكن أن تجلبه الإجازة على المهارات والمعرفة المطلوبة لدورك. فإذا كنت تعمل في بيئة سريعة الحركة مثل التكنولوجيا، حيث يمكن أن تتغير أولويات تطوير المنتجات ونموها في لمح البصر. وكلما طالت مدة غيابك، قد يكون من الصعب أن تظل الشخص الأكثر كفاءةً للقيام بالوظيفة.

عندما عملت في شركة "أمازون" في عام 2015، كانت إحدى قواعد التوظيف الرئيسية لدينا هي التأكد من أن الموظفين الجدد لديهم موهبة أكبر من أي شخص موجود لدينا في الفريق. ومن واقع خبرتي، أدى هذا غالباً إلى حدوث مشاكل. يتم تشجيع أعضاء الفريق الجدد على التدخل في المشاريع القائمة وتحسينها وحتى توليها. وقد تكون أنت أهم شخص في الفريق في أسبوع ما، ثم تجد نفسك بدون عمل لتقوم به في اليوم التالي. وغني عن القول، إن هذا الأمر كان عامل ضغط، ومن الصعب أن نرى كيف أن أخذ الإجازة سيهدئ المخاوف، من أن يتم استبدال الموظف أو من جعل الإدارة حياة الموظف المهنية حياة غير سارة.

من سيسطر على زمام الأمور؟

في عالم مثالي، يمكنك الاستفادة من فترة إجازة التفرغ دون القلق بشأن تباطؤ تطور حياتك المهنية. وربما يكون ذلك ممكناً في بعض الصناعات والمؤسسات. ومع ذلك، من المهم تقييم المخاطر والتفكير في أولوياتك ووضع خطة للتواصل مع مديرك.

ضع في اعتبارك ما هو أكثر أهمية على المدى القريب: هل هو أخذ استراحة، أنت في أمس الحاجة إليها، أم تقدمك في فريقك؟ ما هي أهدافك على المدى الطويل؟ هل سيساعدك أخذ إجازة على الاقتراب من أهدافك تلك؟ إذا كنت تتصور مستقبلاً في الشركة التي تعمل بها، فتحدث بصراحة مع مديرك حول ما إذا كان يرى أن إجازتك ستؤثر على هذا الجدول الزمني.

وأنت تريد أيضاً أن تستقرئ ثقافة شركتك. هل يمكنك أن تأخذ نصيحة مديرك على أنها نصيحة حقيقية لا تشوبها شائبة، أم أنك ستستفيد من جمع المزيد من المعلومات؟ هل يسعد الزملاء في الشركة عند قيامهم بمهام الزميل الذي هو في إجازة؛ ثم يتخلون عن تلك المسؤوليات برضى عند عودة الموظف من إجازته إلى العمل؟ تواصل مع الزملاء الذين أخذوا إجازة تنمية مواهب أو إجازة من نوع آخر واسألهم، عما إذا كانوا يشعرون أن ذلك قد أثر على تقدمهم الوظيفي أو على أجورهم بأي شكل من الأشكال.

وإذا كنت على وشك أخذ إجازة، احصل على التزامات من مديرك بشأن الشكل الذي سيبدو عليه دورك عند عودتك. وتأكد من أنك ستكون قادراً على العمل في مشاريع متكاملة، وستكون لديك فرص للتدريب أو للسفر بغرض التدريب عند عودتك.

ويمكنك أيضاً إنشاء خطة من 30-60-90 يوماً لعودتك، تدون فيها الاجتماعات التي ستحتاج إليها، وما هي المراحل الرئيسية التي ستحتاج إلى الوصول إليها. وقد يكون هدفك خلال 30 يوماً هو مواكبة المشاريع والأهداف الحالية والتأكد من حصولك على المهارات والمعلومات التي تحتاجها.

وأما بخصوص مرحلة الـ60 يوماً، قد يكون هدفك هو استئناف المبادرات الرائدة داخل فريقك وقسمك، وبحلول الـ90 يوماً، قد يكون لديك نتائج لتظهرها ويولد لديك الشعور بأنك عدت إلى فاعليتك.

إذا قرر صاحب العمل البدء في تقديم إجازات، فقد أميل إلى ذلك، لكن طموحي هو من يسطر على زمام الأمور في نهاية المطاف. في الوقت الحالي، أفضل أن أحلم بالترقيات وزيادات الأجور، وأن ألتزم بعملي.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات
الآراء الأكثر قراءة