الديمقراطيون متخوفون من مماطلة مجلس الشيوخ لخطة بايدن الاقتصادية

عمليات بناء تابعة لشركة "سكانسكا" في مشروع استبدال أحد الجسور في مدينة لوس أنجلوس، في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة. - المصدر: بلومبرغ
عمليات بناء تابعة لشركة "سكانسكا" في مشروع استبدال أحد الجسور في مدينة لوس أنجلوس، في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

مساعي الرئيس جو بايدن لإقرار أجندته الاقتصادية التي تبلغ قيمتها 4 تريليون دولار، تدخل مرحلة جديدة مضطربة؛ إذ يعود مجلس النواب الأمريكي للانعقاد، في حين يكثِّف النواب الديمقراطيون الضغط على مجلس الشيوخ للتوصل إلى تسوية بين الحزبين أو التوقُّف عن إطالة أمد الجهود.

أسابيع مهمة

الأسابيع المقبلة ستمثِّل تحدياً بالنسبة لرئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، وكبار مساعديها، وذلك إذا تحدَّثنا فقط عن محاولة تلبية مطالب الديمقراطيين التقدُّميين. إذ ستحتاج الرئيسة أيضاً إلى أن تبقى متيقظة لمخاوف المعتدلين من الديمقراطيين، الذين يتخوَّفون من أي صفقة فردية، في حالة عدم حصول الحزب على عدد كافٍ من الأصوات في مجلس الشيوخ لدعم تمريرها.

وكانت التوترات قد تصاعدت في الفترة التي سبقت لقاء مديرة الميزانية بالوكالة شالاندا يونغ، ومستشار الرئيس بايدن ستيف ريتشيتي، مع الديمقراطيين في مجلس النواب، لمناقشة برامج بايدن المقترحة. فيما يمثِّل ذلك أوَّل لقاء فعلي للحزب منذ بدء الوباء.

اختلافات داخل الحزب

تتمثَّل إحدى التحديات الرئيسية في أنَّ عملية الموازنة السريعة التي يرغب التقدُّميون في إقرارها (على خطى عملية مشروع قانون الإغاثة من الجائحة التي أقرت في مارس، البالغة 1.9 تريليون دولار أمريكي)، لن تصبح متاحة إلا في حال موافقة جميع أعضاء مجلس الشيوخ الخمسين في التكتل الحزبي الديمقراطي، على اتخاذ هذه الخطوة.

في حين لا يؤيد عضوان رئيسيان بالحزب اتباع هذا المسار دون محاولة التوصُّل إلى اتفاق بين الحزبين أولاً. وهذان العضوان هما: جو مانشين من فرجينيا الغربية، وكيرستن سينيما من أريزونا. وفي حين تستمر المحادثات على تلك الجبهة، ليس هناك ما يضمن إمكانية تمرير حل وسط من مجلس الشيوخ، لمجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون.

محادثات البنية التحتية

في هذه الأثناء، تشكَّلت مجموعة مؤلفة من 10 أعضاء في مجلس الشيوخ، تضمُّ أعضاء من الحزبين. من بينهم خمسة أعضاء في الحزب الجمهوري إلى جانب مانشين، وسينيما، وثلاثة ديمقراطيين آخرين. وصرَّح هؤلاء مؤخراً أنَّهم توصلوا لاتفاق على حزمة بنية تحتية بقيمة 1.2 تريليون دولار لمدة ثماني سنوات. وتعهد مجلس النواب بمواصلة المحادثات مع تلك المجموعة.

الاقتراح لا يحتوي على إنفاق اجتماعي على الرعاية الصحية، أو على زيادة ضرائب الشركات التي سعى بها بايدن لضمِّها في خطته للوظائف. كما أنَّ الاقتراح لا يملك حتى الآن الأصوات الستين اللازمة لتمرير المشروع في مجلس الشيوخ في إطار العملية التشريعية العادية التي يجب أن تتضمَّن 10 جمهوريين.

فيما قد تمثِّل تدابير التمويل التي تضمَّنها الاقتراح عقبة رئيسية أمام إقراره. إذ يضمُّ الاقتراح فرض ضريبة البنزين الوطنية التي رفضها البيت الأبيض سابقاً. وإعادة تخصيص مليارات الدولارات المخصصة لحكومات الولايات بموجب مشروع قانون الإغاثة من الوباء. وهو ما يلغي أولوية رئيسية يمكن أن تستعملها بيلوسي وغيرها ضمن المفاوضات الشاقة التي تجري على مدار العام.

