يمرّ العالم بحالة من الفوضى مع انتشار فيروس "كوفيد-19"، كما تواجه الدول زيادة في أعداد العاطلين عن العمل، وارتفاعًا هائلًا في عدد الوَفَيَات من الفيروس، دون وجود أيّ لقاح فعّال على المدى القريب.
وسط كل ذلك، دفع أحد الأشخاص مؤخرًا 3.6 مليون دولار ثمنًا لساعة يد مستعملة، و9.2 مليون دولار مقابل خاتم فاخر من الألماس الأزرق، و84.6 مليون دولار مقابل لوحة، و795 ألف دولار مقابل زجاجة نادرة من الشراب، و615 ألف دولار للحصول على زوج من أحذية "نايكي" الرياضية المستعملة التي ارتداها مايكل جوردان في عام 1984.
وفي حين يغلق بائعو التجزئة في أمريكا أبوابهم، أو يفتحونها فقط لخدمة حفنة صغيرة من الزبائن، أصبحت دُور المزادات وجهات تسوّق افتراضية شاملة لمحبي شراء السلع الفاخرة من جميع الفئات، بفضل العروض التي تقام على منصة "زووم" وإمكانية إجراء ومعاينة المنتجات وإجراء المزايدة إلكترونيا بسهولة، حيث تُعَدّ ساعات اليد من بين الفئات الأكثر طلبًا.
30 % زيادة في عدد المشاركين
في سبتمبر الماضي، أبلغت دار "سوثبي" (Sotheby) للمزادات عن زيادة بـ30% في أعداد المزايدين والمشترين الجُدد في جميع فئات المبيعات، وقالت إنّ 30% من جميع المزايدين هم حاليًّا أصغر من 40 عامًا، كما تجاوزت قيمة مزايدات الشركة الإلكترونية عبر الإنترنت في عام 2020 مبلغ 285 مليون دولار، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف المزايدات الإلكترونية خلال عام 2019 كاملًا.
وحققت المزادات التي بُثَّت على الهواء مباشرة في شهرَي يونيو ويوليو مبيعات قدرها 1.2 مليار دولار، وكانت ساعات اليد الفئة التي استقطبت أكبر عدد من العملاء الجدد بنسبة 42 في المئة.
في شهر يوليو الماضي فحسب، باعت "سوثبي" إصدارًا خاصًّا من ساعة "جون بلاير"، التي تحمل الرقم المرجعي 6264 من "رولكس دايتونا" بأكثر من 1.5 مليون دولار، وهو سعر أعلى من أيّ قطعة بيعت من هذا الطراز سابقًا. كما باعت دار "كريستي" ساعة "باتيك فيليب" (Patek Philippe) نادرة وتحمل الرقم المرجعي 5033، وتتمتع بميزة "تكرار الدقائق"، مقابل 1.95 مليون دولار.
أمّا في شهر يونيو، فقد حققت "فيليبس" بالشراكة مع "باكس وروسو" (Bacs & Russo) 3.6 مليون دولار من عملاق صناعة ساعات اليد "جان كلون بيفر" (Jean-Claude Biver).
وفي صفقة البيع تلك، أقيم مزاد مباشر في جنيف، وبيعت سبع ساعات يد مقابل أكثر من مليون دولار، بما فيها ساعة يد أخرى من الإصدار الخاص لـ"جون بلاير" مقابل 1.1 مليون دولار (تُعَدّ ساعات "جون بلاير" الإصدار الخاص من ساعات "رولكس دايتونا" المصنوعة من الذهب الأصفر مع مينا أسود، وصُنعت في الفترة بين الستينيات وحتى ثمانينيات القرن العشرين إحياء لذكرى رعاية جون بلاير وأبنائه لفريق "لوتس" لسيارات الـ"فورميلا وان"). وكان أعلى سعر قد تم تسجيله لساعة يد بيعت في مزاد يبلغ 31 مليون دولار.
ويقول ميكايل والهاغن، مدير قسم ساعات اليد في "سوثبي" بجنيف إن: "الأسعار كلها مرتفعة بشكل عامّ، وقد وصلنا إلى كثير من الزبائن الجدد من خلال عروض مزاداتنا عبر الإنترنت، مما جعل الوصول إلى المزادات أسهل". وأضاف: "لأكون صادقًا، يمكن أن تتحول الرغبة في المزايدة إلى إدمان"، خصوصًا خلال أوقات الأوبئة.
تخفيف الشعور بالملل
وتُعَدّ المشاركة في مزاد افتراضيّ طريقة لتخفيف الملل الناتج عن العزل الاجتماعي، وهي فرصة للحصول على الترويح عن النفس عن طريق الشراء.
