تُمثل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، ووعده بمزيد من الحمائية الأميركية وفرض رسوم تعريفية مرتفعة على الصين، تحديات كبيرة على دول آسيا، فهل تدفع هذه البيئة الخانقة دول المنطقة لتقارب وتعاون أكبر فيما بينها؟ كان هذا محور حلقة "تقرير آسيا" والتي تم بثها على قناة "الشرق" اليوم الخميس.
في حملته الانتخابية، هدد ترمب بزيادة الرسوم على السلع الصينية إلى ما يصل إلى 60%، وهو مستوى قالت "بلومبرغ إيكونوميكس" إنه سيؤدي إلى تدمير التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم.
لكن من المستبعد أن تتجه الصين، أكبر دول المنطقة، إلى تشكيل تحالف يجمع دول المنطقة أو اتباع سياسة التكتل، بحسب جون غونغ، الأستاذ في جامعة التجارة الدولية والاقتصاد والخبير في منتدى الصين. وأشار إلى أن "بكين سبق أن صرحت أنها غير مُهتمة بهذا النوع من التوجهات، لكنها ستجد في دول آسيان أسواقاً لتصريف منتجاتها".
عوض تشكيل تحالفات وتكتلات، يُرجح أن تتجه المزيد من الشركات الصينية لتأسيس مواقع إنتاج لها في الدول الآسيوية المجاورة لتخطي هذا التحدي، مثل فيتنام وتايلندا وحتى في دول بعيدة مثل المكسيك والسعودية، بحسب غونغ. ونوّه بأن هذه المناورة ستعود بالنفع على الشركات الصينية التي ستجعلها مهيئة بشكل أكبر لمثل تلك الظروف.
تحركات استباقية
استبقت دول آسيوية موعد دخول ترمب إلى البيت الأبيض وتطبيق رسومه، التي لم يتضح مقدارها أو نطاقها، وبدأت في تعزيز المبادلات التجارية فيما بينها. فخلال لقائهما الأول، على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك) في ليما عاصمة بيرو، اتفق رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا، والرئيس الصيني، شي جين بينغ، على تقوية الصلات بين بلديهما على جميع المستويات.
في نفس الاتجاه، اتفقت اليابان وإندونيسيا على هامش نفس القمة في بيرو، على الإسراع نحو التصديق على بروتوكول تعديل اتفاقية الشراكة الاقتصادية بينهما بحيث يتم تنفيذها بداية من العام المقبل.
أبدت دول جنوب شرق آسيا اهتماماً أكبر بالانضمام إلى مجموعة "بريكس"، كوسيلة للتحوط من حالة عدم اليقين التي تحيط بالسياسات الاقتصادية الأميركية في فترة ترمب القادمة. خلال قمة قازان الأخيرة تم الاعتراف بماليزيا وإندونيسيا وتايلندا وفيتنام كدول شريكة في المجموعة.
كان ترمب فرض تعريفات جمركية تصل إلى 25% على أكثر من 300 مليار دولار من الواردات الصينية خلال فترة رئاسته الأولى، مما أدى إلى ردود فعل انتقامية من بكين. وأبقى الرئيس جو بايدن، إلى حد كبير، على هذه التعريفات.
عقبات أمام تطبيق الرسوم
استبعد غونغ أن ينفذ ترمب تطبيق نسبة 60% على جميع السلع القادمة من الصين، مرجحاً أن الأقرب أن يتم إعداد جدول للمنتجات الصينية تتراوح الرسوم المفروضة عليها بين 20% لتصل إلى 60% على بعض السلع.
وأضاف أن تنفيذ ترمب لتهديداته بفرض الرسوم الجمركية ستقابلها عقبات، تتمثل في صعوبة تعويض المنتجات الصينية بالتصنيع داخل الولايات المتحدة، وخاصة من ناحية توفير العمالة اللازمة، "كما أن فرض الرسوم سينعكس بارتفاع أسعار السلع على المستهلك الأميركي، وهو ما لا يحبذه السياسيون حيث إن تكلفته خسارة شعبيتهم، مثلما حدث مع الديمقراطيين في الانتخابات الماضية، ولذلك أعتقد أن ترامب سيفكر مرتين قبل اتخاذ القرار".
خلال الأسبوع الماضي، قال تشو مين، وهو نائب محافظ سابق لبنك الشعب الصيني، في مقابلة مع قناة "بلومبرغ"، إن بلاده سترد في حال فرض ترمب تعريفات على السلع الصينية، مشيراً إلى خيارات ضمنها رفع القضية إلى منظمة التجارة العالمية.