يُتوقع أن يتحمس مسؤولو البنك المركزي الأوروبي الذين يميلون لخفض أسعار الفائدة مرة أخرى الشهر المقبل من التوقعات التي تشير إلى تقهقر التضخم مرة أخرى نحو هدفهم.
حضر تسعة أعضاء من مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي الذين يحددون أسعار الفائدة الاجتماع السنوي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في جاكسون هول، حيث قدم العديد منهم بالفعل حججاً لمزيد من تيسير السياسة النقدية في 12 سبتمبر.
بات تقديم مثل هذه الحجج أسهل بسبب معدل التضخم الذي يتوقع خبراء اقتصاد استطلعت بلومبرغ آراءهم أن ينخفض إلى 2.2% هذا الشهر، بعد أن خيب آمالهم في يوليو بارتفاعه إلى 2.6%. بل إن هذه التوقعات المتفائلة تشمل انخفاضاً طال انتظاره في ضغوط الأسعار الأساسية، والراسخة منذ ثلاثة أشهر عند 2.9%.
تراهن أسواق المال الآن على خفض أسعار الفائدة ربع نقطة أخرى هذا العام -بدءاً من الشهر المقبل- مع احتمال نسبته 60% لخفض ثالث. وهذا من شأنه أن يخفض سعر الفائدة على الودائع إلى 3%.
"قد يتراجع التضخم في منطقة اليورو بالقرب من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2% في أغسطس. ومع ذلك، فإن ضغوط الأسعار الأساسية وكلفة الخدمات ستبقي صناع السياسات النقدية حذرين، بالحفاظ على مسار تدريجي ربع سنوي لخفض أسعار الفائدة في المستقبل".
- جيمي راش، ومايفا كوزين، وآنا أندرادي خبراء اقتصاد
البيانات محل تركيز
بالطبع، ليس التضخم الرئيسي فقط هو الذي سيحدد نتيجة ما وصفته رئيسة المركزي الأوروبي كريستين لاغارد بأنه اجتماع "مدفوع بالبيانات" في سبتمبر. فالبنك مستمر في التركيز على التفاعل بين الأجور والإنتاجية وأرباح الشركات.
وفي حين أن أرقام الإنتاجية قد تكون مخيبة للآمال، فقد قدمت الأسبوع المنصرم دفعةً كبيرةً في صورة تباطؤ الأجور المتفاوض عليها بشكل ملحوظ في الربع الثاني، إلى 3.6% من 4.7%.
قال مارتينز كازاك، رئيس البنك المركزي في لاتفيا ومن دعاة التشديد النقدي، لــ"تلفزيون بلومبرغ": "نظراً للبيانات التي لدينا في الوقت الحالي، سأكون منفتحاً للغاية على مناقشة خفض آخر لأسعار الفائدة في سبتمبر".
زاد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول من الشعور بأن التضخم ينحسر بقوله إن "الوقت حان" لخفض تكاليف الاقتراض في الولايات المتحدة.
تصريحات مسؤولي المركزي الأوروبي في "جاكسون هول"
مارتينز كازاكس: "بشكل عام، أود أن أقول إنه حتى لو استمر التضخم خلال الأشهر القليلة المقبلة في التحرك بشكل عرضي، فإنه يتوافق مع الاستمرار في خفض أسعار الفائدة"، و"من المنظور الحالي، سيكون النهج التدريجي لخفض أسعار الفائدة هو الأفضل".
بوريس فوجيتش: "وطالما تتماشى البيانات مع توقعاتنا بانخفاض التضخم إلى 2% في 2025، فإن ذلك يزيد من ثقتنا في أننا قادرون على تخفيف قيود سياستنا النقدية تدريجياً"، و"لكن يجب أن نظل حذرين ونتحرك بشكل تدريجي للغاية".
ماريو سينتينو: الخطوة الأكثر ترجيحاً فيما يتعلق بالسياسة النقدية هي مواصلة خفض أسعار الفائدة. قرار سبتمبر سهل. يعتمد الأمر دائماً على البيانات. لكن ليست نقاط البيانات، بل بمسارها".
أولي رين: "توقعات النمو في أوروبا، وخاصة قطاع التصنيع، ضعيفة إلى حد ما. من وجهة نظري، فإن هذا يعزز الحجة لصالح خفض سعر الفائدة في سبتمبر".
روبرت هولزمان: "لن أقول إنها نتيجة حتمية في سبتمبر. أعتقد أنه يتعين علينا أن ننظر بعناية أكبر إلى البيانات. آمل أن نتمكن من القيام بذلك، أنا لست ضد خفض الفائدة، ولكنني أخشى أنني لا أريد الخفض في وقت مبكر جداً".
قلق إزاء النمو
وبالنسبة لأوروبا، يلعب الاقتصاد كذلك دوراً في تحديد سعر الفائدة. فصناع السياسات النقدية أكثر قلقاً على ما يبدو إزاء النمو، الذي يتعثر بعد النصف الأول القوي من العام رغم حصوله على دفعة من دورة الألعاب الأوليمبية في باريس، وفقا لمؤشر مديري المشتريات هذا الأسبوع.
ارتفع معدل البطالة في منطقة اليورو، في حين انخفضت معنويات المستهلكين على نحو غير متوقع. وفي ألمانيا -مصدر الكثير من مشكلات المنطقة- فاجأ الناتج المحلي الإجمالي المحللين في الربع الثاني بالانكماش، مما يؤكد ضعفها الصناعي المستمر. كما تتراجع المعنويات داخل أكبر اقتصاد في أوروبا.
وبالنسبة لماريو سينتينو، رئيس البنك المركزي البرتغالي، فإن سوق العمل تشكل مصدر قلق رئيسيا في ظل عدم تحقيق نمو اقتصادي.
وقال: "المقامرة هي ما إذا كان التوظيف سيصمد في سياق الاقتصاد الراكد أم لا. لقد كان هناك قدر كبير من التضحية في أوروبا لخفض التضخم. بل إننا لم نحقق نمواً حتى في مسألة الهبوط السلس هذه".