قدرت "نتفلكس" (Netflix) عوائدها من أحدث مسلسلاتها الذي شهد نجاحاً ساحقاً، "لعبة الحبار" (Squid Game)، بقرابة 900 مليون دولار، وفقاً للأرقام التي اطلعت عليها بلومبرغ، مما يؤكد المكاسب المفاجئة التي يمكن أن يولدها مسلسل ناجح واحد في عصر البث.
تختلف "نتفلكس" عن استوديوهات الأفلام وشبكات التلفزيون من حيث إنها لا تحقق مبيعات استناداً إلى عناوين محددة، بل تستخدم بدلاً من ذلك كتالوغها وإيقاع ثابت من الإصدارات الجديدة لإغراء العملاء كل أسبوع. كما تملك الشركة ثروة من البيانات المتعلقة بما يشاهده عملاؤها، والتي تستخدمها لتحديد القيمة المستمدة من البرامج الفردية.
اقرأ أيضاً: مسلسل "سكويد غيم" الشهير يعزز قوة كوريا الجنوبية الناعمة ويدعم اقتصادها
تكلفة منخفضة
يتميز مسلسل "لعبة الحبار" بشعبيته وتكلفته المنخفضة نسبياً. حيث ولّد المسلسل الكوري الجنوبي الذي تدور قصته حول أشخاص مثقلين بالديون يشاركون في مسابقة مميتة للحصول على جائزة نقدية، ما مجموعه 891.1 مليون دولار من قيمة التأثير، وهو مقياس تستخدمه الشركة لتقييم أداء العروض الفردية. قد كلّف المسلسل 21.4 مليون دولار فقط لإنتاجه - حوالي 2.4 مليون دولار للحلقة. وهذه الأرقام مخصصة للموسم الأول فقط، وهي مستمدة من مستند يعرض تفاصيل مقاييس "نتفلكس" لأداء المسلسل.
اقرأ المزيد:مسلسل "سكويد غيم" الشهير على "نتفلكس" يشعل أسهم شركات الإعلام الكورية
تؤكد الوثيقة على مدى نجاح هذا المسلسل على "نتفلكس"، وتُقدّم أوضح صورة حتى الآن لكيفية تقييم الشبكة التلفزيونية الأكثر شهرة في العالم لنجاح برامجها. حيث أصدرت "نتفلكس" مقاييس المشاهدة المختارة ذاتياً لعدد قليل من البرامج التلفزيونية والأفلام، إلا أنها لا تشارك مقاييسها الأكثر تفصيلاً مع الصحافة أو المستثمرين أو حتى منشئي البرامج. أصبح تخمين شعبية عرض معين ضرباً من ألعاب الاستقبال في هوليوود، حتى عندما بدأت "نتفلكس" في إصدار بيانات ضئيلة ومتفرقة.
قال محامٍ يمثل "نتفلكس" في رسالة إلى بلومبرغ إنه سيكون من غير الملائم لبلومبرغ أن تكشف عن البيانات السرية الواردة في الوثائق التي استعرضتها بلومبرغ. وقال المحامي: "لا تناقش "نتفلكس" هذه المقاييس خارج الشركة، وهي تتخذ خطوات مهمة لحمايتها من الكشف".
اقرأ أيضاً: هل تخاطر "نتفلكس" بأعداد المشتركين في حملتها ضد مشاركة كلمات المرور؟
الأرقام تشرح نفسها
الجدير بالذكر أن بعض الأرقام تشرح نفسها بنفسها، وهي تعكس البيانات التي أبلغت عنها "نتفلكس" وخدمات أخرى بالفعل. حيث شاهد حوالي 132 مليون شخص دقيقتين على الأقل من مسلسل "لعبة الحبار" خلال أول 23 يوماً من عرض المسلسل، محطمين رقم "نتفلكس" القياسي الذي سجله مسلسل "بريدجيرتون" (Bridgerton). والرقم الخاص بالدقيقتين هو الرقم الذي تصرح به "نتفلكس" للجمهور لبعض العروض. وقد قالت الشركة إن 111 مليون شخص بدأوا مشاهدة المسلسل في وقت سابق من هذا الشهر، إلا أن ذلك كان بناءً على بيانات أقدم قليلاً.
علاوةً على ذلك، كشفت "نتفلكس" عن عدد الأشخاص الذين بدأوا مشاهدة المسلسل، إلا أنها لم تكشف بعد عن عدد الأشخاص الذين استمروا في مشاهدة المزيد من المسلسل (الثبات) أو عدد الأشخاص الذين أنهوا المسلسل (معدل الإكمال). هذا وتُبلّغ شبكات التلفزيون الخطية عن متوسط عدد الأشخاص الذين يشاهدون برنامجاً طوال مدته، مما يجعل أرقام "نتفلكس" التي تبلغ دقيقتين تبدو مبالغاً فيها بالمقارنة.
