لا يشعر المستهلِكون الذين لديهم وعي بيئيّ بالقلق حول ما يأكلونه فقط، بل بدأ البعض بتجنّب الملابس والمنتجات الأخرى المصنوعة من جلود الحيوانات، ويختارون البدائل الاصطناعية والطبيعية بدلًا منها. وقد أصبحت تلك البدائل تُعرف بشكل عامّ باسم الجِلْد النباتي، حتى إنّ شركة "تسلا" التي يمتلكها إيلون ماسك ستطرح "سيارة نباتية بالكامل". وغالبًا ما تكون بدائل الجِلْد هذه أرخص من نظيرتها الطبيعية، بينما يبقى السؤال الذي يشغل المستهلِكين: هل تُعَدّ هذه البدائل أفضل بالنسبة إلى كوكب الأرض؟
1. ما الجِلْد النباتي؟
يشير ما يبدو وكأنه تناقُض في الغالب إلى المنتجات الاصطناعية، وبدلًا من جِلْد البقر المعالَج أو جِلْد الغنم، يُصنَع معظم الجلود النباتية من كلوريد البولي يوريثين (PVC) والبولي يوريثين (PU). ومع ذلك، توجد أيضًا مجموعة متنوعة مبتكرة من المنتجات القائمة على المكونات الطبيعة، مثل تلك المشتقة من الفلّين أو اللحاء أو أوراق الأناناس أو قشر التفاح. ويقول مُصنِّعو البدائل عالية الجودة إنها تطابق الجِلْد الطبيعي، على الرغم من أن الجِلْد النباتي لا يتحسَّن مع تقدُّم العمر كما هي الحال مع جِلْد الحيوانات.
لماذا يشتري الناس الجِلْد النباتي؟
أصبح الحصول على مُنتَج مماثل يتجنَّب التسبُّب في معاناة الحيوانات أكثر جاذبية، وخصوصًا بالنسبة إلى الشباب في دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إذ ارتفعت مبيعات بدائل اللحوم بشكل جزئيّ على خلفية المخاوف البيئية حول الجلود الطبيعية (على الرغم من أنها ارتفعت أيضًا بسبب مخاوف صحّية)، وكذلك تلحق المأكولات البحرية النباتية بالركب هي الأخرى، كما وضع المستثمرون، بما في ذلك بيل غيتس المؤسِّس المشارك لشركة "مايكروسوفت"، أموالهم في تطوير مثل تلك المنتجات.
3. هل يشتري الناس الجلود النباتية؟
يبدو الأمر كذلك، خصوصًا في الولايات المتحدة. ووفقًا لشركة أبحاث البيع بالتجزئة "دبليو جي إس إن"، فقد زاد توافر المنتجات الجلدية النباتية عبر الإنترنت بأكثر من الضعف في المملكة المتحدة، وارتفع بنسبة 54% في أمريكا بين النصف الأول من عام 2018 والفترة نفسها من العام الحاليّ، كما ازداد الطلب بشكل خاصّ على صناعة الأحذية في ظلّ رغبة مزيد من الأمريكيين في ارتداء أحذية رياضية خالية من جلود الحيوانات، وكذلك تحوّلت صناعة السيارات من استخدام الجِلْد الأصلي إلى الجِلْد الصناعي. ومن المتوقَّع أن يؤدّي استخدام الأحذية وصناعة السيارات للجلود الصناعية إلى زيادة معدّلات نموّ الطلب العالمي عليها بنسبة 7%، بحيث تصل إلى 45 مليار دولار في عام 2025، وفقًا لبحث "غراند فيو ريسيرش"، في حين قُدِّرَت المبيعات العالمية للجلود التقليدية بمبلغ 95.4 مليار دولار في عام 2018.
4. هل الجلود النباتية أرخص؟
تُعتبر البدائل القائمة على البلاستيك أرخص بشكل عامّ، كما أنّ صيانتها أسهل، وهو سبب رئيسيّ في اهتمام مُصنِّعي السيارات بها. ومع ذلك فإنه عادة ما تكون تكلفة الجِلْد النباتي المصنوع من الموادّ العضوية مثل أوراق الأناناس أغلى من نظيره البلاستيكي، على الرغم من أنه يبقى أرخص من الجِلْد التقليدي. وتوجد أيضًا مسألة المتانة، إذ يتميز الجِلْد النباتي بكونه أرقّ بكثير من الجِلْد الحقيقي ومِن ثَمّ يمكن أن يدوم لسنوات.
