ربما وجد صانعو السيارات الصينيون طريقهم السرّي إلى البقاء، وعلى منافسيهم الأجانب أن ينتبهوا لذلك.
يندفع مصنّعو السيارات ليحقّقوا متطلبات سياسة الصين الترويجية للسيارات الكهربائية، التي تعرف في الدولة بـاسم "مركبات الطاقة الجديدة"، في الوقت الذي ينشغل فيه صانعو السيّارات المحليّون بجمع النقاط الخاصّة التي يحصلون عليها، بناءً على عدد السيارات الكهربائية التي يصنعونها ومقدار الحدّ من استهلاك الوقود في محرّكات الاحتراق في مركباتهم.
تحتاج كمُصنّع سيارات كبير إلى عدد معين من النقاط الخاصة بالطاقة النظيفة، حتّى تستوفي الشروط والتنظيمات التي تضعها الصين؛ إذ يتوجّب جمع 10 نقاط خاصة بمركبات الطاقة الجديدة على الأقل لكل 100 سيارة تُنتج بمحرك احتراق، أو شيء من هذا القبيل.
أظهرت بيانات نُشرت في أول إبريل من عام 2019، أنّ من بين 22 مليون سيارة مُصنعة محليًا في عام 2018، استطاع قطاع صناعة السيارات الحصول على 17.5 نقطة لكل 100 سيارة، وهو رقم أعلى بكثير ممّا تطلبه الشروط والتنظيمات لعامي 2019 و2020. ويقدّم المصنعون المحليون أداءً أفضل بكثير في هذا المجال، مقارنة بشركات صناعة السيارات الأجنبية التي لها مصانع داخل البلاد.
وفي حين حصدت العلامات التجارية الصينية، مثل "بي واي دي" (BYD Co)، المدعومة من "وارين بافيت" (Warren Buffett)، و"غيلي أوتوموبيل هولدينغز " (Geely Automobile Holdings Ltd)، و"إس إيه آي سي موتور كورب" (SAIC Motor Corp)، ما مقداره 96 بالمئة من نقاط مركبات الطاقة الجديدة؛ واجه صانعو السيارات الأجانب مصاعب كثيرة في ذلك.
ففي الوقت الذي استطاعت "إس إيه آي سي" (SAIC) الحصول على أكثر من 300 ألف من هذه النقاط، أي ما يعادل نصف إنتاجها من السيارات، اقتصر نصيب مشاريعها المشتركة مع "فولكس واجن إيه جي" (Volkswagen AG)، و"جنرال موتورز كو" (General Motors Co)، على 20 ألفًا إلى 30 ألفًا من تلك النقاط فقط، أي ما يعادل من 1 بالمئة أو أكثر بقليل من إنتاجها كاملًا.
كما لم يتمكن صانعو السيارات الأجانب من جمع ما يكفي من النقاط الخاصة باستهلاك الوقود أيضًا، فقد كان صانعو السيارات الأجانب أبطأ من الشركات المحلية، فيما يتعلّق بعملية التحول من محرّكات الاحتراق إلى المحرّكات الكهربائية في الصين.
وينص النظام الصيني- مُستندًا إلى حدٍّ ما على أنظمة الانبعاثات الصفرية القائمة في كاليفورنيا- على أنّه يجب على الشركات التي يبلغ حجم إنتاجها السنوي 30 ألف وحدة أن تحصل على نقاط في رصيدها المتعلّق بمركبات الطاقة الجديدة بما يعادل 10 بالمئة من مجموع إنتاجها ووارداتها من السيارات التقليدية، وسترتفع هذه النسبة لتصل إلى 12 بالمئة في عام 2020.
ويرى محللون في شركة الاستثمارات والاستشارات المالية "يو بي إس"، أنّ هذه النقاط ليس لها قيمة الآن من الجانب النظري، وذلك نظرًا لوجود فائض منها لدى الشركات، لكن ذلك لا يعني أنّها عديمة القيمة بالنسبة للقطاع، إذ يمكن الاستفادة من نقاط السيارات الكهربائية في تعويض أي نقص في نقاط استهلاك الوقود، الأمر الذي يُكسبها منفعة كبيرة، بل وربما أهمية كبرى لصانعي السيارات الأجانب، خاصةً إذا أخذنا بعين الاعتبار بطئهم النسبي في مواكبة عميلّة التحول من إنتاج محرّكات الاحتراق إلى إنتاج المحرّكات الكهربائية في الصين.
ومن ناحية أخرى، قد يعطي جمع كبار صانعي السيارات المحلّيين لهذه النقاط قوّة تفاوض أكبر في المرحلة المُقبلة من تطوّر قطاع السيارات الصيني، إذ يُمكنهم استغلال مخزونهم من النقاط كأداة ضغط على الشركاء الأجانب، الذين يسعون إلى زيادة حصصهم في مشاريع محليّة مشتركة.
فعندما ألغت القوانين الجديدة سقف التملّك الخارجي في عام 2018، قامت شركة "بي إم دبليو إيه جي" (BMW AG) بزيادة حصّتها في مشروعها في الصين، كما تنظر شركتا "دايملر إيه جي" (Daimler AG) و"فولكس واجن" (Volkswagen) فعل الشيء نفسه.
بالطبع، لا يرغب صانعو السيارات في الغرب أن يكون عجزهم عن تحقيق نقاط كافية- في مجال الطاقة النظيفة- عائقًا أمام سعيهم للهيمنة على إحدى الأسواق القليلة الكبرى، التي تشكّل السيّارات الكهربائية محطّ اهتمام الحكومة فيها، وعلى الرغم من التباطؤ الشديد على مستوى مبيعات السيارات في الصين مؤخّرًا، فإنها لطالما كانت بالنسبة للشركات الدولية مصدرًا للأرباح المتزايدة وتحقيق نسب أرباح أعلى.
وفي نهاية الأمر، ستتباطأ وتيرة جمع النقاط بسبب القيود الصارمة المفروضة على الإعانات الحكومية، إلّا أن صانعي السيارات المحليين سيحتفظون، على الأرجح، بمكانتهم الرائدة في القطاع، ولذلك ينبغي لصانعي السيارات الأجانب أن يتصرفوا بناءً على ما يفرضه عليهم الوضع القائم.