في أول زيارةٍ لسلطانٍ عُماني للسعودية منذ أكثر من عقدٍ من الزمن، وصل السلطان هيثم بن طارق إلى المملكة اليوم الأحد، ما يُشكّل علامةً على تَحوُّلٍ في التحالفات بمنطقة الخليج العربي، حيث تتواصل السعودية مع دولٍ ذات علاقاتٍ أوثق بمنافستها الإقليمية إيران.
اكتست ناطحات السحاب في العاصمة الرياض باللونين الأحمر والأخضر، ألوان العلم العماني، احتفاءً بوصول السلطان هيثم بن طارق، الذي تزامنت زيارته لمدينة "نيوم"، حيث استقبله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مع افتتاح أول معبر بري بين البلدين، في وقتٍ تحاول عُمان تنويع طرقها التجارية.
حزمة اتفاقات
مجلس الوزراء السعودي كلّف المسؤولين بإعداد مسودة اتفاق لتوقيعها مع عُمان بمجموعة من المجالات، مثل التجارة والثقافة وتشجيع الاستثمار والبريد والنقل.
يُشير أيهم كامل، مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجموعة استشارات المخاطر السياسية "يوراسيا"، إلى أنه "جرى الكثير من العمل وراء الكواليس لمحاولة وضع الأساس لشيءٍ ذا أهمية بالغة بين السعوديين والعُمانيين. ويُنظر إلى السلطان هيثم في الرياض باعتباره يميل للموقف السعودي فيما يتعلق بشؤون الخليج".
قد تكون العلاقة الأوثق بين البلدين نعمة اقتصادية بالنسبة لعُمان التي تكافح لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط. كما أنها تأتي في وقتٍ يتواصل فيه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الدول التي تجمّدت العلاقات معها في وقتٍ من الأوقات بسبب الخلاف حول نهجها تجاه إيران. ووثّقت السعودية روابطها مع العراق، حيث استضافت رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في مارس. كما تصالحت مطلع العام مع قطر، الجارة الخليجية التي اختلفت معها بشكلٍ حاد في 2017.
آفاق جديدة
في الوقت عينه، تزايدت التوترات بين السعودية وجارةٍ في مجلس التعاون الخليجي، هي الإمارات، بسبب تباين وجهات النظر بشأن سياسة النفط، والآراء الجيوسياسية، والمنافسة الاقتصادية.
وقال كامل: "الأمر يتعلق إلى حدٍّ كبير بولي عهد جديد يفكر بالشؤون الإقليمية بطريقة مختلفة. فهو أكثر اهتماماً بكثير في بناء علاقة متعددة ترتكز على مجلس التعاون الخليجي ولا تعتمد على حليف واحد، والذي كان عادةً دولة الإمارات. وإنما تستند على شبكة أوسع بكثير من التحالفات".
لطالما كانت العلاقات بين عُمان والسعودية فاترة رغم حدودهما المشتركة. إذ كان المسؤولون السعوديون حذرين من علاقات عُمان الودية مع إيران، بينما حافظ المسؤولون العُمانيون على حيادٍ حذر في منطقة متقلبة وكانوا متحفظين تجاه النفوذ غير القوي لجارتهم الأكبر.
مع ذلك، وبعد وفاة السلطان العُماني قابوس بن سعيد العام الماضي، والذي حكم لخمسة عقود، برزت فرصة التغيير على مستوى العلاقة بين البلدين. وتمثل زيارة السعودية أول رحلة للسلطان هيثم منذ توليه الحكم. وتبددّت كافة علامات التردد نهاية الأسبوع الماضي، بعدما شاركت شخصيات سعودية عامة منشورات تفيض بالمشاعر على وسائل التواصل الاجتماعي ترحيباً بالتحالف.
بدورها، أوردت صحيفة "تايمز أوف عُمان" أن "العلاقات العُمانية السعودية توشك على التحليق لآفاقٍ جديدة بعد اليوم الأحد، ما يُبشِّر بعصرٍ جديد من الرخاء الأوسع والتعاون المستدام".