من جهتها؛ قالت بيلوسي، إنَّها لم ترَ الاقتراح، ولكن قد يكون من الصعب إقناع الديمقراطيين به في مجلس النواب: "ما لم يكن هناك المزيد مما لا نعلمه عنه في المستقبل".

كذلك، قالت خلال برنامج "حالة الاتحاد" الذي يعرض على شبكة "سي إن إن": "لنرى ما إذا كان بإمكاننا الوصول إلى مبلغ معقول من المال لإنجاز هذا العمل، لكن ليس لدي أي نية للتخلي عن باقي عناصر رؤيتي للأفضل، وهي إعادة البناء بشكل أفضل".

من جهته، قال زعيم الأغلبية تشاك شومر، إنَّ مجلس الشيوخ في الوقت الحالي سوف يتبع "مسارين". يعرض أحدهما اقتراحاً محتملاً للبنية التحتية من قبل الحزبين، في حين يمهد الآخر الطريق لحزمة الضرائب والإنفاق، مع عناصر أخرى يدعمها الديمقراطيون فقط.

جدول شومر الزمني

ما يزال علينا أن نرى إلى متى ستتم متابعة المسار الأول، لكن شومر قال، إنَّه يودُّ الالتفات إلى مواضيع البنية التحتية في يوليو. ويبدو أنَّ صبر الديمقراطيين التقدُّميين في مجلس النواب على وشك النفاذ.

وقد اشتكت ألكساندريا أوكاسيو كورتيز وآخرون بالفعل من أنَّ الصفقة المؤقتة لتكتل مجلس الشيوخ لا تقوم بما يكفي لمعالجة تغيُّر المناخ. كما قال بعض الديمقراطيين، إنَّهم يخشون أنَّ زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل يحاول المماطلة لتقييد إنجازات بايدن قبل انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس لعام 2022.

وقد عبرت رئيسة التجمع التقدُّمي براميلا جايابال، عن هذا الإحباط ضمن مناشدة للمانحين عبر البريد الإلكتروني مؤخراً. قائلة: "مرة أخرى، من الواضح جداً أنَّ الجمهوريين لا يريدون المشاركة". وأضافت: "انظروا: يمكننا الانتظار أسبوعاً آخر، يمكننا التفاوض مع سيناتور جمهوري آخر أو اثنين، لكنَّ النتائج لن تكون مختلفة".

كذلك قالت أوكاسيو-كورتيز، إنَّ الصفقة التي تجريها المجموعة المكوَّنة من الحزبين في مجلس الشيوخ لن تجعل الديمقراطيين أقرب إلى أهداف المناخ، أو تخلق الملايين من الوظائف المطلوبة في البلاد.

وقالت في مقابلة منفصلة على شبكة "سي إن إن": "إنَّ الحجة التي نحتاج إلى طرحها هنا هي أنَّ الأمر يستحق أن نقوم به بمفردنا، إذا كان يعني أنَّ بإمكاننا فعل المزيد للعمال في هذا البلد".

ينبغي على الرئيس بايدن والديمقراطيين الأعضاء في مجلس الشيوخ، التراجع خطوة وسؤال أنفسهم، ما إذا كانت لعبة الكعك (التي إما تلتصق أو لا) مع الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ، تستحق حقاً الاستغناء عن حقوق التصويت وإشعال النار في الكوكب، والسماح للشركات الهائلة والأغنياء بعدم دفع حصة عادلة من الضرائب..الخ.

ألكسندرا أوكاسيو كورتيز

القطاع الصحي

لكنَّ التقدُّميين ليسوا وحدهم القلقين من محادثات مجلس الشيوخ. وقد شبَّه أحد كبار مساعدي عضو ديمقراطي معتدل في مجلس النواب مؤخراً الاقتراح الأخير من مجموعة من الحزبين بالقمامة.

وأكَّد المساعد، الذي طلب عدم الكشف عن هويته حتى يتمكَّن من التوضيح بشكل كامل، أنَّ الكثير من التمويل الحكومي والمحلي الذي سيعيد خطة أعضاء مجلس الشيوخ توجيهه؛ كان من المفترض أن يذهب إلى المستشفيات، ومقدِّمي الرعاية الصحية، وهي أولوية خاصة لبيلوسي. وقال المساعد، إنَّ السؤال الآن ليس ما إذا كانت هذه التسوية ستمضي قدماً أم لا، إنَّما من الذي سيلغيها ومتى؟.

