قادة بكين يجتمعون في الفترة من 4 إلى 8 نوفمبر وتوقعات بدعم الاقتصاد بأربعة تريليونات يوان

الصين تناقش إطلاق حزمة تحفيز جديدة وتتأهب لنتائج الانتخابات الأميركية

أعلام الصين ترفرف في ميدان تيانانمين، بكين، الصين - المصدر: بلومبرغ
أعلام الصين ترفرف في ميدان تيانانمين، بكين، الصين - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يجتمع المشرعون الصينيون في بكين بينما يقرع آذانهم صدى الانتخابات الأميركية. ويتصدر إقرار حزمة مالية أجندة الاجتماع، مع توقعات بضخ تريليونات اليوانات لإنعاش الاقتصاد، لكن مع ذلك قد لا تكفي هذه الحزمة لاستعادة ثقة السوق بالكامل في الاقتصاد الصيني.

تأتي أهمية الاجتماع الذي يُعقد الأسبوع الجاري للجنة الدائمة لمجلس النواب الوطني -الهيئة التنفيذية لأعلى هيئة تشريعية في البلاد- مع زيادة المخاطر على الاقتصاد، إذ من المتوقع إنهاء أكبر حملة لتعزيز النمو في الصين منذ وباء كورونا.

ومن المقرر أن يُعقد الاجتماع في بكين خلال الفترة من 4 إلى 8 نوفمبر، ومن المحتمل أن يوفر مزيداً من الموارد التي تهدف إلى تخفيف الضغوط عن الحكومات المحلية وإعادة رسملة البنوك الكبرى المملوكة للدولة، وفق بنوك مثل "غولدمان ساكس غروب" و"إتش إس بي سي هولدينغز".

دعم الاستهلاك في الصين

مع بقاء السباق الرئاسي الأميركي متقارباً، ومنح صانعي السياسة في الصين الأولوية للتحديات الأكثر إلحاحاً التي تواجه الاقتصاد الذي تبلغ قيمته 18 تريليون دولار، قد يستغرق الأمر شهوراً قبل أن تتضح الخطط التفصيلية لدعم الاستهلاك. وتُعد الاجتماعات المحددة للسياسات خلال ديسمبر أو مارس المقبلين هي التواريخ المهمة التالية لمراقبة أي مؤشرات حول التدابير التي من شأنها دعم القدرة على الإنفاق الاستهلاكي، والتي ستكون حاسمة لتحسين الثقة في الاقتصاد.

أوضح نيكولاس ييو، رئيس قسم الأسهم الصينية في شركة "أبردين" (abrdn): "لا تريد الحكومة الإعلان عن خطط بتكلفة كبيرة تحسباً لعدم تمكنها من تنفيذها إذ إنها حذرة للغاية بشأن الإنفاق".

الرئيس الصيني شي جين بينغ، في الوسط، مع القادة الكبار والنواب في المؤتمر الوطني الشعبي في بكين خلال مارس الماضي
الرئيس الصيني شي جين بينغ، في الوسط، مع القادة الكبار والنواب في المؤتمر الوطني الشعبي في بكين خلال مارس الماضي - بلومبرغ

 

تجعل حالة الترقب المستمرة حول وتيرة وأهداف الدعم المالي اتخاذ قرارات الاستثمار للمتداولين عملية معقدة، خاصة بعدما تأثروا بالفعل بتقلبات السوق الصينية بعد تطبيق حزمة تحفيز في سبتمبر الماضي لتشجيع الإقراض ودعم أسواق الأسهم والعقارات.

يمكن أن تجبر نتائج الانتخابات الأميركية بكين أيضاً على تعزيز جهود تدعيم الطلب المحلي، نظراً للتهديد الذي يشكله المرشح الجمهوري دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية مرتفعة على السلع الصينية في حال انتخابه.

