خفضت حكومة تركيا توقعاتها للناتج المحلي الإجمالي للبلاد عام 2025، معلنة أنها ستضطر لتقديم تنازلات مؤقتة على مستوى النمو لكبح التضخم.
وفي إطار البرنامج الاقتصادي متوسط الأجل، خفضت الحكومة توقعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2024 من 4.5% إلى 4%. ولا يزال هذا أعلى بكثير من التوقعات البالغة 3% التي ظهرت في استطلاع أجرته "بلومبرغ" لنحو 26 اقتصادياً. كما تم تخفيض توقعات النمو لهذا العام إلى 3.5% مقارنة بالتوقعات السابقة البالغة 4%.
وفي عرض للبرنامج في أنقرة، أوضح وزير المالية محمد شيمشك أن التأثيرات السلبية المحتملة على النمو نتيجة سياسات كبح التضخم ستكون مؤقتة، مؤكداً أن الأولوية الآن هي خفض التضخم إلى ما دون 10% والحفاظ عليها عند هذا النطاق.
كبح التضخم على حساب النمو
لطالما عارض الرئيس رجب طيب أردوغان تقديم تنازلات على حساب النمو، مفضلاً تعزيز التحفيز النقدي حتى وإن كان على حساب استقرار الأسعار. ومن هنا، تُعد أهداف الناتج المحلي الإجمالي مؤشراً سياسياً على مدى دعمه للتشديد الاقتصادي الحالي.
صادق أردوغان على البرنامج الاقتصادي الجديد، ومن المقرر نشره في الجريدة الرسمية، وفقاً لما أعلنه نائب الرئيس جودت يلماز.
انخفض المؤشر الرئيسي للأسهم التركية بنسبة 0.1% اعتباراً من الساعة 11:13 صباحاً بالتوقيت المحلي، بعد أن تراجع بنحو 0.6% في وقت سابق. وفي المقابل، ارتفعت قيمة الليرة التركية بنسبة 0.1% مقابل الدولار الأميركي.
وصرح أوركون غوديك، نائب مدير الاستراتيجية والأبحاث لدى "دنيز إنفيست" (Deniz Invest): "كنت أتوقع تعديلاً أقل من 4% نظراً لاستمرار السياسات النقدية المتشددة حتى عام 2025. وأضاف أن توقعات خفض أسعار الفائدة في تركيا والبنوك المركزية الرئيسية الأخرى ربما أثرت على توقعات المسؤولين الأتراك للنمو الاقتصادي.
تحديات السيطرة على التضخم
انتعش اهتمام المستثمرين بالأصول التركية بعد تعديل السياسات النقدية العام الماضي، حيث رفع البنك المركزي سعر الفائدة القياسي بأكثر من 40 نقطة مئوية ليصل إلى 50% في أقل من عام.
ومع ذلك، لا تزال تواجه جهود السيطرة على التضخم تحديات كبيرة. فلا تزال الأسر تتوقع ارتفاع الأسعار، كما ظل الطلب المحلي قوياً، وتتوقع الشركات أن تتجاوز معدلات التضخم التوقعات الرسمية للبنك المركزي خلال العام المقبل.
كما رفع البرنامج الاقتصادي الجديد توقعات التضخم لنهاية عام 2025 لتصل إلى 17.5% مقارنة بالتوقعات السابقة البالغة 15.2%.
سعر صرف الليرة
تشير التوقعات المعدلة إلى أن متوسط سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة سيبلغ 42 ليرة في عام 2025، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 21% مقارنة بتوقعات هذا العام، وفق ما ذكره أكرم جونيديوغلو، مدير السياسات التنموية في مركز الأبحاث الاقتصادية "تيباف" (TEPAV) ومقره أنقرة.
وأضاف جونيديوغلو: "إما أن السلطات لا ترى زيادة في الطلب على العملات الصعبة أو أن البنك المركزي سيواصل الضغط على العملة للحفاظ على استقرارها".
وأفاد مسؤولون حكوميون بأنهم لا يستهدفون أسعار صرف محددة، مؤكدين دعمهم لنظام سعر صرف حر.
سياسة مالية أكثر صرامة
يرى المستثمرون والخبراء الاقتصاديون أن هناك حاجة ملحة إلى سياسة مالية أكثر صرامة لدعم السياسة النقدية. وبلغ عجز الميزانية 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من هذا العام، وهو ما عزاه المسؤولون إلى الإنفاق الضخم المرتبط بالزلازل الكبرى التي شهدتها البلاد العام الماضي.
ووفقاً للبرنامج الجديد، تم تعديل توقعات عجز الموازنة للعام المقبل إلى 3.1% من الناتج المحلي الإجمالي، بانخفاض عن التوقعات السابقة البالغة 3.4%. أما بالنسبة لهذا العام، فيتوقع البرنامج عجزاً قدره 4.9%.