رجّح صندوق النقد الدولي أن تستخدم السعودية إيرادات النفط الفائضة لإعادة بناء الاحتياطيات، وهو ما يشكل انفصالا عن ممارساتها التاريخية المتمثلة في زيادة الإنفاق عندما ترتفع أسعار النفط.
وقال تيم كالن، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي للمملكة، في مقابلة في وقت متأخر من يوم الاثنين: "الرسالة التي وصلتنا بقوة شديدة هي أن المسار المحدد في الموازنة سيتم الالتزام به، وهو على ما أعتقد الشيء الصحيح الذي ينبغي القيام به".
وأضاف أن الالتزام بمستوى الإنفاق المستهدف "سيسمح حقاً ببناء الأصول المالية التي استُنزفت على مدار السنوات الماضية".
تحقيق التوازن
ويرى صندوق النقد الدولي أن أسعار النفط الحالية عند حوالي 75 دولارا للبرميل تعد أقل قليلاً مما تحتاجه السعودية لتحقيق التوازن في ميزانيتها، وقد تواصل الأسعار الارتفاع مع تعافي الاقتصاد العالمي من تأثير الوباء، فيما حذرت وكالة الطاقة الدولية، يوم الثلاثاء، من أن المعروض في سوق النفط سيظل منخفضاً إلا إذا رفعت السعودية وحلفاؤها في أوبك بلس الإنتاج.
وقال كالن: "في الماضي، كان التحدي في عملية تحقيق التوازن في موازنة السعودية هو أنه عند ارتفاع أسعار البترول، يصعد الإنفاق، وعندما تهبط الأسعار، كان يتعين اتخاذ قرارات صعبة.. ولا نعتقد أن مسايرة الدورات الاقتصادية مفيدة للاقتصاد، وبالتالي من الصحيح تماماً الالتزام بالمسار المحدد للنفقات حتى إذا صعدت أسعار النفط".
حددت السعودية الإنفاق العام الحالي عند 990 مليار ريال (264 مليار دولار) بينما من المتوقع أن تصعد الإيرادات إلى 849 مليار ريال. ونتيجة لهذا العجز، والتحويلات إلى الصندوق السيادي، انخفض صافي الأصول الأجنبية في مايو إلى أدنى مستوياته في حوالي 10 سنوات.
الضرائب والدعم
انكمش أكبر اقتصاد في العالم العربي بحدة في 2020 نتيجة الضربة المزدوجة من أسعار النفط المنخفضة وجائحة فيروس كورونا، واتخذت الحكومة تدابير للتخفيف من حدة الأثر المالي مثل مضاعفة ضريبة القيمة المضافة ثلاثة أضعاف وتقليص خطط الإنفاق ورفع رسوم الاستيراد.
رغم أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أشار إلى أن رفع ضريبة القيمة المضافة كان استجابة لوباء كوفيد 19 وأنه قد يتم تقليصها في السنوات القليلة المقبلة، فقد أوصى صندوق النقد الدولي بعدم اتخاذ الخطوة، وقال كالن: "بعد رفع ضريبة القيمة المضافة بالفعل، من المهم أن تظل حيث هي.. فأنت لا تريد أن تستخدم الضرائب بطريقة مسايرة أو حتى مضادة للدورات الاقتصادية".
كما أشار صندوق النقد الدولي إلى أن الحكومة يمكن أن تتحمل استخدام المزيد من الدعم المالي الموجه للأسر ذات الدخل المنخفض، ووضعت المملكة التي خفضت دعم الوقود، حداً أقصى للتكلفة المحلية للبنزين الأسبوع الماضي، وقالت إن الدولة ستتحمل عبء الأسعار فوق هذا المستوى.
ويرى كالن أنه بدلاً من فرض سقف للتكلفة، يمكن أن تستخدم الحكومة برنامجا يعرف باسم "حساب المواطنين" لتوجيه الدعم المالي إلى الأسر الأقل دخلاً، وقال: "التزموا بالإصلاحات التي كنتم تطبقونها ولا تعكسوها".
وقال كالن إن صندوق النقد الدولي يقدم أيضاً مساعدة فنية للحكومة السعودية في إدارة التزامات الأصول السيادية.
منظور النمو
أوضح كالن أن نمو القطاع غير النفطي مستدام، وسيكون على الأقل في نطاق 3.5% إلى 4.5%. من المتوقع أن يكون النمو على أساس سنوي في الربع الثاني قوياً، نظراً لأنه كان ضعيفاً جداً في الربع الثاني من العام الماضي. على أن يتباطأ بعد ذلك، لكنه قال إنه "سيظل قوياً نسبياً في المستقبل".
أكد كالن أن السعودية تحتاج إلى تحرير سوق العمالة إذا أرادت أن تصبح مركزاً إقليمياً للأعمال.
نادى كالن بضرورة وضع "صندوق الاستثمارات العامة"، وهو صندوق الثروة السيادية، في إطار السياسة المالية.