5. هل الجِلْد الصناعي أفضل لكوكب الأرض؟
نادرًا ما تكون الموادّ البلاستيكية صديقة للبيئة، كون مادّة الـ"بي في سي" الأكثر استخدامًا تُطلِق الديوكسينات، التي يُحتمل أن تكون خطرة في الأماكن الضيّقة، كما تُعتبر خطرة بصورة خاصّة إذا أُحرِقَت. ومع ذلك، يمكن تحويل الجلود النباتية العضوية مثل "بايناتكس" (المصنوعة من أوراق الأناناس) و"آبييل" (المصنوعة من قشر التفاح) إلى سماد أو غاز حيويّ، بينما يشوب أوراق الاعتماد البيئية للجِلْد الأصلي استخدامه للموادّ الكيميائية السامّة في عملية الدباغة، بالإضافة إلى أنّ الأبقار تُعتبر من أكبر مصادر انبعاثات الغازات الدفيئة وتتطلب كمّيات كبيرة من الأعلاف والأراضي والمياه. ومن ناحية أخرى، غالبًا ما يستخدم الجِلْدُ الاصطناعي البترولَ في مرحلةٍ ما في تصنيعه، في حين يمكن القول إنّ الجلود التقليدية هي مجرّد مُنتَج ثانويّ لإنتاج الألبان واللحوم، التي قد تذهب إلى النفايات إذا لم تُصنَّع.
6. هل الجِلْد الصناعي جديد؟
لا، ولكن الإصدارات الطبيعية تُعَدّ ابتكارات حديثة نسبيًّا، وتُعتبر جذّابة بشكل خاصّ لفئة جديدة من المستهلِكين الذين يخفضون استهلاك اللحوم ويحاولون تقليل بصمتهم البيئية. وفي الوقت نفسه، يلتزم صانعو الملابس على اختلاف الميزانيات المستهدفة جعل الأزياء أكثر استدامة، الأمر الذي يزيد من جاذبية بدائل الجلود الطبيعية بالإضافة إلى البلاستيك المُعاد تدويره والمشتقّات البلاستيكية المكرّرة بصورة أكبر مثل البولي يوريثين، التي تنقلها المياه، وتتميز بخلوِّها من المذيبات، ما يجعلها أكثر أمانًا للعمل بها. ولِصُنع "البايناتكس" تُستخرَج الألياف من أوراق الأناناس، ثم تُلبَّد وتُعالَج دون استخدام الموادّ الكيميائية والمعادن الثقيلة. ولكن لا يزال المصنِّعون يستخدمون راتنغات النفط غير القابلة للتحلُّل الحيوي ومادة "بي إل إيه" أو البلاستيك الحيوي.
7. كيف تصمد صناعة الجِلْد الحقيقي؟
تُواجِه هذه الصناعة بعض الضعف بسبب بعض المستهلِكين، إذ أدّى الطلب القياسي على لحوم الأبقار الأمريكية إلى زيادة المعروض من جلود الحيوانات، ما يعني أنّ كثيرًا من المنتجات ستتحول إلى قمامة، حتى إنّ البعض يتجه إلى مدافن النفايات، ما يصفه كثير من العاملين في تلك الصناعة بأنه "أمر لا يمكن تصوُّره". ومن ناحية أخرى، هذه الصناعة عُرضة للتحوُّل إلى نفايات لأنّ كثيرًا من الجلود لا ترقى إلى المستوى المطلوب للتصنيع بسبب العيوب التي تشوبها.
للتواصل مع المراسل حول هذه القصة الإخبارية:
- دينيتسا تسيكوفا في نيويورك على: dtsekova@bloomberg.net
للتواصل مع المحررين المسؤولين عن هذه القصة الإخبارية:
- جيمس أتوود على: jattwood3@bloomberg.net
- غرانت كلارك، براتيش نارايانان.