بعد ارتفاع الأجور.. هل تكون الأتمتة والذكاء الاصطناعي بديلاً للعمال؟

الأجور المرتفعة ونقص العمالة سيشجع الشركات على بناء أعمال مبنية على الأتمتة والذكاء الاصطناعي، بدلاً من توظيف أعداد كبيرة من العمال ذوي الأجور المنخفضة - المصدر: بلومبرغ
الأجور المرتفعة ونقص العمالة سيشجع الشركات على بناء أعمال مبنية على الأتمتة والذكاء الاصطناعي، بدلاً من توظيف أعداد كبيرة من العمال ذوي الأجور المنخفضة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

قد يكون النقص الحالي في العمالة مؤقتاً، مع عودة العمال إلى سوق العمل خلال الأشهر العديدة المقبلة، لكن الأجور الأعلى التي يكسبونها لن تكون كذلك، نظراً لوجود اتجاه أن تكون الأجور ثابتة. وهو ما سيجعل هذا التوسع الاقتصادي مختلفٌ عن السابق.

سيُشجع التوسع الذي يبدأ بالأجور المرتفعة، ومجموعة العمالة المحدودة، على إنشاء أعمال مبنية على الأتمتة والذكاء الاصطناعي، بدلاً من الشركات التي تعتمد على توظيف أعداد كبيرة من العمال ذوي الأجور المنخفضة. وهذا يشكل مخاطر وفرصاً للمجتمع، لا سيما فيما يتعلق بتحديات مثل عدم المساواة في الدخل.

سيطرة شركات التكنولوجيا

عندما يتطلع أصحاب الأعمال أو رواد الأعمال إلى بدء الأعمال التجارية أو توسيعها، فإن الظروف الاقتصادية مهمة. وفي أوائل عام 2010، عندما كانت البطالة مرتفعة والأجور منخفضة، كان من المنطقي أن تبدأ شركات كثيفة العمالة مثل "أوبر" و"ليفت". لقد كانت شركات تقنية بمعنى أنها سمحت للعملاء بطلب مركبات عن طريق الضغط على زر في هواتفهم. ولكن في نهاية الأمر، كان لا يزال على الشركات أن تطلب مئات الآلاف من السائقين لتقديم رحلات للعملاء، الذين وجدوا الخدمات مفيدة جزئياً لأن الأسعار كانت منخفضة.

وعلى الرغم من أننا نعتقد أن 2010، كان عقداً تهيمن عليه شركات التكنولوجيا، إلا أن تلك الحقبة كانت مخيبة للآمال من وجهة نظر نمو الإنتاجية. نظراً لوجود مجموعة كبيرة من العمال ذوي الأجور المنخفضة للاستفادة منها، كان من المنطقي في كثير من الأحيان توظيف المزيد من الأشخاص بدلاً من الاستثمار في التكنولوجيا الموفرة للعمالة.

وفي الوقت الذي كان مستوى دخل العمالة منخفضاً ولا ينمو بسرعة كبيرة، لم تكن هناك حاجة ماسة للشركات لتوسيع قدرتها على التخطيط للطلب المستقبلي، مما يعيق النمو الاقتصادي. لقد كان مأزق الدجاجة والبيضة، ولهذا السبب شعر الاقتصاد في كثير من الأحيان بأنه في حاجة لتغيير الأوضاع.

ارتفاع تكلفة الأجور

ليس هذا هو الوضع الذي يجد رواد الأعمال المحتملين أنفسهم فيه اليوم. يعد متوسط ​​تكلفة الركوب في "أوبر" أو "ليفت" أكثر بنسبة 40% مما كان عليه قبل عام، ويرجع ذلك جزئياً إلى نقص في السائقين.

بدأت شركات مثل "جبوتلي ميكسيكان غريل إنك" و"أمازون" و"ماكدونالدز" في رفع الأجور لجذب العمال. على الرغم من أننا قد لا نحصل على حد أدنى وطني للأجور يبلغ 15 دولاراً في الساعة، فإن عدداً كافيا من الولايات والمدن والشركات الكبرى تتحرك في هذا الاتجاه الذي قد يفترض أصحاب العمل الوطنيون الكبار أننا سنصل إليه عاجلاً وليس آجلاً.

ليس من المرجح أن تبزغ اليوم الأعمال التجارية الجديدة التي تحتاج إلى عمالة تتقاضى 10 دولارات للساعة لتكون قابلة للحياة، أكثر من تلك التي تحتاج إلى أسعار النفط عند مستوى 20 دولاراً للبرميل.

الاعتماد أكثر على الذكاء الاصطناعي

لن تعتمد الشركات الجديدة التي تبلغ قيمتها 100 مليار دولار، والتي بُنيت في عام 2020، على العمالة الرخيصة، ولكنها إما ستكون قادرة على دفع أجور عالية بما يكفي لجذب العمال بعيداً عن الشركات الأخرى، أو أن تكون أقل كثافة في العمالة تماماً.

بعبارة أخرى، بينما يتحدث التقنيون منذ سنوات عن اقتصاد يعتمد على المزيد من الأتمتة والذكاء الاصطناعي، لدينا أخيراً الظروف المناسبة لتحفيز رواد الأعمال والشركات على الاستثمار فيه.

الأمل هو أن هذا سيعني فوز الجميع. يجب أن يكون الاقتصاد الأكثر إنتاجية هو الهدف دائماً، ونحن جميعا أفضل حالاً إذا كانت هناك تقنية مثل المركبات ذاتية القيادة تمكن من ركوب مركبات "أوبر" و"ليفت" بدون سائق، في حين أن السائقين السابقين قادرون على العثور على وظائف ذات أجر أفضل من خلال العمل في شيء آخر.

يكمن الخطر في أن عمال الخدمات يتمتعون ببضع سنوات من الأجور المرتفعة، قبل أن تستخدم الشركات تقنيتها الجديدة الموفرة للعمالة لطرد ملايين الأشخاص من العمل، وخفض الأجور مرة أخرى، مما يؤدي إلى زيادة عدم المساواة في الدخل.

التوظيف الكامل

هذه هي السيناريوهات التي يجب أن نضعها في الاعتبار لبقية العام، بينما نواجه ارتفاع الأجور ومخاوف التضخم. نحن في فترة غير عادية حيث تغرق الصناعة بالطلب، بينما تكون عودة العمال بطيئة. لا تزال الشركات تركز على مواجهة معوقات اليوم بدلاً من التخطيط للمستقبل.

بمجرد أن تصبح الشركات ورجال الأعمال في وضع يسمح لهم بالتخطيط لعام 2025، بدلاً من الأسبوع المقبل فقط، سينتقل التركيز بسرعة إلى الأتمتة والأشكال الأخرى من الاستثمارات الموفرة للعمالة كبديل عن التدافع لتوظيف عمال بأجور أعلى.

لهذا السبب يجب على صانعي السياسة التمسك بالتزامهم بالتوظيف الكامل، وعدم افتراض أن الزيادات في الأجور ستستمر إلى الأبد. بقدر ما تنجح الشركات في نشر تقنيات الأتمتة، فقد تكون المعركة من أجل التوظيف الكامل قد بدأت للتو.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك