حافظت صادرات كوريا الجنوبية على زخمها القوي في سبتمبر، على خلفية استمرار الطلب على أشباه الموصلات، مما أبقى التوقعات متفائلة للنمو الاقتصادي، وقدم إشارات إيجابية للتجارة العالمية.
أظهرت بيانات صادرة عن مكتب الجمارك، اليوم الثلاثاء، أن الصادرات (المعدلة حسب أيام العمل الرسمية)، ارتفعت بنسبة 12.9% عن العام السابق، وهو أقل بقليل من معدل نمو الشهر الماضي. وارتفعت الصادرات الرئيسية بوتيرة أبطأ بنسبة 7.5%، بينما زادت الواردات بنسبة 2.2%، مما أدى إلى توسيع الفائض التجاري إلى 6.7 مليار دولار.
تُعتبر كوريا الجنوبية مقياساً للتجارة العالمية باعتبارها واحدة من أكبر مصدري منتجات التكنولوجيا في العالم، بما في ذلك رقائق الذاكرة التي يتم دمجها في منتجات تتراوح من أجهزة الكمبيوتر المحمولة إلى الهواتف الذكية. وتشير أحدث الأرقام إلى أن الطلب الخارجي لا يزال قوياً.
أشباه الموصلات المحرك الرئيسي
وقال تشو تشويل، المحلل في المعهد الكوري للاقتصاد الصناعي والتجارة: "لا تزال أشباه الموصلات هي المحرك الرئيسي للصادرات، كما كانت نسبة النمو قوية هذا العام نتيجة المقارنة بالركود العميق في العام الماضي". وأضاف: "بالنظر إلى أن انتعاش الرقائق بدأ في أواخر العام الماضي، فقد تبدأ القوة في التراجع، على الرغم من أنه من غير المرجح أن تتحول إلى السلبية في أي وقت قريب".
ودفعت المكاسب في الصادرات هذا العام بالفعل البنك المركزي والحكومة إلى رفع توقعاتهما للنمو السنوي. ومع ذلك، مع عودة التضخم إلى 2%، من المتوقع أن يبدأ بنك كوريا المركزي في خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب.
قد تمنح أحدث أرقام التصدير البنك المركزي سبباً للانتظار لفترة أطول قبل التركيز على السياسة النقدية، لكن العديد من الاقتصاديين يتوقعون خفض سعر الفائدة الأسبوع المقبل. ويرون أن بنك كوريا المركزي يركز أكثر على الضعف في الاستهلاك المحلي ويتوقعون تحرك سعر الفائدة إذا كان لدى المسؤولين ثقة كافية بأن اقتراض الأسر يتراجع.
وفي علامة أخرى على أن الطلب على التكنولوجيا مستمر في تغذية الصادرات الكورية، أظهر بيان منفصل أن شحنات أشباه الموصلات ارتفعت بنسبة 37.1% عن العام السابق في سبتمبر، وهي الزيادة الشهرية الحادية عشرة. وكانت النتيجة أضعف قليلاً من النمو المحقق في أغسطس البالغ 38.8%. وأظهرت بيانات الوزارة أن قيمة شحنات أجهزة الكمبيوتر قفزت 132%، كما ارتفعت صادرات أجهزة الاتصالات اللاسلكية 19%.
وقال هيوسونج كوون، الاقتصادي في "بلومبرغ إيكونوميكس": "لقد صمدت صادرات كوريا الجنوبية بشكل جيد في سبتمبر، مما يشير إلى أن الطلب الخارجي سيستمر في دعم الاقتصاد في الأرباع المقبلة".
الذكاء الاصطناعي
كان الطلب المستمر على رقائق الذاكرة المستخدمة في تطوير الذكاء الاصطناعي هو المحرك الرئيسي للزخم الاقتصادي للبلاد خلال العام الجاري. وتتنافس شركة "سامسونغ"، وشركة "إس كيه هاينكس" للحصول على حصص أكبر من شركة "إنفيديا"، وهي شركة تصنيع الرقائق الأميركية التي تأتي على رأس قائمة شركات صناعة شرائح الذكاء الاصطناعي.
تظهر بيانات اليوم أن كوريا تواصل الاستفادة من التعافي العالمي. وارتفعت صادرات السيارات بنسبة 4.9% عن العام السابق، بينما ارتفعت مبيعات السفن بنسبة 76.2%، وفقاً لبيانات وزارة التجارة.
وكانت الولايات المتحدة مصدرًا ثابتًا بالنسبة للطلب على منتجات كوريا الجنوبية، في حين كانت الظروف في الصين أكثر تقلباً هذا العام مع استمرار الاقتصاد في التعثر بسبب تراجع سوق العقارات. وكشفت السلطات في بكين عن مجموعة واسعة بشكل غير عادٍ من خطوات التحفيز الاقتصادي الشهر الماضي، ومن المتوقع أن تستفيد كوريا الجنوبية إذا أثبتت هذه الإجراءات فعاليتها في إنعاش النمو.
قال "تشوط: "بالنظر إلى أن العلاقة مع الصين أصبحت أكثر تنافسية، فقد يكون للتحفيز تأثيراً محدوداً على صادرات كوريا الجنوبية".
وقالت وزارة التجارة إن الصادرات إلى الصين زادت بنسبة 6.3% عن العام السابق في سبتمبر على خلفية الطلب على الرقائق والأجهزة المحمولة. وفي الوقت نفسه، ارتفعت الشحنات إلى الولايات المتحدة بنسبة 3.4%، وإلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 5.1%.
تُعد توقعات الطلب من الولايات المتحدة مجالاً رئيسيا للاهتمام بالنسبة لكوريا الجنوبية مع تزايد التبادلات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين. بعد التحول إلى دورة التيسير مع خفض كبير لأسعار الفائدة في الشهر الماضي، يحاول بنك الاحتياطي الفيدرالي هندسة هبوط ناعم للاقتصاد الأميركي.
تُعد الإضرابات التي تلوح في الأفق في العديد من موانئ أميركا الشمالية من بين العوامل التي تحجب آفاق التجارة. وأظهرت منصة تتبع التجارة التابعة لـ"بلومبرغ" أن اثنين من أصل 10 مقاييس رئيسية للتجارة العالمية في المنطقة "أقل من المعتاد"، بينما كانت القراءات للمقاييس الثمانية المتبقية عادية.