حتى العضو الديموقراطي رقم 3 في مجلس النواب، جيم كليبيرن، قال إنَّ المشرِّعين قد "ينفذ وقتهم" للموافقة على مقاربة من الحزبين بشأن البنية التحتية، وذلك لأنَّ بايدن يتوقَّع شيئاً على مكتبه من الكونغرس بحلول أغسطس القادم.

'فوضى عارمة'

وخلال لقاء، قالت غوين مور الديموقراطية من ولاية ويسكونسن على قناة بلومبرغ: "لا أريد أن أكرر"، وأتحدث عن "أسبوع البنية التحتية" كل شهر، وهو أمر لن يحدث أبداً". وقالت: "إنَّها فوضى عارمة"، مشيرةً إلى الافتقار إلى إجراءات تغيُّر المناخ، وزيادة ضرائب الشركات في مخطط مجلس الشيوخ.

ومع ذلك، وافق حوالي 29 ديموقراطياً معتدلاً في مجموعة حل المشكلات على إطار عمل للبنية التحتية بقيمة 1.2 تريليون دولار تتوافق بشكل وثيق مع جهود مجموعة مجلس الشيوخ. ويفضِّل هؤلاء صفقة من الحزبين، التي من المحتمل أن تستبعد عناصر رئيسية، بما في ذلك مليارات الدولارات في المشاريع المخصصة في مناطق أعضاء المجلس، وذلك من ضمن مشروع قانون المصالحة بموجب قواعد مجلس الشيوخ.

مواضيع تنتظر النقاش

في الوقت الحالي، ما زالت بيلوسي وقادة مجلس النواب ينتظرون. سيكون لدى القيادة توترات أخرى لإدارتها مع عودة مجلس النواب إلى الانعقاد، بما في ذلك النقاشات بشأن التصريحات المثيرة للجدل التي أدلت بها إلهان عمر.

ومن المقرر أن يصوِّت مجلس النواب بالكامل بحلول نهاية شهر يونيو على تشريع تمويل الطرق والسكك الحديدية، كما أنَّ التصويت معلق أيضاً على قرار الميزانية لعام 2022. وهو أمر عادةً ما يحفِّز بدء العمل على فواتير الإنفاق الحكومي السنوية العادية، وكذلك عملية التسوية السريعة.

يُذكر أنَّه من المتوقَّع إجراء تصويت على قرار الميزانية المؤقتة قريباً، مع اعتبار 1.5 تريليون دولار كحدٍّ أقصى للإنفاق لعام 2022. و سيمنح ذلك رئيس ميزانية مجلس النواب جون يارموث ولجنته الوقت للعمل على بقية مخطط الميزانية، جنباً إلى جنب مع التعليمات التفصيلية لمشروع قانون المصالحة.

وكلما طالت مدَّة قبول البيت الأبيض لمقترحات مجموعة مجلس الشيوخ المكوَّنة من الحزبين، زاد ضغط الجدول الزمني للبرنامج الذي يقدِّمه الديمقراطيون فقط. لكنَّ الصفقة الناجحة يمكن أن تزرع الانقسام أيضاً.

يقول دان كيلدي، العضو الديموقراطي من ميشيغان، إنَّه مع آخرين في الحزب في قلق بشأن فكرة تمرير حزمة مخفَّفة من الحزبين، مع وعد باستخدام المصالحة لاحقاً لدعم بقية برنامج بايدن. بما في ذلك التمويل القوي لمحطات شحن السيارات الكهربائية، وإزالة الأنابيب التي تحتوي على الرصاص.

وأضاف كيلدي في مقابلة : "في بعض الأحيان، لا يحدث ذلك لاحقاً"، داعياً إلى أنْ يمضي مجلس النواب في مشروع القانون الخاص به إذا استمر التأخير في مجلس الشيوخ. متابعاً: "أنا قلق بشأن تفويض مستقبل الاقتصاد إلى مجموعة صغيرة من أعضاء مجلس الشيوخ الذين عيَّنوا أنفسهم ليكونوا مسؤولين".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك