تدرس المملكة العربية السعودية إصلاح نظام المعاشات التقاعدية في البلاد، بمطالبة المواطنين بالعمل لمدى عمري أطول، والمساهمة بشكل أكبر في إيرادات صندوق التقاعد، ما يمثل ضربة أخرى لمستوى معيشة المواطنين، بما قد يقوّض الدعم العام لجهود ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، لإعادة تشكيل الاقتصاد المعتمد على النفط.
تدرس الحكومة - التي تواجه عجزاً اكتواريا يقدر بـ 800 مليار ريال (213 مليار دولار) في صندوق التقاعد الذي تسيطر عليه الدولة - مقترحات لزيادة سن التقاعد، وفقاً لثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر، طلبوا عدم ذكر أسمائهم لخصوصية المناقشات.
قالت المصادر، إن ذلك قد يتطلب أيضاً من العمال المساهمة بمزيد من رواتبهم لصالح المؤسسة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية، التي تدير معاشات تقاعد القطاعين العام والخاص.
أوضحت المصادر، أنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن تفاصيل التغييرات، وما إذا كان سيتم تنفيذها.
قال مسؤولون سعوديون، إن النظام الحالي (نظام المعاشات التقاعدية) غير مستدام. هذا مأزق يواجه برامج التقاعد في جميع أنحاء العالم، حيث يرتفع متوسط الأعمار – وهو ما يحدث في السعودية أيضاً.
يبلغ متوسط العمر المتوقع للسعوديين 75 عاماً، ورغم أن سن التقاعد الرسمي يبلغ 60 عاماً للرجال والنساء، إلا أن الثلث يتقاعد مبكراً، بعد العمل 25 عاماً في القطاع الخاص أو 20 عاماً في الخدمة المدنية.
متوسط الأعمار
يقارن ذلك بمتوسط سن تقاعد يبلغ 64.3 عاماً للرجال و63.5 عاماً للنساء في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
مع ذلك، فإن أي تغييرات في القواعد يمكن أن تكون مثيرة للجدل محلياً.
أحدث ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، تغييرات بعد عقود، من استخدام الدولة لثروتها النفطية لتزويد المواطنين بمزايا مثل البنزين والطاقة الرخيصة، والوظائف الحكومية الوفيرة والمنح الجامعية.
وفي إطار خطته لوقف اعتماد الاقتصاد على النفط وسد عجز الموازنة، بسبب انخفاض أسعار النفط الخام، أعاد ولي العهد السعودي صياغة العقد الاجتماعي في أكبر مصدر للنفط في العالم من خلال خفض الدعم وفرض الضرائب وتوجيه انتقادات للقطاع العام الذي يعاني من العمالة الزائدة.
يكافح العديد من السعوديين من أصحاب الدخل المنخفض والمتوسط من أجل التكيٌف، وقد أدت جائحة فيروس كورونا، إلى تسريع وتيرة التغيير بسبب إجهاد الموارد المالية الحكومية وتسليط الضوء على الحاجة الملحة للتنويع الاقتصادي.
ورداً على سؤال حول التغييرات المقترحة على نظام المعاشات، قالت المؤسسة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية، إن دمج صناديق التقاعد والتأمين في القطاعين العام والخاص الشهر الماضي "لن يؤثر على استحقاقات التأمين لعملاء التأمين، أو على المعاشات لعملاء التقاعد، أو النسب المئوية، أو توريد اشتراكات كل صندوق، ولا عملياته أو معاملاته".
انتقادات لتصريحات الوهيبي
لكن نادر الوهيبي، مساعد المحافظ للشؤون التأمينية في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، قال مؤخراً للتلفزيون الحكومي، إن التقاعد المبكر والعمر الأطول يهددان مستقبل الصندوق.
تم تجميد ممارسة إحالة العمال للتقاعد بعد 20 عاماً من الخدمة مؤقتاً، بعد دمج "المؤسسة العامة للتقاعد" في "المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية" الشهر الماضي.
قال الوهيبي:"الأشخاص الذين سيتقاعدون في وقت مبكر الآن سوف يستنزفون كل الأموال الموجودة في الصندوق.. إنهم يعيشون لفترة أطول، والأموال لا تكفي، حتى لو حققنا عوائد استثمار مرتفعة للغاية".
يدفع العمال حاليا 9% من رواتبهم لصالح صندوق التقاعد.
لم ترد وزارة المالية ولا مركز الاتصال الدولي الحكومي فوراً على طلبات التعليق.
أثارت تصريحات الوهيبي الحادة ردود فعل سلبية من بعض السعوديين وتسببت في انتقادات داخلية قاسية.
قال الروائي السعودي، محمد الرطيان، في منشور على "تويتر" "حتى لو اتفقنا على أن هذه هي الحقيقة، فلا ينبغي قولها بهذه اللغة الجافة القاسية.. الناس ليسوا أرقاماً في عملية محاسبية صارمة".