*بقلم: زياد داود
يبدو أن الأسواق لم تتأثر باتساع رقعة الحرب الدائرة في الشرق الأوسط من غزة لتشمل لبنان أيضاً، حيث اتضح بعد مرور عام تقريباً على بدء الحرب، أن القتال المحتدم الذي أسفر عن عدد كبير من الضحايا قد يكون أثره الاقتصادي محدوداً خارج المنطقة. رغم ذلك، فالحرب واسعة النطاق تثير خطر ارتفاع الأسعار عالمياً.
كان للحرب في الشرق الأوسط أثر محدود على العالم، فمنذ اندلاعها في 7 أكتوبر من العام الماضي، يواصل المحللون رفع توقعاتهم للنمو العالمي، ويستمر التضخم في التباطؤ، إلى الحد الذي سمح للولايات المتحدة بإجراء خفض كبير لأسعار الفائدة في الأسبوع الماضي.
أثر محدود للحرب على تدفق النفط
يرجع السبب الأساسي لرد الفعل المحدود على مستوى الاقتصاد العالمي إلى أن الصراع لم يؤثر على تدفقات النفط، فأسعار الخام حالياً أدنى 10 دولارات من مستواها في أكتوبر الماضي، كما أن الحرب لم تعطل مرافق الإنتاج أو النقل، بل حتى لم تؤد إلى تشديد تنفيذ العقوبات على إيران. فضلاً عن أن الإمدادات القادمة من دول أخرى، مثل الولايات المتحدة وكندا، تواصل الارتفاع.
إلا أن بؤرة القتال تنتقل حالياً من غزة إلى لبنان، حيث أعلنت إسرائيل أن الهدف الرسمي للحرب هو إعادة السكان النازحين من شمال البلاد، واستهدفت تفجير أجهزة الاستدعاء (بيجر) والاتصال اللاسلكي التي يستخدمها أعضاء "حزب الله". وتتزايد حدة الهجمات المتبادلة بين الطرفين، سواء كانت الغارات الجوية التي تقوم بها إسرائيل، أو الهجمات الصاروخية التي يشنها "حزب الله".
التصعيد قد يهدد إمدادات الخام
من الممكن أن يكون التأثير محدوداً على مستوى العالم، رغم تصاعد حدة القتال بين إسرائيل ولبنان، وهذا ما أظهرته الحرب في غزة، حيث إن الجبهة الجديدة ما تزال بعيدة عن البنية التحتية للنفط. كما أن التقارب الإيراني السعودي في 2023 حمى دول الخليج من التحول إلى ساحة للحرب، ومنع تكرار الهجمات على مرافق النفط التي وقعت في 2019.
رغم ذلك، يزيد التصعيد الأحدث من خطر اضطراب إمدادات النفط، وهذا احتمال تتوقعه الأسواق بنسبة 5%. ونتوقع ذلك بصورة تقديرية من خلال مقارنة أسعار النفط على مدى الأسبوع الماضي بما نتوقع حدوثه إذا تحقق ذلك الخطر.
رغم أثرها المحدود على الاقتصاد العالمي، إلا أن آثار الحرب كانت مدمرة. فإعادة إعمار غزة ستحتاج لعقود، وربما ستبلغ تكلفتها مليارات الدولارات، بينما يُرجح أن تتجاوز تكلفة الحرب التي ستتكبدها إسرائيل 67 مليار دولار، وزادت خسارة السياحة وأضرار البنية التحتية العبء على عاتق اقتصاد لبنان المتعثر بالفعل. لذلك، لن يفضي تصعيد الصراع إلا إلى تفاقم الخسائر الهائلة.
*زياد داوود هو كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في بلومبرغ.