قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول، إن أداء الاقتصاد الأخير كان "جيداً بشكل ملحوظ"، مما أعطى قادة البنوك المركزية مجالاً لخفض أسعار الفائدة بوتيرة حذرة.
وأضاف باول يوم الخميس في تصريحات معدة سلفاً في دالاس، أن "الاقتصاد لا يرسل أي إشارات إلى أننا بحاجة إلى التسرع في خفض أسعار الفائدة"، معتبراً أن "القوة التي نراها حالياً في الاقتصاد، تمنحنا القدرة على التعامل مع قراراتنا بعناية".
بدأ محافظو البنوك المركزية الأميركية في تخفيف تكاليف الاقتراض في سبتمبر، من خلال خفض ضخم لأسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، ثم خفضوها مرة أخرى بمقدار ربع نقطة الأسبوع الماضي. كما أشاروا إلى استعدادهم لخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر، طالما استمر التضخم في التباطؤ.
تبدو تعليقات باول متوافقة مع تعليقات بعض زملائه الآخرين الذين يدعون إلى اتباع نهج بطيء في خفض أسعار الفائدة في المستقبل.
أظهرت البيانات الصادرة في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن مقياس التضخم الأساسي في الولايات المتحدة ظل ثابتاً في أكتوبر. ارتفع ما يسمى بمؤشر أسعار المستهلك الأساسي -الذي يستبعد تكاليف الغذاء والطاقة- بنسبة 0.3% للشهر الثالث.
وقال باول: "إن التضخم يقترب كثيراً من هدفنا طويل الأجل عند 2%، لكنه لم يصل إلى هناك بعد". مضيفاً: "نحن ملتزمون بإنهاء المهمة. مع ظروف سوق العمل المتوازنة ورسوخ توقعات التضخم، أتوقع أن يستمر التضخم في الانخفاض نحو هدفنا، وإن كان على مسار وعر في بعض الأحيان".
لم يعلق باول على إمكانية خفض أسعار الفائدة في اجتماع ديسمبر. وقد حددت أسواق العقود الآجلة احتمالاً بنسبة 70% لخفض بمقدار ربع نقطة.
رياح ترمب المعاكسة
قد تواجه السياسة النقدية رياحاً معاكسة العام المقبل، خصوصاً إذا أوفى الرئيس المنتخب دونالد ترمب بوعود حملته بخفض الضرائب وتقييد الهجرة ونشر التعريفات الجمركية. قد يساهم عدم اليقين السياسي أيضاً في إحداث جمود في موقف بنك الاحتياطي الفيدرالي تجاه خفض أسعار الفائدة.
وفي جلسة الأسئلة والأجوبة، كرر باول تعليقاته السابقة بأنه من السابق لأوانه أن يغير صناع السياسات مواقفهم تحسباً لسياسات مالية أو تجارية جديدة. وقال: "أعتقد أن لدينا الوقت لإجراء تقييمات حول التأثيرات الصافية للتغييرات السياسية على الاقتصاد قبل أن نتفاعل" معها.
وأكد أنه عندما يتعلق الأمر بالرسوم الجمركية الجديدة المحتملة، فإن رد فعل شركاء الولايات المتحدة التجاريين سوف يزيد التأثير على الولايات المتحدة، وقد يتعارض التأثير السلبي على النمو مع التأثير الإيجابي للسياسة المالية.
وأضاف باول: "هناك شيء آخر: ماذا عن الانتقام؟"، معتبراً أنه "قد يحدث في وقت قد تكون فيه سياسة مالية داعمة للاقتصاد. فما هو التأثير الصافي حقاً؟".
كما انتقد ترمب بنك الاحتياطي الفيدرالي وباول. وفي مؤتمره الصحفي في 7 نوفمبر، قال باول إنه لن يترك منصبه إذا طُلبت منه الاستقالة. وأضاف أيضاً أن أي محاولة لخفض رتبته أو رتبة أي محافظ آخر في بنك الاحتياطي الفيدرالي، "غير قانونية".
تحسن ظروف العرض
يواصل الاقتصاد الأميركي التوسع بوتيرة قوية، بمتوسط نمو يبلغ حوالي 3% على مدى العامين الماضيين. وفي الوقت نفسه، تباطأت سوق العمل، لكنها لا تزال مرنة. وقال باول إن سوق العمل في "حالة قوية"، ووفقاً للعديد من المقاييس، عادت إلى مستويات "أكثر طبيعية"، بما يتفق مع التفويض الممنوح للفيدرالي بشأن التوظيف الكامل.
باول اعتبر أن "تحسن ظروف العرض دعم هذا الأداء القوي للاقتصاد"، مضيفاً: "توسعت القوى العاملة بسرعة، ونمت الإنتاجية بشكل أسرع على مدى السنوات الخمس الماضية مقارنة بالعقدين السابقين لوباء كورونا، مما أدى إلى زيادة القدرة الإنتاجية للاقتصاد، والسماح بالنمو الاقتصادي السريع، من دون أن يصبح قوياً جداً".
تسمح زيادة الإنتاجية للعمال بإنتاج المزيد من الناتج في الساعة، وتساعد في الحد من التضخم، وهي مفتاح النمو الاقتصادي طويل الأجل.
قال بعض صناع السياسات، بما في ذلك نيل كاشكاري من بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، إن زيادة الإنتاجية قد تؤدي في النهاية إلى خفض أسعار الفائدة بشكل أقل.
من جهته اعتبر باول أن "مسار سعر الفائدة سيعتمد في النهاية، على كيفية تطور البيانات الواردة، والتوقعات الاقتصادية".