ويقول والهاغن: "في ظلّ الإغلاق العالمي، أصبح لدى الناس وقت أكثر لاستكشاف مجالات اهتمامات جديدة وقضاء وقت أكثر أمام الشاشات للمشاركة في المزايدات".
ومن بين العوامل الأخرى المشجعة لهذا الازدهار، الأعداد المتزايدة للموجودات المغرية، إذ يمكن لجامعي المقتنيات انتقاء مجموعاتهم بعناية، من خلال توفر قطع لطالما سعى عديدون للحصول عليها، ورغم الظروف الصعبة لا يزال جامعو المقتنيات يرغبون في الحصول عليها بأيّ ثمن (تُعرف هذه الساعات بساعات اليد المقدسة في أوساط المجال)، ليلتقي كل ذلك مع العدد المتنامي لزبائن المزايدات من الشباب الذين يشعرون براحة كاملة في المزايدة عبر الإنترنت، حتى عند المزايدة على الأغراض ذات القيمة المرتفعة.
يقول أوريل باكس الذي يدير قسم ساعات اليد في "فيليبس" إنّ الوباء أعطى الناس مزيدًا من الوقت للتأمل في مجموعات مقتنياتهم وإعادة ترتيبها، وهو ما نتج عنه توفر قطع نادرًا ما تُعرض في السوق.
وجمعت "فيليبس" بعضًا من الأعمال الأكثر حداثة لعرضها للبيع في 7 و8 نوفمبر الماضي في جنيف، وهناك قدمت نماذج من الروائع التي صُنعت خلال الأعوام العشرين الماضية. وكرم هذا المزاد صانعي ساعات اليد في العصر الحاليّ والمستقلّين في غالبيتهم، الذين أحدثوا ثورة في المجال خلال العقدين الماضيين.
يقول أليكس غوتبي، رئيس قسم ساعات اليد في أوروبا في "فيليبس": "تغيرت صناعة ساعات اليد في السنوات العشرين الماضية أكثر مما تغيرت خلال الأعوام المئتين التي سبقتها". يمكننا أن نتوقع رؤية قطع نادرة مثل "MB&F"، أو " Laurent Ferrier"، أو "Richard Mille"، أو "Urwerk"، إلى جانب قطع حديثة مهمّة من الصانعين المعتادين مثل "رولكس" و"باتيك فيليب".
وتضمنت أبرز المعروضات ساعة "F.P. Journe Resonance"، و"Laurent Ferrier Gallet Traveler" البلاتينية (وهي واحدة من خمس قطع فقط)، وأيضًا ساعة من "De Bethune Titan Hawk".
وبناءً على مزاد ساعات اليد المباشر الذي أقامته "فيليبس" في جنيف في شهر يونيو، يمكننا القول إنّ المزاد القادم سيحقّق نجاحًا ساحقًا، فقد بلغت القسيمة الإجمالية للمزاد الذي أقيم في يونيو أكثر من 31.7 مليون دولار وبنسبة مبيعات 100%.
ويقول بول بطرس، رئيس قسم ساعات اليد في الولايات المتحدة: "كان أعلى مزاد ساعات يد بالإجمال في التاريخ (باستثناء مزادات الأعمال الخيرية) وأول مزاد قفاز أبيض يشارك فيه مالكون متعددون وليس له سمة واحدة" (مزادات القفاز الأبيض هي المزادات التي تباع فيها كل القطع المعروضة).
وأضاف: "سجّل أكثر من 2000 شخص عبر الإنترنت للمشاركة في المزاد، وكان هناك عدد أكبر ممن يشاهدون البث المباشر".
هل في هذه المزادات بعض الصفقات الجيدة؟
بالتأكيد، لكن لتجدها يوصي باكس بالانتباه تحديدًا إلى القطع النادرة من الصانعين المستقلّين والتي "غالبًا ما تنفد أو تكون هناك قائمة انتظار طويلة من أجل الحصول عليها من الإصدارات الجديدة".
يضيف باكس: "أظن أنّ العلامات التجارية الأحدث ذات الأسعار المرتفعة يمكن أن تمثل فرصًا جيدة أحيانًا، مثل "Greubel Forsey Signature 1" (يتراوح سعرها من 60 ألف فرنك سويسري إلى 120 ألف فرنك سويسري – 66 إلى 133 ألف دولار )، أو ساعة "Audemars Piguet Royal Oak Equation of Time" التي توقف إنتاجها (يتراوح سعرها من 25 إلى 45 ألف فرنك سويسري)".
