تمتنع بعض دور الأزياء مثل "ستيلا مكارتني"، و"فيكتوريا بيكهام" منذ زمن طويل عن استخدام المشتقات الحيوانية في المنتجات التي تقدِّمها، في حين تترك بعض شركات صناعة السيارات، منها: "أودي"، و"بي أم دبليو"، و"لاند روفر"، و"تسلا" الخيار لزبائنها لانتقاء سيارات تحتوي على فرش خالٍ من الجلد، ومصنوع من مواد مستدامة.
وحتى هذا اليوم، تعدُّ "فولفو" واحدة من العلامات التجارية القليلة جداً التي أعلنت أنَّها سوف تمتنع تماماً عن طرح أي سيارات يُستخدم فيها الجلد، ولا حتى كخيار، في أيٍّ من المركبات التي تنتجها.
"جلد نباتي"
وحالياً، تقدِّم شركة صناعة الشاحنات الكهربائية "ريفيان" المقاعد المصنوعة من "الجلد" النباتي في شاحنات (البيك – أب) من نوع "ر 1 تي"، بدون أي خيار لمقاعد أو حاشية جلدية.
ومن المقرر أن تبدأ "فولفو" بتطبيق هذا التحوُّل في العام المقبل من خلال مركبة "سي 40 ريتشارج"، وهي سيارة رياضية متعددة الأغراض قابلة للشحن، تسير لمسافة تزيد على 200 ميل لكل شحن.
وستستمر الشركة في ذلك حتى عام 2030 حين تصبح كل المركبات الكهربائية التي تنتجها "فولفو" خاليةً من الجلد.
وقال مديرون تنفيذيون في "فولفو" لـ"بلومبرغ" خلال مقابلة خاصة عبر الفيديو أعلنوا فيها عن هذه التغييرات، إنَّ القرار نابع عن الدراسات والتوقُّعات حول توجهات السوق، بقدر ما هو نابع عن القلق حيال المعاملة الأخلاقية للحيوانات.
وقال روبن بايج، رئيس قسم التصميم في "فولفو": "نرى أنَّ توقُّعات زبائننا قد تغيّرت"، وأضاف: "هم يغيرون عاداتهم في الأزياء والمنتجات التي يشترونها. يريدون أن يعرفوا أكثر عن المواد ومصادرها، ومن أين تأتي، فالناس باتوا مدركين أكثر للتغيّر المناخي، وتأثير ذلك على الكوكب".
مواد أُعيد تدويرها
وبحسب تقرير صادر عن شركة "إنفينيوم غلوبال ريسيرتش" البحثية استند إليه مدير شؤون الاستدامة الدولية في "فولفو" ستيورات تيمبلار؛ فمن المتوقَّع أن يصل حجم سوق الجلد النباتي إلى 73 مليار يورو (85 مليار دولار) بحلول عام 2025. وبحلول ذلك الوقت، ستكون ربع المواد المستخدمة في سيارات "فولفو" الجديدة مصنوعة من مكوِّنات أُعيد تدويرها، ومستخرجة من مواد عضوية، بحسب بايج.
كما أنَّ كل المورِّدين المباشرين للشركة، مع مورِّدي المواد، سوف يستخدمون الطاقة المتجددة بنسبة 100%.
وقال بايج: "لم يعد تركيز المستهلكين على المنتج النهائي فحسب؛ بل على طريقة إنتاجه أيضاً، وهذا يشمل الحصول عليه بطريقة مسؤولة".
في هذا الإطار، سوف تقدِّم "فولفو" مزيجاً جديداً من الصوف، مصنوعاً من قبل مورِّدين مرخصين، فيما تسعى الشركة لتوفير قابلية تُتبَع كاملة، والحرص على ضمان الرفق بالحيوانات ضمن سلسلة إمدادها.
كما ستستخدم مادة "مايكروتيك"، وهو نوع من النسيج المشابه لجلد السويد، وهو مصنوع من البوليستر المعاد تدويره، بالإضافة إلى اعتماد مكوِّنات مصنوعة من الكتان المستحصل عليه بشكل مستدام بيئياً.
تغير مطالب المستهلك
وقال بايج: "هذه بدائل فاخرة عن الجلد". وفي حين كان ينظر المستهلكون لأيِّ مواد أخرى غير الجلد على أنَّها دون المستوى، بدأوا اليوم يغيّرون أراءهم بعد أن أصبحوا مطَّلعين أكثر على التغيّر المناخي.
وأشار بايج إلى أنَّ الماشية تسهم فيما يقدَّر بنحو 14% من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن النشاط البشري، و معظمها مصدره مزارع تربية المواشي.
وقال: "هدفنا النهائي هو الحصول على مواد طبيعية أعيد تدويرها، بما أنَّ ذلك يمثِّل كامل الجزء القائم على الاستدامة".
كذلك، تعتزم شركة "فولفو" استخدام مادة غير جلدية أخرى، هي "نورديكو" التي تستند إلى أنسجة مصنوعة من المواد المعاد تدويرها، مثل الزجاجات البلاستيكية (PET)، وبقايا الأخشاب من الغابات المستدامة في السويد، وفنلندا، فضلاً عن الفلين المعاد تدويره في قطاع صنع النبيذ.
طرح عام مرتقب
ويأتي إعلان "فولفو" في خضم ما أسمته الشركة بالتحديات "المزعجة فعلاً" التي تواجهها للحصول على رقاقات الكمبيوتر. وكانت "فولفو" قد وافقت في يوليو الماضي على استلام إدارة معاملها في الصين من الشركة الأم "جيلي أوتوموبايل القابضة"، مما يسهم في تعزيز قيمتها قبيل البيع المرتقب للأسهم.
ويمكن أن تبلغ قيمة "فولفو" نحو 20 مليار دولار، إذ يُتوقع إدراج أسهمها بحلول نهاية سبتمبر.
وعلى الرغم من أنَّ هذا الرقم صغير بالمقارنة مع نتيجة الاكتتاب الأولي العام الذي يُتوقَّع أن تحقِّقه شركة "ريفيان" الناشئة المتخصصة بصناعة الشاحنات الكهربائية، إلا أنَّ طرح "فولفو" سيكون بين الأضخم في أوروبا في عام 2021.