يناقش مسؤولو البيت الأبيض مقترحات لاتفاقية تجارة رقمية تغطي اقتصادات منطقة المحيطين الهندي والهادئ، إذ تسعى الإدارة الأمريكية لإيجاد طرق للحدِّ من نفوذ الصين في المنطقة، وفقاً لمصادر مطَّلعة على الخطط.
ما تزال تفاصيل الاتفاقية المحتملة قيد الصياغة؛ ولكن ربما تشمل دولاً مثل كندا، وتشيلي، واليابان، وماليزيا، وأستراليا، ونيوزيلندا، وسنغافورة، وفقا لأحد المصادر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب أنَّ العملية غير معلنة.
يمكن أن يضع الاتفاق معايير خاصة بالاقتصاد الرقمي، بما في ذلك قواعد استخدام البيانات، وتسهيل التجارة، وترتيبات الجمارك الإلكترونية، وفقاً لمصدر آخر. كما سيُظهر أنَّ إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مهتمة بتعقُّب فرص تجارية جديدة، بعد قضاء أشهرها الأولى في التركيز بطريقة أكبر على تنفيذ الاتفاقات الحالية بدلاً من دفع المفاوضات مع المملكة المتحدة وكينيا التي ورثتها من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب.
ربما الأهم من ذلك، يكمن في أنَّ هذه السياسة ستمثِّل جهداً مبكِّراً من قبل إدارة بايدن لتقديم خطة اقتصادية للمنطقة الأكثر أهمية من الناحية الاقتصادية والاستراتيجية في العالم، بعد قرار ترمب بالانسحاب من المفاوضات بشأن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ في عام 2017.
قال مسؤول بالبيت الأبيض ليلة الإثنين، إنَّه لم يجرِ التوصُّل إلى أيِّ قرارات، لكنَّ الإدارة عازمة على تعميق علاقتها مع منطقة المحيطين الهندي والهادئ في العديد من المجالات، بما في ذلك التجارة الرقمية. ورفض مكتب الممثِّل التجاري الأمريكي التعليق.
العودة إلى آسيا
يشير المدافعون عن مثل هذا الاتفاق، بما في ذلك نائب الممثِّل التجاري الأمريكي السابق بالوكالة ويندي كاتلر، إلى أنَّه يمكن الاعتماد على الترتيبات الحالية في المنطقة، بما في ذلك اتفاقية التجارة الرقمية بين الولايات المتحدة واليابان، فضلاً عن الاتفاقيات الأخرى التي تمَّ إبرامها بين الدول الإقليمية، مثل اتفاقية التجارة الرقمية بين سنغافورة وأستراليا، واتفاقية شراكة الاقتصاد الرقمي بين سنغافورة، ونيوزيلندا، وتشيلي.
من شأن اتفاقية التجارة الرقمية أن "تعيد الولايات المتحدة إلى اللعبة التجارية في آسيا، في حين تنظر في مزايا الانضمام إلى الاتفاقية الشاملة والمتقدِّمة للشراكة عبر المحيط الهادئ (CPTPP)"، بحسب ما كتب كاتلر، وهو مفاوض تجاري منذ فترة طويلة، وهو الآن نائب الرئيس من معهد سياسة المجتمع الآسيوي، في مقال رأي مشترك مع جوشوا ميلتزر، زميل أقدم في معهد بروكينغز، في شهر إبريل الماضي.
قال تشارلز فريمان، نائب الرئيس الأول لمنطقة آسيا في غرفة التجارة الأمريكية في واشنطن: "نحن نؤيد بشدة التفاوض بشأن اتفاقية رقمية، لا سيَّما في غياب اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP). نود أن نرى نوعاً من الاتفاق الطموح القائم على القواعد في المنطقة، ولا سيَّما كنموذج لاتفاقية عالمية، ونعتقد أنَّ الوقت قد حان لفعل ذلك ".
المعارضة السياسية
يمكن لمثل هذا الاتفاق أن يتجنَّب على الأقل بعض المزالق السياسية التي أعاقت المفاوضات التجارية السابقة، بما في ذلك معارضة النقابات العمالية. كما أنَّه لن يحتاج إلى موافقة في الكونغرس، فقد منعت المعارضة بين الديمقراطيين التقدُّميين بعض الاتفاقات لسنوات. حتى بين الجمهوريين، هناك القليل من الدعم لاتفاقيات التجارة الحرة الشاملة بعد انتقادات ترمب للاتفاقات التي توصَّل إليها أسلافه.
وقال نايغل كوري، المدير المساعد للسياسة التجارية في "مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار"، وهي مؤسسة فكرية غير حزبية: "إنَّها مهمة صعبة للغاية ومعقَّدة، فالاتفاقيات الخاصة بالتجارة الرقمية تكون أكثر وضوحاً".
ومع ذلك، سيتعيَّن على إدارة بايدن مواءمة الاقتراح مع "سياستها التجارية التي تركِّز على العمال"، التي حدَّدتها الممثِّلة التجارية الأمريكية كاثرين تاي. وألمح بعض مسؤولي الإدارة علناً إلى وجود اتفاق محتمل.
وفي مناسبة عقدت في 6 يوليو الحالي، قال كيرت كامبل المسؤول الأعلى في البيت الأبيض لشؤون آسيا: "لكي تكون الولايات المتحدة فعَّالة حقاً في آسيا؛ سنحتاج إلى إظهار أنَّ لدينا خطة اقتصادية، وسلسلة من الاتفاقات، وسترى أجزاء من ذلك على مدار الفترة القليلة القادمة". أضاف كامبل أنَّ الإدارة تدرس "ما يمكن أن يكون ممكناً على الجبهة الرقمية"، دون الخوض في التفاصيل.
قبل تولّيه منصبه، قال بايدن، إنَّه لن يسعى إلى اتفاقيات تجارية جديدة حتى تقوم إدارته باستثمارات في العمال والمجتمعات الأمريكية.