أعلن مصرف ليبيا المركزي العودة إلى حالته "الطبيعية" وأن جميع الأنظمة قد تم إصلاحها بشكل آمن وأن عملياته استأنفت بكامل طاقتها، وفق بيان صحفي عبر صفحته على " الفيسبوك".
جاء في البيان "إن مصرف ليبيا المركزي كمؤسسة وموظفيه جميعاً يسعون دائماً جاهدين للحفاظ على الحياد السياسي ويحافظون للبقاء على مسافة متساوية من جميع الأطراف". وأكد المصرف "بشدة على التزامه بالوفاء بجميع الالتزامات الماضية والحالية والمستقبلية وفقاً للقوانين والمعايير والممارسات المصرفية المقبولة والمتعارف عليها بشكل عام".
و"بعد مغادرة الإدارة السابقة للبلاد وتعطيل جميع المنظومات المصرفية، أصدر المجلس الرئاسي مرسوماً بتعيين محافظ مؤقت لمصرف ليبيا المركزي لضمان استمرارية الخدمة"، وفق البيان، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
"نجح المحافظ المعين حديثاً، وفريق الإدارة التنفيذية الحالي، ومجلس الإدارة الجديد، في استعادة جميع جوانب عمليات مصرف ليبيا المركزي بنجاح وأمان، ويتعهدون بتنفيذ مهمته في الالتزام الصارم بالحوكمة السليمة والشفافية والنزاهة المهنية"، حسب البيان.
أزمة السيطرة على المصرف
يوم الجمعة الماضي، قال محافظ البنك المركزي الليبي السابق الصديق الكبير، إنه هو وموظفون كبار في البنك، أُجبروا على الفرار من البلاد لـ"حماية أرواحنا"، وذلك بعد أسابيع من تفاقم التوترات في البلاد المنقسمة بشأن قيادة المركزي.
الكبير أشار في مقابلة عبر الهاتف مع صحيفة "فاينانشيال تايمز"، إلى أن الجماعات المسلحة "تهدد وترعب موظفي البنك، كما تختطف أحياناً أطفالهم وأقاربهم لإجبارهم على الذهاب إلى العمل".
رفض الكبير، وحلفاؤه في شرق ليبيا، الذي ينخرط في نزاع منذ فترة طويلة مع رئيس الوزراء المقيم في طرابلس عبد الحميد الدبيبة، الأمر بالتنحي، ما دفع السلطات في غرب البلاد إلى الاستيلاء على مقر البنك.
شدد الكبير، الذي يتولى إدارة البنك المركزي منذ عام 2011، على أن محاولات استبداله من قبل الدبيبة "غير قانونية"، ولا تتوافق مع الاتفاق الذي أُبرم مع الأمم المتحدة، والذي ينص على ضرورة التوافق بين الحكومتين في الشرق والغرب على أي محافظ جديد للبنك المركزي.
مع ذلك، دخل المسؤولون الموالون للدبيبة البنك المركزي الواقع مقره في العاصمة، يوم الاثنين الماضي، ليجدوه مهجوراً. و يكافحون بشأن كيفية حل أزمة السيولة ومعالجة المدفوعات والمعاملات الحيوية لسبل عيش سكان الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، والبالغ عددهم 6.8 مليون نسمة.
الثلاثاء الماضي، قال عبدالفتاح عبد الغفار المحافظ المؤقت الجديد، الذي كان يشغل نائب المحافظ والمعين من قبل المجلس الرئاسي، في إفادة تلفزيونية تهدف إلى طمأنة الجمهور بأن البنك في أيدٍ أمينة: "سأقول لكم شيئاً واحداً: أعطوا الناس كلمات المرور".
تساءل عبد الغفار: "كيف يمكن لجدال بسيط أن يقودك إلى إغلاق الأنظمة وحجب رواتب الناس؟". أضاف: "نريد كلمات المرور، حتى نتمكن من إعطاء الناس رواتبهم وحماية أصولنا واستثماراتنا في الخارج".
إزاء التطورات بشأن البنك المركزي، قررت الحكومة المعينة من البرلمان في شرق البلاد وقف إنتاج النفط وتصديره. كانت ليبيا تضخ نحو مليون برميل يومياً قبل أوامر وقف الإنتاج، الغالبية العظمى من الإنتاج تأتي من حقول في الشرق.
قالت المؤسسة الوطنية للنفط يوم الخميس الماضي، إن إجمالي خسائر إغلاق الحقول النفطية خلال 3 أيام بلغ 1504733 برميلاً بقيمة نحو 120 مليون دولار.
تقول الأمم المتحدة إنها تتفاوض مع الجهات المختلفة لإنهاء الأزمة، وهو ما يُنذر بمساومات طويلة بشأن التعيينات في المناصب الإدارية المهمة في الدولة التي تضم أكبر احتياطيات مؤكدة من النفط الخام في أفريقيا.
عانت ليبيا من الاضطرابات منذ الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011، بعدما حكم البلاد لفترة طويلة، وأصبحت مواردها من الطاقة ساحة معركة رئيسية للفصائل المتنافسة للحصول على مكاسب سياسية، مما أدى إلى توقف إنتاج النفط بشكل متكرر.
كان من المفترض أن ينتهي القتال الذي بدأ حوالي عام 2014، بوقف إطلاق النار بدعم من الأمم المتحدة في عام 2020. لم تشهد البلاد إجراء الانتخابات التي وعد بها المسؤولون، ولا تزال تعاني من حالة انقسام.