شهد نمو صادرات الصين تباطؤاً غير متوقع خلال سبتمبر الماضي، مما كبح انتعاش التجارة التي كانت النقطة المضيئة في ظل تراجع اقتصاد البلاد، إذ تعتمد السياسات الاقتصادية على قطاع التصنيع لدفع عجلة النمو.
ارتفعت الصادرات بنسبة 2.4% فقط المقومة بالدولار مقارنة بالعام الماضي لتصل إلى ما يقرب من 304 مليارات دولار، في أدنى مستوى منذ مايو الماضي، وفق ما أعلنته إدارة الجمارك اليوم. كما انخفضت شحنات التصدير إلى أسواق رئيسية مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، في حين كانت الزيادة في الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية الأبطأ منذ أربعة أشهر على الأقل، مع تصاعد وتيرة فرض الرسوم الجمركية من قبل مسؤولين سياسيين.
مشتريات روسية قياسية
من جهة ثانية، بلغت المشتريات الروسية من السلع الصينية مستويات قياسية عند 11 مليار دولار، إذ تواصل بكين حماية موسكو من العزلة الاقتصادية بعد انسحاب الشركات الغربية المنتجة لكل شيء بداية من السيارات إلى الهواتف من روسيا بسبب العقوبات المفروضة عليها بسبب العدوان العسكري الذي شنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا.
قال تشي وي تشانغ، رئيس وكبير خبراء الاقتصاد في مؤسسة "بينبوينت أسيت مانجمنت" (Pinpoint Asset Management)، إن "نمو صادرات الصين كان قوياً بشكل لافت العام الحالي وأسهم في تعويض ضعف الطلب المحلي". أضاف: "لكن سيكون من الصعب الحفاظ على هذا النمو القوي في العام المقبل مع تصاعد حدة التوترات التجارية."
أسهمت الصادرات الصينية في تعزيز نمو الاقتصاد العام الجاري، إذ بلغت شحنات التصدير خلال سبتمبر الماضي ثاني أعلى قيمة مسجلة في التاريخ. رغم ذلك، فإن ضعف الإنفاق الاستهلاكي داخل الصين حد من الطلب على المنتجات الأجنبية، ما أدى إلى تسجيل فائض تجاري قياسي، ودفع الرئيس الأميركي جو بايدن وآخرين إلى فرض قيود تجارية.
تؤكد البيانات هذا الوضع، حيث ارتفعت الواردات 0.3% فقط، ما أدى إلى فائض تجاري بلغ نحو 82 مليار دولار خلال سبتمبر الحالي، و690 مليار دولار خلال أول 9 شهور من السنة الجارية.
تدابير تحفيز الاقتصاد الصيني
خلال الأسابيع الأخيرة، أطلقت السلطات الصينية مجموعة تدابير تحفيزية، من بينها خفض أسعار الفائدة، ودعم قطاع العقارات، وزيادة الاقتراض الحكومي بهدف إنعاش النمو. من شأن ذلك أن يزيد الطلب على الواردات ويساعد بكين في جهودها لتعزيز تضخم الأسعار. حالياً، يقبع مؤشر أسعار الاقتصاد في أطول سلسلة انكماش منذ 1999، ما أدى إلى تراجع أسعار الصادرات.
تعتمد الصين على التصنيع والتصدير لدفع عجلة النمو في ظل الركود الهائل في قطاع العقارات، الذي محا مليارات الدولارات من ثروات الأسر وأثر سلباً على ثقة المستهلك. ساعد هذا النموذج الاقتصادي القائمة على ثنائية التصنيع والتصدير في الاستمرار ما دامت الطلبات العالمية قوية نسبياً، لكن القيود التجارية المتفاقمة ربما تهدد استدامته، إذ تشكو دول مثل كندا والبرازيل من تدفق المنتجات الصينية الرخيصة.
يعمل قطاع الصلب في الصين، المتضرر من انهيار سوق العقارات، على زيادة الصادرات للخروج من أزمة تراجع الطلب، إذ وصلت أحجام الصادرات إلى أعلى مستوى منذ منتصف عام 2016، خلال أزمة العقارات السابقة.
رسوم جمركية أوروبية
صوت الاتحاد الأوروبي بوقت سابق من الشهر الحالي على فرض رسوم تصل إلى 45% على السيارات الكهربائية الواردة من الصين، متهماً بكين بتقديم دعم غير عادل لقطاعها ما يضر بالمصنعين المحليين.
رفعت مجموعة "غولدمان ساكس" توقعاتها للنمو الاقتصادي للصين السنة الحالية والمقبلة بعد أن أشارت بكين إلى عزمها الحد من تباطؤ النمو. رغم ذلك، أبقت المجموعة على توقعاتها بتباطؤ النمو خلال 2026 وما بعده، مستشهدة بعوامل تشمل الجهود العالمية من الدول والشركات لتقليل اعتمادها على الصين في سلاسل التوريد.