ترتيب أولويات الإنفاق والتركيز على كفاءته مفتاح استفادة السعودية من تنظيم كأس العالم 2034

السعودية وكأس العالم: تقييم تجربة قطر دون الإفراط بالمقارنة

تصميم فني لاستاد الملك سلمان المستقبلي، يظهر فيه المبنى الرئيسي بتصميمه الفريد الذي يشبه زهرة ضخمة بتفاصيل معمارية متقدمة. تُحيط بالاستاد مساحات خضراء واسعة وممرات مضيئة، مع مناطق متعددة تجمع بين المرافق الرياضية والترفيهية (المصدر: الهيئة الملكية لمدينة الرياض) - الشرق
تصميم فني لاستاد الملك سلمان المستقبلي، يظهر فيه المبنى الرئيسي بتصميمه الفريد الذي يشبه زهرة ضخمة بتفاصيل معمارية متقدمة. تُحيط بالاستاد مساحات خضراء واسعة وممرات مضيئة، مع مناطق متعددة تجمع بين المرافق الرياضية والترفيهية (المصدر: الهيئة الملكية لمدينة الرياض) - الشرق
المصدر:

الشرق

- مقال رأي

من المفيد أن تنظر المملكة العربية السعودية وخبراء الاقتصاد لتجربة قطر في استضافة نهائيات كأس العالم 2022 لاستخلاص حصيلة أثر الحدث العالمي على الاقتصاد، غير أن الاعتماد المفرط على هذه المقارنة ليس في محله.

ولعل أبرز مشاكل هذه المقارنة هو التفاوت الكبير في حجم الدولتين من حيث عدد السكان وحاجة الاقتصاد بقطاعاته المختلفة إلى استثمارات ضخمة.

قطر، والتي يبلغ عدد سكانها حالياً حوالي 3 ملايين نسمة، رأت في كأس العالم فرصة لتنويع اقتصادها الذي يعتمد بصورة رئيسية على عوائد النفط والغاز. أنفقت قطر ما بين 200 إلى 300 مليار دولار قبل تنظيم البطولة لتطوير المرافق الأساسية بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي. الفرق هنا هو أن العديد من المحللين رأوا أن الاقتصاد القطري غير النفطي بحجمه الصغير نسبياً لم يكن بحاجة ماسة إلى مثل هذا الاستثمار.

يختلف الأمر تماماً بالنسبة للسعودية والتي يبلغ عدد سكانها أكثر من 32 مليون نسمة، ويبلغ حجم اقتصادها أكثر من تريليون دولار وفق تقديرات صندوق النقد الدولي. يشكل تنظيم كأس العالم فرصة نوعية للسعودية لتنويع موارد النمو والدخل من خلال الاستثمار في قطاعات السياحة والنقل والمواصلات بما يتضمنه ذلك من تطوير البنية التحتية.

 

الاقتصاد السعودي بحاجة ماسة إلى مطارات جديدة وإلى تطوير شبكة المطارات الحالية، وإلى فنادق تستوعب الزيادة المطردة في أعداد السائحين اليوم وفي المستقبل (حجز غرفة في فندق بالرياض بسعر معقول في فصل الشتاء يشبه محاولة شراء تذكرة لحضور نهائي كأس العالم قبل 24 ساعة من المباراة). المملكة أيضاً بحاجة إلى خلق فرص عمل جيدة لملايين المواطنين، وهو تحدٍّ لا تواجهه قطر بعدد سكانها الصغير.

كفاءة الإنفاق

هذا لا يعني على الإطلاق أن السعودية لا تواجه مخاطر تتعلق بكفاءة الإنفاق على كأس العالم أو غيره من المشاريع الضخمة والتي تعد جزءاً من رؤية 2030. غير أن هذه التحديات موجودة مع كأس العالم أو بدونه، كما أن الالتزام بتنظيم البطولة قد يدفع المسؤولين للتركيز على المشاريع المرتبطة بها بشكل رئيسي وإعادة النظر في أي خطط أخرى. ويمكننا هنا الإشارة إلى تقرير لوكالة رويترز في شهر نوفمبر أشارت فيه إلى أن المملكة قررت تركيز مشاريع تطوير نيوم على تلك المتعلقة بكأس العالم والألعاب الآسيوية الشتوية في 2029. (لم يعلق أي مسؤول سعودي بحسب علمي علناً على هذا التقرير بالنفي أو بالتأكيد).

بالعودة إلى قطر، أدى الإنفاق على البنية التحتية إلى زيادة حجم الاقتصاد غير النفطي بمتوسط 5-6 نقاط مئوية سنوياً بين عامي 2011 و2022 وذلك حسب تقديرات صندوق النقد، في حين ساهم تنظيم البطولة في زيادة نسبة النمو الاقتصادي لعام 2022 بما يقارب نقطة مئوية.

الحجم الأكبر لاقتصاد المملكة غير النفطي يعني أن نسبة النمو ستكون أقل من نظيرتها في قطر. ويقدر تقرير لمعهد دول الخليج العربي في واشنطن أن يسهم تنظيم البطولة في تسارع نسبة نمو القطاع بـ1.25 نقطة أساس سنوياً خلال العقد القادم، مستنداً على فرضية أن يكلف تنظيم البطولة نحو 250 مليار دولار (من بينها 150 مليار دولار لبناء وتطوير الملاعب والبنية التحتية الخاصة بالنقل والمواصلات).

التحدي الرئيسي للمملكة هنا هو أن تنظيم كأس العالم يأتي وسط توقعات بتراجع أسعار النفط خلال العقد القادم، وهو ما قد يشكل ضغطاً على موازنة البلاد والسيولة المتاحة لدى صندوق الاستثمارات العامة. بيد أن الاستجابة المثلى لذلك تكمن في إعادة النظر بصورة مستمرة في أولويات الإنفاق والتركيز على كفاءته أكثر من أي شيء آخر.

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب فقط، ولا تعكس بأي حال من الأحوال موقف أو رأي "الشرق للأخبار".
تصنيفات

قصص قد تهمك