رغم شغف "جيمس بوند" (James Bond) بسيارات "آستون مارتن" (Aston Martins) والبدلات المفصلة، إلا أنه لم يكن متغطرسا كما تظن، فقد قاد في الحقيقة سيارة "تريومف ستاغ" في فيلم "دايموندز آر فور إيفر" (Diamonds are Forever) عام 1971.
تحتوي هذه السيارة الصغيرة الأنيقة على أربعة مصابيح أمامية مستديرة، مصفوفة مثل اللؤلؤ، على هيكل يشبه هيكل سيارة "فولفو" (Volvo) القديمة، بالإضافة إلى قضيب دوران مشابه للقضيب الموجود في سيارة "تارغا" (Targa)، ومحرك ذي ثماني أسطوانات (V8)، بسعر بلغ خلال العام الأول من عرضها 5,900 دولار.
وتتمتع هذه السيارة بمظهر أنيق، وإن كانت سمعة جودة تصنيعها غير ذلك؛ إذ تعاني من مشاكل في نظام التعليق، وارتفاع في درجة حرارة محركها، بالإضافة إلى الصدأ، لذلك لم تكن أفضل استثمار طويل الأجل، أو حتى أفضل خيار لشخص يريد قيادة سيارته يوميا، كما لم تكن الخيار الأفضل حتى من بين سيارات "تريومف".
ولاستثمار أكثر أمانا لا بد لك أن تتعمق أكثر في مخزن سيارات "تريومف"، وأن تتخطى سيارات "سبايت فايرز" (Spitfires) و"ماي فلورز" (Mayflowers) و"رودستر تي آر 3" (TR3 Roadsters) لتتوقف عند سيارة "تي آر 8".
فوفقا لـ"جوناثان كلينغر" (Jonathan Klinger) المحلل والمتحدث الرسمي باسم "هاغرتي" (Hagerty)، وهي شركة تؤمن السيارات الكلاسيكية والقديمة، فإن هذا الطراز من سيارات "تريومف" أفضل ما يُستثمر به على مر التاريخ.
ويقول "كلينغر"، المحب لهذا النوع من السيارات: "إن هذه السيارات حديثة بشكل لا يُصدق، وهي لا تزال رخيصة بالنسبة لندرتها وأدائها ومظهرها الجيد".
ووفقا لدليل أسعار "هاغرتي"، ارتفعت أسعار "تريومف تي آر 8" بنسبة 27 بالمئة، على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، بينما أظهرت المبيعات المتعددة والحديثة على تطبيق "برينغ أ تريلر" (Bring-A-Trailer) بطء الإقبال على هذا النوع من السيارات منذ عام 2015.
وإذا كان الهدف أن تتفاخر أمام جيرانك باقتنائك سيارة بسعرٍ معقول ولا يملكها أحد غيرك، فهذه السيارة البريطانية هي ما تطمح إليه.
مجموعة من أشهر السيارات البريطانية
كانت سيارات "تريومف" أبعد ما يكون عن أن تكون شركة السيارات الصغيرة الوحيدة التي تعمل في إنجلترا، عندما كان جون لينون يتجول في سيارته "تريومف هيرالد" (Triumph Herald). وقد تميزت بريطانيا- خلال الستينيات والسبعينيات- بمجموعة مذهلة من الشركات التي تصنع سيارات صغيرة غريبة وموثوقة، مثل "أوستن هيلي" (Austin-Healy)، و"جنسن" (Jensen) و"تي في آر" (TVR) و"ماكروس" (Marcos) و"سان بيم" (Sunbeam) و"ريليانت" (Reliant) و"موريس" (Morris) و"إم جي بي" (MGB) و"تالبوت" (Talbot) و"إلفا" (Elva) و"جينيتا" (Ginetta) و"بريستول"، ولا يزال بعضها موجودا حتى اليوم مثل الأخيرة.
وشهدت هذه العلامات التجارية طفرة في أسواق ما بعد البيع في السنوات القليلة الماضية. فوفقا لبيانات شركة "هاغرتي"، حققت السيارات البريطانية ارتفاعا كبيرا، حتى ارتفعت قيمتها إلى ما نسبته 4 بالمئة، بصورة شاملة منذ سبتمبر عام 2018. كانت هذه "الخطوة الأكثر لفتا للنظر" التي اتخذتها المجموعة منذ مايو عام 2015، حتى بلغ مؤشر "هاغرتي" للسيارات البريطانية أعلى مستوى له منذ مايو 2016، كأعلى مستوى على الإطلاق في المجموعة بأكملها.
ولكن، هناك تحذير واحد للبريطانيين
كتب "برايان رابولد"، في تحليله لشهر يناير 2019، قائلا: "لا تبشر التوقعات على المدى الطويل بالخير لهذه المجموعة، فالمشترون الصغار لم يفضلوا هذا النوع من السيارات إلى حد كبير". ويعني المدى الطويل في هذه الحالة على مدى عقود من الملكية؛ "لكن في الوقت الحالي، تتمتع هذه السيارات باهتمام كافٍ لدفع القيم دفعة قوية".
هؤلاء "المشترون الأصغر سنا" هم جيل الستينيات والثمانينيات وجيل الألفية الذين يتبعون قاعدة جمع السيارات، التي تقول: إن الناس يريدون شراء السيارات التي كانوا متلهفين لاقتنائها وهم أطفال. والآن، بعد أن قام الجيل بتكوين الثروة وبدأ بجمع السيارات، فإن من الطبيعي أن يتهافت على شراء السيارات التي تعود إلى فترة الثمانينيات والتسعينيات بدلا من الخمسينيات والستينيات.
خير شاهدٍ على ذلك مجموعة سيارات "راد وود" (Radwood) الشهيرة؛ فقد سخّرت شركة "آر إم سوث بايز" (RM Sotheby’s) جميع مبيعات المزاد إلى "السيارات الكلاسيكية". ومن جهتها، تتنبأ شركة "هيمينغز" (Hemmings) بأن تصبح السيارات التي تعود إلى فترة أواخر السبعينيات والتسعينيات إحدى أكبر التوجهات في تجارة السيارات، بعد أن شهدت السيارات التي تعود إلى فترة الثمانينيات زيادة سنوية في قيمها، وفقا لشركة "هاغرتي" منذ عام 2015.
وبصفتها ابنة الثمانينيات– فقد أُصدرت فقط في الفترة بين 1978 و1981- فإن "تي آر 8" قد تُصدق تنبؤ البريطانيين في السنوات القليلة القادمة، كونها تنتمي لفئة الثمانينيات الرائجة.
ويقول "كلينغر" "إن أحدهم قد يرى أن سيارات "تي آر 8" ستحقق نموا أعلى في السنوات القادمة، بالمقارنة مع سيارات "تي آر 6" (TR6)، وذلك نظرا لتزايد تقدير السيارات التي تعود إلى فترة الثمانينيات". وما يزيد من هذه الاحتمالية أن هذا الطراز من السيارات كان الأكثر تقدما وتطورا من بين سيارات "تريومف".
ففي حين افتقرت سيارات "تريومف" القديمة إلى المكونات البلاستيكية والإلكترونية، وكانت سريعة الصدأ، وعانت من ارتفاع درجة حرارتها؛ تجنبت سيارة "تي آر 8" هذا النوع من المشكلات، وامتازت بقوة أدائها، فكانت باختصار أفضل سيارة بأقل ثمن.
يذكر أن سيارة تسمى "جونيور جاغوار" (Junior Jaguar) صنعت لتحل محل سيارة "تي آر 7" (TR7) ذات الشكل المدبب، مزودة بمحرك من ثماني أسطوانات، بقوة 133 حصانا، وناقل حركة يدوي بخمس سرعات. وقد أثنى مراجعو "رود آند تراك" (Road & Track)- حينها- على أسلوب قيادة السيارة ومكابحها وتوفيرها في استهلاك الوقود، رغم أن مدحهم جاء بنكهة سخرية قائلين: "لا ينقص هذه السيارة سوى المظهر الجيد".
تفتقر هذه السيارة- من الداخل- إلى جمال التصميم، بعد أن زينت سلسلة سيارات "تي آر 8" السابقة بالزخارف الخشبية، لكنها واسعة وعملية، ومزودة بتجهيزات حديثة مثل أجهزة التكييف والتهوية المناسبة. فقد كانت هناك حاجة ماسة إلى مثل هذه الميزات في سيارات "تريومف"، التي باتت سيارتها من طراز "تي آر 6" تبدو قديمة بالمقارنة مع سيارات مثل "داتسن زو" (Datsun Z)، التي انتشرت في السبعينيات.
كما كانت نادرة أيضا، فقد أصدرت 2,700 سيارة منها فقط، جاء العديد منها بألوان معدنية ومقاعد منقوشة (وعلى الرغم من غرابة هذا النمط بعض الشيء، فإنه ليس بوسعنا أن نقول إنها سيارة متواضعة). ومن الجدير بالذكر، أن معظم هذه السيارات بيع في أمريكا الشمالية بأسعار تصل إلى 11 ألف دولار تقريبا.
لكن هذه الأيام، يُمكن الحصول على سيارات من طراز كوبيه قابلة للقيادة مقابل 15 ألف دولار أو أقل. كما يمكن الحصول على سيارات أفضل بتكلفة تقارب 20 ألف دولار، علما بأن الأسعار تتراوح في دار المزاد بين 12 ألف دولار، 15.950 دولارا، 20.350 دولارا، وفقا لحالة السيارة، وجودة التعديلات التي لا غنى عنها في كثير من الأحيان.
باختصار، رغم أن الأنواع الأخرى من سيارات "تريموف" مثل سيارة "تي آر 6" ستظل بلا شك أروع مظهرا، إلا أن سيارة "تي آر 8" هي السيارة التي ستخدمك على المدى الطويل. وبالنسبة لأولئك الذين يتغافلون عن النظر بتخوف إلى مشكلة المظهر، فسيجدون فيها أسعارا معقولة نسبيا مقارنة بالسيارات السابقة، إلى جانب أجزائها المتميزة بسهولة الوصول إليها وميكانيكيتها البسيطة.
وحتى "بوند" لا يمكنه معارضة هذا القول، ولو أنه قد يغمض عينيه عند دخولها.