سعر معقول
تُعَدّ عروض البيع عبر الإنترنت التي تقيمها "سوثبي" أسبوعيًّا في كل الأسواق مليئة بالصفقات ذات السعر المعقول، فليس كل ما يُعرَض في المزاد يتمتع بهالة من "التقديس"، فمؤخرًا تضمّن أحد عروض البيع في نيويورك مجموعة متنوعة من ساعات اليد الثمينة "رولكس"، بينها "Hulk"، وهي ساعة للغواصين مع مينا بلون أخضر وفصوص، وبيعت بمبلغ 22.500 دولار، وساعة "باتمان" (GMT-Master II) مع فصوص زرقاء وسوداء من السيراميك، وبيعت مقابل 17.500 دولار، وكذلك ساعة "المرأة الوطواط"، وهي طراز أحدث من "باتمان" مع سوار أنيق، وبيعت مقابل 18.750 دولارا. وهناك أيضًا "Double Swiss Underline"، وهي ساعة من "دايتونا" من عام 1963 مع علامتين سويسريتين، وبيعت بقيمة 31.250 دولارا .
ومن بين المعروضات في مزاد نيويورك الإلكتروني الذي أقيم في الفترة من 15 إلى 22 سبتمبر الماضي، كانت ساعة "Audemars Piguet" من الذهب الأصفر، وهي شفافة بما يسمح لك برؤية ماكينتها الداخلية التي صُنعت في عام 1875، وبيعت بسعر يتراوح بين 4 و6 آلاف دولار، وكذلك ساعة "Van Der Klaauw" موديل "القبة السماوية"، التي بيعت بسعر يتراوح بين 12 و18 ألف دولار.
أمّا في الفئة التي تبهر الأنظار، فقد عرض مزاد "سوثبي" في لندن يوم 28 أكتوبر مجموعة من ساعات اليد من "ديفيد سولومون"، المصنع البريطاني الشهير عالميًّا في بدايات القرن العشرين، لبيعها إلى متحف "إل إيه ماير" في القدس.
وتصدر هذا العرض أيضًا ساعة "ريسونانس" (Resonance) مزدوجة الحركة، التي صُنعت للأمير ولي العهد البريطاني (الذي أصبح فيما بعد الملك جورج السادس ملك المملكة المتحدة)، وتُقدَّر قيمتها بنحو 400 ألف إلى 600 ألف جنيه إسترليني (نحو 514 إلى 771 ألف دولار)، وساعة تكرار الدقائق المصنوعة لدوق براسلين الفرنسي، التي تُقدَّر قيمتها بما بين 250 و350 ألف، وساعة تحتوي على مقياس حرارة صُنعت للأميرة كارولين مورات، شقيقة نابليون بونابرت، وتُقدَّر قيمتها بما بين 200 و300 ألف جنيه إسترليني.
جميع ساعات اليد الثلاث هذه صنعها المعلم أبراهام لويس بريجيه بنفسه، خلال أكثر فترات نشاطه منذ عام 1790 وحتى وفاته في عام 1823.
أمّا في دار "كريستي" للمزادات، التي نظّمت مزادات إلكترونية عبر الإنترنت خلال الفترة من 29 سبتمبر وحتى 13 أكتوبر الماضي، فكان البحث عن ساعة "باتاك فيليب" ذات الرقم المرجعي "570G"، و"أوديمارس بيجيه" من طراز "Super VZ"، و"رولكس كوسموغراف" ذات الرقم المرجعي 6265 من أسطورة سباقات السيارات "كارول سميث".
وتجدر الإشارة إلى ما عُرض في 30 نوفمبر ضمن "مجموعة الياقوت" في مزاد هونغ كونغ لساعات "باتيك فيليبس" من مجموعة خاصة لمالك واحد، تتميز باحتوائها على زوج من الموديلات التي قد تكون فريدة (لم يَرَهما أحد مِن قَبل)، ألا وهي ساعة "توربيلون"، وأخرى ذات تقويم أبدي مع مكرر دقائق، وتأتي كل منهما مع علامات توقيت على المينا من الياقوت. وكان من المقدَّر أن تباع كل منهما بأقلّ من مليون دولار.
وتتضمن المجموعة ساعات فلكية، من بينها ساعة "سكاي مون" من "توربيلون" بالغة التعقيد ذات الرقم المرجعي "5002"، التي يدخل تصميمها 12 مجموعة نجمية، وكان مقدرا لها أن تحصد ما بين 1 إلى 1.5 مليون دولار.