يستعد نجيب ميقاتي، رجل الأعمال الملياردير ورئيس الوزراء السابق، لأن يصبح ثالث رئيس وزراء للبنان يتمُّ تعيينه في أقل من عام، في الوقت الذي تسارع فيه البلاد للهروب من أزمة اقتصادية متصاعدة.
يجري المشرِّعون والرئيس ميشال عون محادثاتٍ لتعيين رئيس وزراء جديد، يوم الإثنين، ولقد نجح ميقاتي بالحصول على دعم مجموعة من السياسيين السنيين ذوي الوزن الثقيل، من بينهم سعد الحريري، الذي أنهى مساعيه لتشكيل حكومة جديدة الأسبوع الماضي بعد خلافات مع عون وكتلة المستقبل التي يرأسها، في حين أعلنت جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران دعمها لميقاتي بشكل حاسم.
يُذكر أنَّ ميقاتي سيحتاج إلى دعم أكثر من نصف أعضاء البرلمان البالغ عددهم 120 عضواً لتأمين التعيين.
يخضع لبنان لحكومة تصريف أعمال منذ أغسطس، عندما استقالت الحكومة في أعقاب انفجار الميناء الهائل الذي أسفر عن مقتل 200 شخص على الأقل، وتدمير أجزاء من بيروت.
وواجهت الحكومة، التي تخلَّفت عن سداد ديون دولية بقيمة 30 مليار دولار منذ أكثر من عام، صعوبةً في تنفيذ الإصلاحات نظراً لمحدودية سلطتها ودعمها السياسي.
كما أدى انهيار الليرة إلى تدمير مدَّخرات ملايين اللبنانيين، في حين زاد نقص الوقود من البؤس.
العملة اللبنانية تهوي إلى مستوى متدنٍّ جديد مع تفاقم الانهيار المالي
لبنان يرفع أسعار الوقود بنسب تصل إلى 38%
ميقاتي (65 عاماً)، هو المؤسس المشارك إلى جانب شقيقه في شركة الاستثمار "مجموعة ام ون" (M1 Group)، وهما من أغنى رجال لبنان بثروات فردية تبلغ حوالي 2.5 مليار دولار.
وتمتلك الشركة المملوكة لعائلتيهما استثمارات في قطاعات تشمل الاتصالات، والعقارات، وتمويل الطائرات، والأزياء، والطاقة. كما تمتلك "مجموعة ام ون" حصصاً في شركة الاتصالات الجنوب إفريقية "إم تي إن جروب" (MTN)، ومتاجر الأزياء بالتجزئة "بيبي جينز" (Pepe Jeans)، وممتلكات في نيويورك ولندن، وفقاً لمجلة "فوربس".
تولى ميقاتي منصب رئيس الوزراء مرتين، وهو من مدينة طرابلس الشمالية، التي تعدُّ واحدة من أفقر مدن لبنان، ويعدُّ ميقاتي صديقاً مقرَّباً لبشار الأسد، رئيس الجارة سوريا، الذي كان صاحب نفوذ أساسي في لبنان، ودخل ميقاتي السياسة في عام 1998 كوزير للأشغال العامة، وهو نائب في البرلمان حالياً.
كانت أحدث حكومة لميقاتي في 2011 بعد أن أطاح حزب الله وحلفاؤه بالحريري المدعوم من السعودية، وعيَّنوه لتشكيل حكومة، واستقال ميقاتي بعد ذلك بعامين بسبب عدَّة خلافات حرَّضت تحالف الحريري ضد المعسكر الذي يقوده حزب الله.
منذ ذلك الحين، أعاد ميقاتي تحالفه مع الحريري، الذي تربطه أيضاً علاقات مع فرنسا، والإمارات العربية المتحدة، ومصر. كان المجتمع الدولي، وبشكل رئيسي فرنسا - القوة التي استعمرت لبنان سابقاً - يضغط على السياسيين في لبنان لتشكيل حكومة بسرعة، والبدء في تنفيذ إصلاحات يمكن أن تطلق مليارات الدولارات من المساعدات المتعهد بها، وتحيي المحادثات المتوقِّفة مع صندوق النقد الدولي.
اندلعت احتجاجات على مستوى البلاد في أكتوبر 2019 على خلفية تدهور الأحوال المعيشية، طالب المتظاهرون فيها بإزالة كاملة للطبقة السياسية، تلك التي يتهمونها بالفساد المستشري، ونهب خزائن الدولة، ودفع البلاد إلى حافة الانهيار.
خلال فترة الاحتجاجات، اتهم المدعي العام ميقاتي، وأكبر بنك في البلاد بجني مكاسب غير مشروعة من برنامج الإسكان المدعوم حكومياً. وقد قام ميقاتي والبنك بنفي ارتكاب أي مخالفات.