منذ إقرار مجلس النواب اللبناني لمشروع قانون البطاقة التمويلية، البارحة الأربعاء، والتساؤلات تدور حول نقطتين: من أين سيجري تمويل اعتماد البطاقة بقيمة 556 مليون دولار؟ وكيف سيتمُّ ضمان وصول الإعانات المالية لمستحقيها؟
يتزامن إقرار البطاقة مع بدء رفع الدعم عن مواد أساسية في لبنان، بفعل شحِّ احتياطي مصرف لبنان المركزي، فشرعت السلطات بالبحث في ترشيد أو رفع الدعم عن استيراد السلع الأساسية كالطحين، والأدوية، والوقود، لاسيَّما في ظلِّ الحديث عن تهريب هذه المواد إلى دولة مجاورة، وعدم استفادة المواطنين اللبنانيين من دعمها. وبالتالي؛ ضرورة إيجاد بديل ملائم.
"الشرق" تواصلت مع جهات عدَّة معنية للحصول على إجابات واضحة حول آلية تمويل البطاقة التمويلية، ومعايير تحديد المستفيدين منها، لكنَّ التضارب في الآراء زاد الأمر غموضاً.
تحدي توفير التمويل
فيما يتعلق بالتمويل؛ كان مصدر بوزارة المالية اللبنانية، قد أفصح بتصريحات خاصة لـ"الشرق" أنَّ البنك الدولي مستعدٌّ لتحويل الميزانية المخصصة لمشروع "الأكثر فقراً"، والبالغة 246 مليون دولار لتمويل مشروع دعم البطاقة التمويلية.
إلى ذلك، أكَّد المصدر أنَّ البنك الدولي أبدى استعداده لتقديم تمويل إضافي قيمته 300 مليون دولار للمشروع. وفق شروطٍ سيتمُّ طرحها على الحكومة اللبنانية. في حين أبدى حاكم مصرف لبنان استعداده لتأمين 210 ملايين دولار لدعم المشروع، دون إيضاح مصدر وآلية توفير هذه الأموال من قِبل المصدر.
لكنَّ البنك الدولي ردَّ على طلب "الشرق" للتعليق حول تصريحات مصدر وزارة المالية، برسالة إلكترونية صادرة عن مكتبه في بيروت، أوضح فيها أنَّه "يؤكِّد مجدداً أنَّه في حال طلب حكومة لبنان إلغاء تمويل معين في إطار محفظة البنك الدولي الحالية، وإعادة توجيهه إلى أولويات أخرى؛ فإنَّ البنك سيتطلَّع نحو إعادة تخصيص الأموال المفرج عنها كتمويل إضافي لشبكة الأمان الاجتماعي الطارئة فقط. وهو برنامج يستهدف الأسر اللبنانية التي تعاني من فقرٍ مدقع.
كما أضاف البنك، في ردِّه على تساؤلات "الشرق"، أنَّ إعادة توجيه الأموال "سيكون مشروطاً بالتنفيذ المرضي لبرنامج شبكة الأمان الاجتماعي الطارئة، وذلك عبر التحقق من قِبل طرف ثالث مستقل بأنَّ التحويلات النقدية يتمُّ صرفها بالدولار الأمريكي للأسر المؤهلة التي تعاني من فقرٍ مدقع".
لغم لوائح المستفيدين
أمَّا ما يتعلَّق بالآليات المطلوبة لضمان وصول الإعانات المالية لمستحقيها من العائلات الفقيرة، وعدم استخدامها لأغراضٍ فئوية أو لأهدافٍ انتخابية، فقد أشار مصدر وزارة المالية إلى أنَّ وزارتي الشؤون الاجتماعية والدفاع، وبإشراف من البنك الدولي، وضعتا البيانات الخاصة بالعائلات المؤهلة للاستفادة من البطاقة التمويلية، مُقدِّراً عدد هذه العائلات بنحو 500 ألف عائلة، إذ سيحصل كلٌّ منها على مبلغ يتراوح بين 93 و126 دولاراً أمريكياً، بحسب ما جاء في القانون الصادر عن مجلس النواب.
غير أنَّ وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال رمزي مشرفية، أوضح في تصريحات خاصة لـ"الشرق" ما جاء على لسان مصدر وزارة المالية، كاشفاً أنَّ لوائح الأسر الفقيرة، التي سيتمُّ على أساسها توزيع البطاقات التمويلية، "لم يبدأ العمل بها بعد".
وتابع قائلاً، إنَّه من المقرر أن تُشكَّل لجنة من وزير المالية، ووزير الشؤون الاجتماعية، ووزير الاقتصاد لتحديد آلية ومعايير وضع اللائحة، ولإيجاد منصة تتضمَّن كل المعلومات المتعلِّقة بذلك، بعد تزويد اللجنة بالبيانات المتعلِّقة بالأسر الأكثر فقراً.
بدوره، النائب آلان عون، أمين سر مجلس النواب، لفت إلى أنَّ هناك اقتراحاً بأن يتم العمل على تعديل شروط الاستفادة من البطاقة، بالتشاور مع البنك الدولي، لتشمل أيضاً العاملين في القطاع العام.
أما بالنسبة لتمويل البطاقة؛ فقد قال، إنَّ هناك إصراراً من قِبل المُشرِّعين بأن لا يتم استعمال الاحتياطي الإلزامي لدى مصرف لبنان لهذه العملية، وبالتالي يجب إيجاد مصادر تمويل أُخرى. متوقِّعاً أن تضع اللجنة الوزارية المعايير المتعلِّقة بالعائلات المؤهلة للاستفادة من البطاقة خلال 15 يوماً. على أن يتمَّ استحداث منصة إلكترونية يتمُّ تسجيل العائلات عليها، ومن ثمَّ يجري فرزها وفقاً للمعايير المُشدَّدة التي سيتمُّ اعتمادها.