يتوقع خبراء اقتصاد في "غولدمان ساكس غروب"  وشركة "ماكواري غروب" وبنك "نومورا هودلينغز" أن يؤيد المشرعون الأسبوع الحالي إصدار سندات بما لا يقل عن تريليون يوان (140 مليار دولار) ضمن حصة إصدارات من السندات السيادية الخاصة لتعزيز رأس المال البنوك. ويتوقعون أيضاً الموافقة على زيادة مبيعات سندات الحكومة المحلية إما الأسبوع الجاري أو خلال الأشهر المقبلة لمقايضة ما يُسمى بالديون الخفية على مدى عدة سنوات، مع تقديرات تتراوح بين حوالي 6 تريليونات يوان إلى 10 تريليونات يوان.

تتوقع شركة "نومورا" أن يبلغ الحجم النهائي لحزمة التحفيز المالي في الصين 2% إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً على مدى السنوات القليلة المقبلة، مع توقع أن يدفعها فوز ترمب لبلوغ الحد الأعلى لها.

تخصيص أموال التحفيز المالي

ذكر هيرالد فان دير ليندي، رئيس وحدة استراتيجية الأسهم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في "إتش إس بي سي": "بالنسبة لنا، فإن الحجم المحدد لحزمة التحفيز أقل أهمية من المجال الذي ستركز عليه الحزمة المخصصة. القطاع العقاري مهم لاستقرار الثقة في الاقتصاد والنمو. لكن ربما تركز الصين على تحفيز الاستهلاك".

يهدف ضخ رأس المال إلى تحسين قدرة البنوك المملوكة للدولة على توسيع القروض، إذ تستجيب لنداء الحكومة للإقراض أكثر بمعدلات فائدة أقل لمساعدة الاقتصاد. وتسبب هذا النهج في تقليص هوامش الأرباح إلى مستويات قياسية وأضعف قدرتها تمويل زيادة رأس المال من خلال الأرباح.

بينما كانت الحكومات المحلية في الصين تقلل من الإنفاق مع تراجع الاقتصاد وتدهور سوق العقارات لسنوات، أثر ذلك سلبياً على الإيرادات من الضرائب ومبيعات الأراضي. وكان العديد منها حذراً من تحمل ديون جديدة لتمويل الاستثمارات في ظل تراجع العوائد، في الوقت الذي تسعى فيه للامتثال لحملة الرئيس شي جين بينغ ضد الديون الخفية.

سيعمل برنامج مقايضة الديون على إضافة الاقتراض خارج الميزانية للحكومات المحلية إلى ميزانيتها، ما يقلل من تكاليف الفائدة ويمنح السلطات مزيداً من الوقت للسداد بهدف توفير موارد للمناطق لزيادة الإنفاق.

 

"قد يقدم الاجتماع للجنة الدائمة للمؤتمر الوطني الشعبي مزيداً من المعلومات حول الموارد المالية التي ستخصصها الحكومة للتحفيز. من وجهة نظرنا، من غير المرجح أن يزيد الاجتماع من ميزانية 2024. لكن نظراً للتلميحات القوية من الحكومة حول دعم مالي محتمل كبير، من الممكن أن تكشف اللجنة عن بعض الأرقام العامة حول الموارد المقدمة لتسوية الديون ودعم الأسر والشركات".

 تشانغ شو وإريك تشو وديفيد كوو  خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس"

 

بينما قد تضيف عملية مقايضة تريليون يوان نقطتي أساس فقط مباشرة إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن الزيادة ستكون "أكبر" إذا اُستخدمت بعض عائدات إصدار السندات لتسديد الأجور المتأخرة للموظفين المدنيين والديون المستحقة على الشركات، وفق تقديرات خبراء اقتصاد في "غولدمان ساكس"، بمن فيهم يشينغ وانغ.

