أعلنت المملكة المتحدة عن فتح تحقيق في كيفية قيام شركة "غرينسل كابيتال" المتعثرة، بتأمين العقود الحكومية في الوقت الحالي، وهو تحقيق من المرجَّح أن يشمل الضغط الذي تعرَّض له وزراء من قبل رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون.
وقال ماكس بلاين، المتحدِّث باسم رئيس الوزراء، بوريس جونسون، للصحفيين يوم الإثنين، إنَّ "هناك اهتماماً كبيراً في هذه المسألة، لذلك دعا رئيس الوزراء إلى مراجعة تضمن أنَّ الحكومة تتعامل بشفافية كاملة بشأن مثل هذه الأنشطة، وستنظر هذه المراجعة المستقلة أيضاً في كيفية تأمين العقود، وكيفية تعامل ممثِّلي الأعمال مع الحكومة".
ومن خلال الإعلان عن تحقيق، يحاول "جونسون"، وضع حدٍّ لأزمة متنامية شهدت انتقادات للوزراء بسبب تفاعلهم مع "كاميرون"، إذ اتُّهم حزبه المحافظ الحاكم بالمحسوبية.
تورط "كاميرون"
وكانت وزارة الخزانة قد أقرَّت أنَّ كاميرون قد تواصل سرياً خلال العام الماضي مع وزير الخزانة، ريشي سوناك، واثنين من الوزراء الصغار في وزارته، للضغط من أجل وصول "غرينسل" إلى برامج دعم كوفيد الحكومية.
وتقول الحكومة، إنَّ "سوناك" تصرف ضمن القواعد، وأحال "كاميرون" بشكل صحيح إلى المسؤولين في وزارته.
ومع ذلك، يكثِّف حزب العمال المعارض ضغوطه على الحكومة، فقد قال، إنَّ رئيس مجلس العموم، ليندسي هويل، وافق يوم الإثنين، على طلب الحزب باستدعاء "سوناك" للمجلس، يوم الثلاثاء، للإجابة على أسئلة حول سبب اعتماد "غرينسل" في برنامج قروض كوفيد المدعوم من الحكومة.
تجنب التدقيق
وقالت أنيليس دودز، مستشارة الظل في حزب العمال، في بيان لها: "لا يمكن للمستشار أن يتجنَّب التدقيق في قراره بوضع مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية من أموال دافعي الضرائب في أيدي شركة إقراض غير منظَّمة، لها صلات برئيس وزراء سابق من حزب المحافظين".
وأضاف: "لقد تمَّ تعريض المال العام للخطر من قبل علاقات المحافظين مع شركة غرينسل كابيتال".
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، ذكرت صحيفة "صنداي تايمز" أنَّ "كاميرون" رتَّب اجتماعاً خاصاً مع وزير الصحة "ماثيو هانكوك"، وبعد ذلك تمَّ استخدام برنامج "غرينسل" للدفع في هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
من جهة أخرى، قال شخص مطَّلع على الأمر، إنَّه لم تكن هناك أي مخالفات، كما أنَّ "هانكوك" أطلع المسؤولين على الأعمال التي تمَّت مناقشتها في اجتماعه مع "غرينسل"، و"كاميرون".
رد "ديفيد كاميرون"
من جانبه، أصدر كاميرون بياناً بلغ ما يقرب من ألفي كلمة، يوم الأحد، دافع فيه عن أفعاله مع الاعتراف بوجود "دروس مهمة" يجب تعلُّمها.
وقال "كاميرون" في البيان: "في توضيحاتي المقدَّمة للحكومة، لم أخالف أي قواعد سلوك، ولا قواعد حكومية"، قبل أن يضيف أنَّه بعد التفكير، شعر أنَّ الاتصالات "يجب أن تتمَّ فقط من خلال القنوات عالية الرسمية، لذلك لا يمكن أن يكون هناك مجال لسوء التفسير".
"شامل وسريع"
سيقود التحقيق في قضية "غرينسل"، نايجل بوردمان، الخبير القانوني وعضو مجلس الإدارة غير التنفيذي في وزارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية التابعة للحكومة، الذي نشر مراجعة لعمليات الشراء الحكومية في شهر ديسمبر.
وقال ماكس بلاين، المتحدِّث باسم رئيس الوزراء: "رئيس الوزراء يريد أن يتمَّ ذلك بشكل شامل، ويريد أن يتمَّ ذلك على وجه السرعة، لذا يمكنك أن تتوقَّع عائداً سريعاً في هذا الشأن."
وفي حين قال "بلاين"، إنَّه لن يعلِّق على الأفراد، كان "كاميرون" يتصرَّف كممثِّل لـ"غرينسل"، وبالتالي من المرجَّح أن تندرج أنشطته في مجال الضغط ضمن نطاق التحقيق. وقال "بلاين"، إنَّ الشروط ستنشر في وقت لاحق يوم الإثنين.
من جانبه، قال رئيس وزراء حزب العمال السابق، جوردون براون، سلف كاميرون المباشر، لإذاعة "بي بي سي" يوم الإثنين، إنَّ "الوزراء السابقين ورؤساء الوزراء يجب ألا يمارسوا ضغوطاً أبداً لأغراض تجارية"، وإنَّ "الوزراء الحاليين يجب ألا يمارسوا مثل هذا الضغط".
المسؤولون "دُفِعوا"
وقال "جوردون براون"، إنَّه إذا تعذَّر وضع القواعد الحالية للعمل، فستكون هناك حاجة إلى تشريع لضمان عدم قيام الوزراء بأنشطة الضغط التجارية، "على الأقل لمدَّة خمس سنوات"، بعد تركهم لمناصبهم.
وكان "سوناك" قد نشر الأسبوع الماضي، رسائل خاصة لكاميرون، قال فيها، إنَّه "دَفع" مسؤوليه للنظر في مساعدة "غرينسل كابيتال" بناءً على طلب من رئيس الوزراء السابق.
يُذكر أنَّ "غرينسل" أرادت الاستفادة من برنامج كوفيد، لتسهيل تمويل الشركات التابع للحكومة، الذي يديره "بنك إنجلترا". وتمَّ رفض طلبها لتعديل الشروط لمنحها حق الوصول لهذا البرنامج في نهاية المطاف بعد ست اجتماعات بين كبار مسؤولي وزارة الخزانة، وممثِّلي الشركة.
وحصلت الشركة على حقِّ الوصول إلى برنامج حكومي آخر، وأصبحت مُقرضاً معتمداً لبرنامج قروض تعطل الأعمال الكبيرة بسبب فيروس كورونا.
وقد سعت "غرينسل" - وفشلت - في إقناع مسؤولي وزارة الخزانة برفع سقف القروض التي يمكن أن تُصدِّرها بموجب تلك الخطَّة إلى 200 مليون جنيه إسترليني (275 مليون دولار) من 50 مليون جنيه إسترليني.
ومن الجدير بالذكر أنَّ "غرينسيل" قد انهارت في شهر مارس الماضي في واحدة من أكثر الانهيارات المالية دراماتيكيةً في السنوات الأخيرة.