خلال حفل عشاء في موسم العطلات، اقترح المضيف أن يدلي كل منا بحديث عن لحظة مهمة عن العام. وفيما تحدثت امرأة عن دروس صناعة الفخار التي ساعدتها على استكشاف قدراتها الإبداعية، قالت أخرى بجرأة: "يمكنكِ أن تفتتحي متجراً على منصة "إتسي" (Etsy shop) وتبيعي إنتاجك". لكني قاطعتها وقلت: "لا تحوّلي هوايتكِ إلى مصدر لكسب المال".
ربما تبدو النصيحة ضرباً من المبالغة في زمن التضخم المرتفع الذي نعيشه. ففي نهاية المطاف، أصبح شراء ما كانت قيمته 100 دولار في نوفمبر 2021 يكلف 107 دولارات بعد سنة، وفقاً لوزارة العمل الأميركية. بين عامي 2019 و2020، كانت الزيادة 1.17 دولار فقط.
الهواية هي شيء تقوم به بعيداً عن وظيفتك بهدف الاسترخاء. يمكن بالطبع أن تكون لديك هوايات تنطوي على مجهود ذهني أو جسدي، مثل الشطرنج أو المشي لمسافات طويلة. رغم ذلك، تفقد الهواية صفتها بمجرد تحوّلها إلى وظيفة، أي عندما تضيف لها سعراً وتبدأ بيع إنتاجك للمستهلكين.
ثقافة الإفراط في العمل
واجهت ثقافة الإفراط في العمل تدقيقاً متواضعاً خلال السنوات القليلة الماضية، ووصل البعض إلى حد وصفها بأنها سامّة. هناك سبب غير واضح يدفع الناس للسعي إلى الربح بإصرار. وباعتباري واحدة من الأعضاء المتعافين من مجتمع الأشخاص المشغولين دوماً بوظائف ثانية، يمكنني بكل ثقة أن أقول إنَّ احترام أهمية أن يكون للمرء على الأقل هواية واحدة أو اثنتين لتحقيق الذات له تأثير السحر على صحته العقلية.
أساليب الاسترخاء.. 9 خطوات للتخلّص من التوتر
مثّلت هوايتي حافزاً لأن أكتب مقالات رأي في الشؤون المالية. كانت لدي مدونة صغيرة أنشر فيها تأملاتي وتجاري في إدارة شؤوني المالية، وأصبحت في نهاية المطاف وسيلة لي للتحدث في فعاليات، والكتابة المستقلة، وفرصة لتأليف الكتب. لكن عملي الذي حفزني في البداية فقد المتعة عنمدا أصبحت أعمل بدوام كامل، رغم أنه يتماشى مع مجالات اهتمامي ومهاراتي.
غيّر الأمر طريقتي في تقييم هواياتي الأخرى. وتحوّل اهتمامي إلى مصادر محتملة لكسب المال؛ أو تجنبتُ الهوايات المحتملة بسبب خشيتي من ضيق الوقت، وطاقتي المنخفضة، والتكاليف الأولية لشيء قد لا يحقق ربحاً. وكنت مخطئة.
مكاسب غير مالية
أبطأت الجائحة وتيرة عملي لفترة؛ وأدركت أنني بخلاف العمل لم يكن لدي مما يشغل وقتي سوى القراءة أو مشاهدة التلفاز. بقدر ما كنت أجد هذين النشاطين مريحن، كنت أتوق للمزيد من الإبداع والتحفيز من خلال هواية. خلال العامين الماضيين، علّمت نفسي الحياكة وبدأت أحضر دروساً في الرقص النقري بأحد مراكز المجتمع المحلي.
التوازن بين الحياة والعمل.. نصائح لاستعادة السيطرة
الهوايتان تكلفاني المال، ولا أجني منها دخلاً. لكن ما أحصل عليه منهما يتجاوز بكثير العائد المالي. لقد عدت للتواصل مع ذاتي الإبداعية، ولدي شعور بأنني أنجز شيئاً عبر تعلم مهارة جديدة. لقد تحفّزت طاقتي الذهني والجسدية لتعلم طرق جديدة للتحرك والتواصل مع مجتمع جديد يضم عدة أجيال.
حياكة الكروشيه مهارة يمكنني بسهولة تحويلها إلى مصدر للدخل. لكن هوامش الأرباح ستكون منعدمة إنْ حسبت تكلفة اللوازم وساعات العمل لحياكة قطعة واحدة. بدلاً من ذلك، أتبرع بما أحيكه أو أقدمه كهدية في أعياد الميلاد وموسم العطلات.
سأستثني حالة بخصوص تحويل هواية إلى مصدر للدخل. وهي لمن تسفر اهتماماتهم عن إبداعات مادية مثل النجارة، أو الرسم، أو صنع منتجات من الفخار، أو صناعة الحلي، وهو تكدس جميل، لكنه كثير وربما لا تكون في حاجة إليه بمنزلك.
في هذه الحالة، سيكون منطقياً بيع إنتاجك، وربما استخدام هذه الأموال لإعادة الاستثمار بهوايتك. لكن بيع الفائض يختلف كثيراً عن بناء وظيفة جانبية.
كشخص لديه مصادر متعددة للدخل طوال حياتها منذ بلوغها سن الرشد، أدرك أهمية وجود أكثر من طريقة لكسب المال. لكن بعض الهوايات يجب أن تظل هوايات. من حقنا الإبداع والتعلم للإثراء الشخصي، حتى لو كلفنا ذلك بعض المال ولم يحقق لنا دخلاً.