تنقل الاقتصاد العالمي بين أربع مراحل، من مرحلة تضخمية إلى حالة انكماشية ثم إلى حالة إنعاش ويمكن أن ينتهي به الأمر إلى حالة تتسم بالركود التضخمي.
عندما دخلت الصين في حالة إغلاق اقتصادي، حدث اضطراب عنيف في سلسلة التوريد المرتبطة بمواد التصنيع الأساسية. هذا أدى إلى نقص في المعروض من السلع وكان لذلك تأثير تضخمي لعدم توفر السلع الأساسية.
وعندما بدأ فيروس كورونا في الانتشار في أوروبا والولايات المتحدة، قررت حكومات تلك الدول غلق اقتصاداتها، ما تسبب بصدمة حادة في الطلب والإنفاق الداخلي، وخلق حالة انكماش اقتصادي عالمي.
ردّ بنك الاحتياطي الفيدرالي والحكومة الأمريكية ببعض القرارات، فخفض سعر الفائدة إلى الصفر، وأطلق عدة برامج تحفيز مالية لدعم الاقتصاد عن طريق ضخ سيولة مكثفة في مختلف قطاعات الاقتصاد لدعم الشركات والمؤسسات التجارية. كما تم دعم أولائك الذين فقدوا وظائفهم والأسر بمنح مختلفة.
قامت الحكومة الأمريكية بسن تشريعات على أساس ما يسمى بالنظرية النقدية الحديثة أو "Modern Monetary Theory, MMT"، حيث تصدر الخزانة أذوناً ثم يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بشراء تلك الأوراق أو السندات، وهذا يعني أن الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى طباعة الأموال وتقديمها للخزانة.
الركود التضخمي
حزم التحفيز تلك وطباعة النقد له تأثير تضخمي ينذر بخطر على الاقتصاد، وبرغم أنه كان متوقعا حدوثه في عام 2021، إلا أنه يطل علينا حاليا.
والآن ومع ارتفاع أعداد الإصابات اليومية في الموجة الثانية في الولايات المتحدة وأوروبا وأجزاء أخرى من العالم، فقد يكون هناك إغلاق كامل أو جزئي، وفي كلتا الحالتين سيؤثر ذلك على النشاط الاقتصادي والمستهلك. ما سيؤدي إلى انكماش في الاقتصاد، وينتهي إلى حدوث ركود تضخمي في الفترة من 2021 إلى 2022.
تعاني الولايات المتحدة من عجز في كل من الحساب الجاري والميزان التجاري، كما أن عجز الميزانية الفيدرالي هو الأعلى منذ الحرب العالمية الثانية عام 1945.
فقد بلغ اجمالي الدين العام الأمريكي حوالي 27 تريليون دولار، وسجل الناتج المحلي الاقتصادي حتى نهاية أكتوبر 21 تريليون دولار، كما بلغ عجز
الميزانية الحكومية 3.1 تريليون دولار في السنة المالية المنتهية في 30 اكتوبر2020، أي حوالي15 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الأكبر منذ عام 1945.
الدين العام الأمريكي بمستوى تاريخي
يمثل إجمالي الدين العام في الولايات المتحدة حاليا 129 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقًا لتقديرات لجنة الموازنة الفيدرالية. تلك هي المرة الأولى التي يصل فيها لهذا المستوى منذ أكثر من 70 عامًا عندما كانت البلاد تمول عملياتها العسكرية في محاولة لإنهاء الحرب العالمية الثانية، والان وبسبب جائحة كورونا فقد بلغت عجز الميزانية حوالي 15 بالمئة في السنة المالية 2020، وهي الأكبر منذ عام 1945.
كما أظهرت بيانات الفيدرالي الأمريكي وصول حجم الميزانية الحكومية لمجلس الاحتياطي إلى 7.3 تريليون دولار، وهي تمثل 35 بالمئة من إجمالي الناتج الإجمالي للولايات المتحدة.
ومن المتوقع ان الحكومة الامريكية الجديدة تحت قيادة بايدن ستقوم بالمشاريع التي وعدت الناخبين بها ما يتطلب أمولا ضخمة سترفع المديونية إلى 45 تريليون دولار حتى 2030، وتأثير ذلك مزيداً من التضخم وتراجعا في قيمة الدولار وتآكلا في حجم الدين العام الذي يصب في مصلحة الولايات المتحدة.