في حالة "لعبة الحبار"، تُقدّر "نتفلكس" أن 89% من الأشخاص الذين بدأوا المسلسل شاهدوا 75 دقيقة على الأقل (أكثر من حلقة واحدة)، و66% من المشاهدين، أو 87 مليون شخص، قد أنهوا المسلسل في أول 23 يوماً. أخيراً، قضى الناس أكثر من 1.4 مليار ساعة في مشاهدة المسلسل، الذي أنتجته شركة "سايرن بيكتشرز" (Siren Pictures) مغلقة رأسمال.
ابتهاج المستثمرين
من المرجح أن تثير تفاصيل المشاهدة ابتهاج المستثمرين، الذين استعادوا الحماس إزاء "نتفلكس" بعد عدة أشهر صعبة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن مسلسل "لعبة الحبار" أصبح شعبياً للغاية، وكانت الشركة قد أبلغت عن أبطأ وتيرة لإضافات المشتركين منذ 2013 في النصف الأول من العام، وألقت باللوم على ندرة العروض الجديدة الناجحة في التسبب ببعض معاناتها. كما ألقت باللوم على فيروس كورونا في إبطاء إنتاج التلفزيون والأفلام، كذلك انخفض سهمها في معظم أوقات العام، وتراجع عن السوق.
إلا أن أسهم الشركة قفزت بنسبة 7% تقريباً منذ إصدار "لعبة الحبار" في 17 سبتمبر، مقدرةً الشركة بمبلغ 278.1 مليار دولار. وحتى المستثمرين المنتقدين للشركة يتوقعون أنها سترفع من أدائها في الربع الثالث أو توقعاتها للربع الرابع - إن لم يكن كلاهما.
من جانبه كتب مايكل باشتر، المحلل في "ويدبوش سيكيوريتيز" (Wedbush Securities)، في مذكرة بتاريخ 14 أكتوبر: "نعتقد أن "نتفلكس" قد وجدت استراتيجية سليمة ومربحة من خلال جهود تدويل المحتوى، حيث كان مسلسل "لعبة الحبار" "مثالاً ممتازاً على ذلك". والحقيقة أن باشتر كان أكثر المتشككين في "نتفلكس" بين محللي وول ستريت، وقد أضاف: "يجب أن يوفر هذا المسلسل، إلى جانب إطلاق مسلسل "سينفيلد" (Seinfeld) في الربع الرابع، وسادة صلبة".
اقرأ أيضاً: هل انتهى زمن "نتفلكس"؟
المشاهدة المعدلة
فضلاً عن ذلك، تُعتبر بعض المقاييس التي اطلعت عليها بلومبرغ أكثر خصوصية، ومن المستحيل استخلاص البيانات التي تستخدمها "نتفلكس" لحساب كل معادلة. حيث سجل مسلسل "لعبة الحبار" 353 نقطة في نسبة المشاهدة المعدلة، والتي لا تعكس فقط عدد الأشخاص الذين شاهدوه، وإنما أيضاً مدى أهمية هؤلاء المشاهدين. (تعتبر نسبة المشاهدة المعدلة التي تكون أكثر من 9 أو 10 مرتفعة بالفعل). هذا ويُنظر إلى المشاهدين الجدد أو الذين يستخدمون "نتفلكس" بشكل أقل على أنهم أكثر قيمة، لأن هذا يشير إلى أن هذه العروض هي سبب عدم إلغائهم لاشتراكهم.
علاوةً على ذلك، فإن نسبة المشاهدة المعدلة هي المكان الذي يبدأ فيه تقييم "نتفلكس" لأحد العروض، وفقاً للموظفين الحاليين والسابقين، ويُعد رقم قيمة التأثير تقديراً لمدى عمر المسلسل في نسبة المشاهدة المعدلة.
تجدر الإشارة إلى أن ما يجعل "لعبة الحبار" أكثر قيمة هو مدى شعبيته بالنسبة لتكلفته المنخفضة. حيث إن تكلفة المسلسل هي أقل من عرض خاص حديث للكوميدي ديف تشابيل، أو مجرد حلقتين من مسلسل "التاج" (The Crown). كما تقيس "نتفلكس" ذلك باستخدام مقياس يسمى الكفاءة، والذي يقيس نسبة المشاهدة (أو نسبة المشاهدة المعدلة) بالنسبة للتكلفة. حيث سجل المسلسل علامة 41.7X في الكفاءة، وفقاً للوثيقة، في حين تعتبر كفاءة 1x على أنها صلبة. هذا وبلغت علامة عرض "العصي والحجارة" (Sticks & Stones) لشابيل 0.8X، كما ذكرت بلومبرغ هذا الأسبوع.