باشرت منظمة التجارة العالمية بمفاوضات رسمية تهدف لتعليقٍ مؤقت لبراءات الاختراع وقيود الملكية الفكرية للشركات المنتجة للقاحات كورونا، كما كشف مدير قسم الإعلام والعلاقات الخارجية في المنظمة كيث روكويل، خلال مقابلة مع قناة "الشرق". مُعتبراً أن هذه المسألة مهمة جداً لتسهيل عملية إنتاج اللقاحات وتسريع وتيرة توزيعها في الدول النامية.
روكويل أشار إلى أن الدول اتفقت الأسبوع الماضي على التفاوض بشأن تعليق براءة اختراع اللقاحات، إذ قام رئيس مجلس اتفاقية "تريبس" (TRIPS) لحقوق الملكية الفكرية بجمع الأعضاء لدراسة الحلول الممكنة. مؤكداً أن منظمة التجارة العالمية تتعاون مع كافة الجهات المعنية لتسهيل عملية إنتاج اللقاحات، لاسيما في ظل وجود قدرة إنتاجية فائضة في العديد من الدول النامية مثل تونس والمغرب وباكستان وبنغلادش وتايلاند والتي يجب أن تتم الاستفادة منها.
لكن في المقابل، شدّد روكويل على أهمية توفّر التكنولوجيا والمعارف الضرورية لتصنيع اللقاحات، "فتعليق حقوق الملكية الفكرية وحده لا يكفي".
إجراءات معقدة
إلى ذلك، اعتبر روكويل أن توزيع اللقاحات الفائضة على الدول النامية أمر ملح. مُبيِّناً أن وتيرة التوزيع التي تجري حالياً "لا تزال ضعيفة، وهذا غير مقبول". وإذ لفت إلى أهمية قرار مجموعة السبع بدعم توزيع اللقاحات للدول الفقيرة بمقدار مليار جرعة، أكّد روكويل أن العالم يحتاج إلى 11 مليار جرعة، وهذا لا يُمكن أن يتحقق إلاّ من خلال عملية تسريع الإنتاج محلياً. فعلى سبيل المثال أفريقيا تنتج أقل من 1% من احتياجاتها للقاحات، لذلك لا بد من الاستفادة من المعارف والتكنولوجيا واستخدام المرافق المتاحة في دول مثل جنوب أفريقيا، هذا إلى جانب توفير التشريعات الداعمة.
أمّا على الجانب التجاري، فاعتبر المسؤول بمنظمة التجارة العالمية أنه من المهم أن تبذل الدول المعنية كافة الجهود كي لا تفرض قيوداً على الصادرات، سواء تلك التي تتعلق بالمُكوّنات المطلوبة لصناعة اللقاحات أو أي منتجات أُخرى عادية، باعتبار أن إبطاء سلسة التوريد أكبر مُعوّق للإنتاج.
وإذ أكّد مجدداً أن "التنازل عن حقوق الملكية الفكرية مهم ولكنه ليس الحل الوحيد"، استطرد روكويل شارحاً أن "الجدل القائم لا يرتبط فقط بقلّة المرونة عندما يتعلق الأمر بهذه الحقوق، فبالنسبة للأدوية الأساسية لحياة الإنسان تلجأ الدول إلى إجبار حملة براءة الاختراع على إعطاء رخص للتصنيع محلياً أو في دول العالم الثالث، لكن بحسب داعمي اتفاقية "تريبس" فإن الخطوات المطلوبة لتطبيق هذه الإجراءات معقدة جداً وتلقي عبئاً ثقيلاً على كاهل المعنيين، وفي حال تمّ تجاوزها هناك مجموعة أُخرى من القضايا التي يجب التعامل معها".
وتابع قائلاً: "الجميع يدرك أهمية تطوير حوالي 10 لقاحات خلال أقل من عام، لكن التحدي يكمن في ضعف الإنتاج، الأمر الذي يحتاج إلى حل عملي واتفاق شامل من المأمول الوصول إليه خلال الاجتماع الوزاري المزمع عقده في نهاية العام الحالي.
سيناريوهات التعافي
على صعيد آخر، اعتبر روكويل أن انحسار الخلاف بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي خطوة بناءة تصب في مصلحة دعم التجارة العالمية، التي عانت العام الماضي بسبب جائحة كورونا وانكمشت بنسبة 5.5%.
متوقعاً أن تنمو التجارة العالمية بنسبة 8% في عام 2021 وبنسبة 4% عام 2022. لكنه لفت إلى أن تعافي الاقتصاد العالمي عموماً والتجارة بشكل خاص غير متساوٍ. منوهاً بأن الدول التي نجحت فيها عملية توزيع اللقاحات هي الأفضل أداء.
وتطرّق روكويل خلال المقابلة إلى الملف الصيني ومبادرة الحزام والطريق، فأمَّل أن تتراجع حدة التوترات في هذا المجال، مشيراً إلى أن العديد من الإجراءات التي تم اتخاذها في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب لم يتم التراجع عنها في عهد إدارة الرئيس جوبايدن حتى الآن، كاشفاً أنه يجري الحديث على حزام أخضر يهدف إلى مساعدة الدول النامية على تحسين مستوى البنى التحتية البيئية والرقمية.