تعزيز الإنفاق الحكومي في الصين

جرى تخصيص ما يترواح بين تريليون يوان إلى تريليونين في صورة اقتراض حكومي إضافي سنوياً لتخفيف الضغوط المالية المحلية، مع "ميزانية إضافية" ذات صلة من المنتظر أن يقرها المشرعون الأسبوع الحالي، بحسب مذكرة للعملاء كتبها خبراء اقتصاد في "نومورا" بقيادة لو تينغ بتاريخ 28 أكتوبر الماضي.

 

من الممكن أن تعلن الحكومة عن برامج إنفاق إضافية تصل قيمتها إلى 4 تريليونات يوان -من المحتمل أن تمولها بشكل رئيسي مبيعات السندات- خلال الاجتماع السنوي للمؤتمر الوطني الشعبي بكامل هيئته خلال مارس المقبل أو بعد ذلك، لتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي للفئات منخفضة الدخل وتشجيع الإنجاب وضمان تسليم المنازل بعد الانتهاء منها التي تم بيعها مسبقاً، حسبما أعلنوا.

أوضح ييو من شركة "أبردين": "النهج القديم الذي استخدموه دائماّ هو التركيز على البنية التحتية والعقارات، لكن تبرز الحاجة لدعم الاستهلاك المحلي ليكون له دور في تعزز النمو. يجب أن يحدث هذا التحول في مرحلة ما. هذه هي النقطة الوحيدة التي نريد رؤيتها".

لكن بكين كانت مترددة في تقديم إعانات مباشرة ضخمة للمستهلكين. ويُعد أحد العوامل الرئيسية وراء هذا التردد هو التكلفة المحتملة لمثل هذه البرامج في دولة يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، إذ أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد أقل من 13 ألف دولار، أي ما يعادل 15% فقط مقارنة في الولايات المتحدة الأميركية، علاوة على  وجود نزعة أكبر لتوفير النفقات.

تتمثل إحدى القضايا الأخرى في فعالية تحفيز الاستهلاك نظراً لعدم وجود نظام مناسب لتحديد المجالات الأكثر احتياجاً، وبالتالي الأكثر احتمالاً لإنفاق المال فعلياً.

الرسوم الجمركية الأميركية

رغم ذلك، يتوقع محللون بشكل عام أن تضخ بكين سيولة مالية كبيرة لدعم الاستهلاك إذا فرضت الولايات المتحدة الأميركية مزيداً من الرسوم الجمركية على صادرات الصين بعد الانتخابات، في سيناريو من المحتمل أن يُعيق النمو.

قد لا يكون اجتماع الأسبوع الحالي للمجلس التشريعي هو "الموعد النهائي" لرفع الحد الأقصى للديون الحكومية، وفق محللي "غولدمان ساكس". وقد يشكل اجتماع لاحق للمشرعين مع نهاية العام وجلسة المؤتمر الوطني الشعبي بكاملة هيئته خلال مارس المقبل "نوافذ ممكنة" لمراقبة الموقف، على حد تعبيرهم.

قد تظهر شواهد للمستثمرين حول خطط الحكومة المطروحة للنقاش قبل ذلك. وعادةً ما يعقد المكتب السياسي، الذي يتكون من 24 مسؤولاً رفيعاً في الحزب الشيوعي الحاكم بما فيهم شي جين بينغ، اجتماعاً يركز على الاقتصاد في أوائل ديسمبر المقبل، وذلك قبل أيام من انعقاد المؤتمر المركزي للعمل الاقتصادي الذي يحدد أجندة السنة التالية.

اختتمت آيفي نج، المديرة التنفيذية لوحدة الاستثمار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة "دي دبليو إس إنفستمنت" في هونغ كونغ: "الأمر الجيد هو أن المستثمرين أصبحوا أكثر خشية إزاء البيع على المكشوف في الوقت الراهن نظراً لأننا لا نعرف حجم المبلغ الذي سيُعلن عنه، وهناك مزيد من الفرص لاتخاذ قرارات صائبة من خلال الاجتماع المقبل. كما يُعد جزء دعم الاستهلاك هو العنصر المؤثر غير المتوقع".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك