مشكلة سعر صرف اليوان تقترب من نهايتها فيما يبدو إذ تحكم الصين قبضتها على العملة التي تواجه مخاطر نتيجة تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية جديدة.
منذ الانتخابات الأميركية، دأب بنك الشعب الصيني على تحديد سعر الصرف المرجعي اليومي، وهو أداة بكين المفضلة لتوجيه التوقعات بشأن حركة اليوان، عند ما يتجاوز 7.2 مقابل الدولار، رغم التقلبات الكبيرة في قيمة العملة الأميركية وتوقعات المحللين المتزايدة بتراجع البنك المركزي. وحدد البنك السعر المرجعي اليوم الثلاثاء عند أعلى مستوياته خلال أسبوع، رداً على موجة بيع كبيرة مقابل العملة الأميركية عقب تعهد ترمب عبر وسائل التواصل الاجتماعي بفرض جمارك جديدة.
حماية الاقتصاد مع ضبط العملة
تزامن التهديدات بفرض جمارك أميركية جديدة مع سيطرة البنك المركزي المحكمة على اليوان يذكر المتعاملين بالمواجهة التي شهدتها فترة رئاسة ترمب الأولى. لكن المخاطر أعلى هذه المرة، إذ توازن الصين بين الدفاع عن عملتها من جهة والحاجة لإعادة النمو الاقتصادي إلى مساره من جهة أخرى، وهو ما يدفع البنك المركزي لمحاولة إيجاد منطقة وسط بين جعل اليوان أقوى أو أضعف من اللازم.
بهذا الصدد، قال لاري هو، رئيس قسم الاقتصاد الصيني في "مجموعة ماكواري" (Macquarie Group)، إن بنك الشعب الصيني "سيبقي اليوان مستقراً نسبياً مقابل الدولار كما فعل حتى الآن (...) رد الصين على رفع الرسوم الجمركية الأميركية سيعتمد على التحفيز المحلي بدلاً من خفض قيمة العملة".
وجرى تداول اليوان في السوق المحلية الفورية بأكبر خصم عن السعر المرجعي في ثلاثة أسابيع، مما يعكس تشاؤم المتعاملين إزاء العملة رغم دعم بكين لها. وقد حدد البنك المركزي السعر المرجعي الذي يحدد حركة اليوان بالسوق المحلية في نطاق 2% صعوداً أو هبوطاً، عند مستوى أعلى بنسبة 0.7% من متوسط التوقعات في استطلاع أجرته "بلومبرغ".
أما في السوق الخارجية، سجل اليوان حوالي 7.26 مقابل الدولار اليوم الثلاثاء، بعد أن انخفض بما بلغ 0.4% خلال التداولات الصباحية.
ذكريات سلبية
يضع بنك الشعب الصيني عادةً استقرار اليوان على رأس أولوياته، حتى حينما يكون ضعف العملة مفيداً للاقتصاد، لأن انخفاضها بوتيرة سريعة قد يؤدي إلى حلقة مفرغة من نزوح رأس المال، كما حدث في عام 2015 عندما أدى قرار الصين بالسماح بخفض سريع في قيمة اليوان إلى خروج كبير للأموال، ما ترك ذكرى مريرة لدى صناع السياسة في البلاد.
ومع ذلك، يرى بعض المتداولين أن إصرار البنك المركزي على تثبيت اليوان عند مستويات أقوى من 7.2 مقابل الدولار قد لا تدوم طويلاً، حيث سبق للبنك أن ثبت اليوان عند مستويات بدت وكأنها خطوط حمراء قبل أن يتراجع عنها تحت ضغط السوق.
في عام 2019، قرر البنك السماح للعملة بتجاوز خط أحمر سابق عند 6.9 مقابل الدولار، مما أدى إلى موجة بيع واسعة لليوان. ونتيجة لذلك، وصلت العملة إلى مستوى يتجاوز 7 يوان مقابل الدولار لأول مرة منذ الأزمة المالية العالمية.
وقال جيف نغ، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي في آسيا لدى مجموعة "سوميتومو ميتسوي بانكينغ كورب" (Sumitomo Mitsui Banking Corp): "أتوقع أن يحدد بنك الشعب الصيني السعر المرجعي لليوان قرب 7.20 في الأمد القريب، وإذا استمرت قوة الدولار، قد يرتفع إلى 7.25. وربما يصل في المدى القريب إلى 7.35 للدولار في الأسواق الخارجية بسبب انعدام اليقين بشأن السياسات".
تصريحات ترمب تحرك الأسواق
في منشورات على منصة "تروث سوشيال" (Truth Social)، ذكر ترمب أنه سيفرض رسوماً جمركية إضافية بنسبة 10% على السلع القادمة من الصين إلى جانب فرض 25% جمارك على جميع المنتجات من المكسيك وكندا.
الانخفاض السريع في مجموعة من العملات أمام الدولار عقب منشورات ترمب يبرز مدى سرعة تأثير تصريحاته على الأسواق. ويأتي ذلك بعد تراجع الدولار أمس، حيث استجاب المتداولون لأنباء ترشيح ترمب لسكوت بيسنت، أحد الخبراء المخضرمين في وول ستريت، وزيراً للخزانة.