أدى الجفاف الشديد الذي عمّ غالب غرب الولايات المتحدة لذبول المحاصيل وتأجيج حرائق الغابات واستنزاف مخزون المياه في ولايات عدة، وبات أكثر من 60 مليون شخص في المنطقة يعيشون أحوال الجفاف، وفقاً لمرصد الجفاف الأمريكي.
قد يكون شح المياه كارثة مالية فضلاً عن كونه كارثة بيئية بالنسبة لبعض المدن، حيث يهدد طول الجفاف الجدارة الائتمانية للحكومات المحلية والمرافق ومناطق الري.
قال محللون لدى "ستاندرد آند بورز غلوبال ريتينغز" (S&P Global Ratings)، هم جين ريدلي وكلوي ويل ونورا ويتستراك، في تقرير صدر حديثاً إن البلديات التي ضربها الجفاف قد تجني دخلاً أقل من أنظمة المياه الخاصة بها لأن هناك مياها أقل للبيع أو لارتفاع تكاليف توفير الإمدادات اللازمة. في حين يمكن للمدن والمرافق العامة تحمل الطقس الجاف لمدة عام، فقد استمرت ظروف الجفاف غرب جبال روكي منذ مايو 2020 دون أن تلوح نهاية لذلك في الأفق. يمكن أن تؤدي هذه الظروف إلى إبطاء النمو الاقتصادي المحلي وتراجع تقييم العقارات، ما يؤدي إلى "آثار على الإيرادات قد تأتي بتغيير التصنيف".
ستجبر التصنيفات الائتمانية المنخفضة الحكومات المحلية والمرافق على دفع معدلات فائدة أعلى على السندات التي تصدرها لتمويل العمليات العامة والمشاريع الخاصة. تقول دانييل شبيغل فيلد، المديرة التنفيذية لمركز "غواريني" (Guarini Center) في كلية الحقوق بجامعة نيويورك، الذي يركز على الطاقة المستدامة والممارسات البيئية: "تمول المدن مشاريع البنية التحتية الخاصة بها بالديون، لذلك قد يكون لهذا تأثير كبير على قدرتها على القيام بذلك".
بين المطرقة والسندان
ترى "ستاندرد آند بورز" أن المدن قد تحتاج أيضاً إلى تقييد استخدام المياه للسكان والمزارعين، فضلاً عن الحد من التنمية التجارية والسكنية في المناطق التي قد لا تكون فيها إمدادات المياه كافية للحفاظ على نمو إضافي.
تضيف شبيغل فيلد قولها: "في بعض النواحي، تقع المدن بين المطرقة والسندان فيما يتعلق بتمويل ديونها". إنهم بحاجة للحد من التنمية في المناطق المعرضة للفيضانات على سبيل المثال، لكنهم يحتاجون أيضاً إلى عائدات ضريبة الأملاك من البناء على أرض ثمينة.
ستضيف تكاليف الاقتراض المرتفعة المتأتية من الطقس الجاف القاسي إلى النفقات التي تتحملها الحكومات بالفعل لدعم البنية التحتية، والتعامل مع الأضرار الناجمة عن الأحداث المناخية المتطرفة الأخرى مثل الفيضانات وحرائق الغابات، وتوفير الطاقة الكافية. بلغ إنتاج كاليفورنيا من الطاقة الكهرومائية في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام 29% من إنتاجها في نفس الفترة قبل عامين. على سبيل المثال، أُجبرت المنشأة الكهرومائية على بحيرة أوروفيل على الإغلاق لأول مرة عندما هبطت مستويات المياه بشكل منخفض للغاية مطلع أغسطس.
هبطت طاقة بحيرة ميد في نيفادا الى 35%، وهي الأدنى منذ إنشاء المنطقة التي تغذي جميع أنحاء الجنوب الغربي بالمياه والكهرباء. قالت "ستاندرد آند بورز" إن كلا الحالتين قد تجبران المرافق المحلية على التحول إلى خيارات أكثر تكلفة وأقل ملاءمة للمناخ، مثل محطات تعمل بالغاز الطبيعي.
تعد مشكلة المياه جزءاً من لغز أكبر يتعين على المدن حله على الصعيد البيئي والاجتماعي والإداري بشكل عام، حيث كتب محللو "ستاندرد آند بورز" أن اعتبارات المياه "ستكون جزءاً من تخطيط الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات للمُصدرين لأنها تتناول ما يمكن أن يصبح الوضع الطبيعي الجديد في أرجاء الغرب".