أوقف رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة رئيس شركة توزيع الوقود الحكومية بعد حدوث نقص حاد هذا الأسبوع، وهو الإجراء الأحدث في سلسلة من عمليات الفصل والتحقيقات التي تستهدف مسؤولي قطاع النفط في البلاد.
ووفقاً لمرسوم نُشر الأربعاء، أوقف الدبيبة رئيس شركة "البريقة لتسويق النفط" فؤاد علي محمد بالرحيم عن العمل لحين إجراء تحقيق.
شهدت الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) الازدحام في طوابير طويلة أمام محطات الوقود في جميع أنحاء البلاد بسبب النقص الحاد في توزيع الوقود. يفاقم هذا الوضع حالة عدم اليقين في دولة تواجه اضطرابات منذ الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011، مع تنافس حكومتين للسيطرة على قطاع النفط، شريان الحياة الاقتصادي للبلاد.
وقالت الحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس إنها ستدرس أسباب النقص "وتحديد المسؤولين عنه، واقتراح حلول عاجلة لإنهائه"، كما جاء في الإخطار، الذي أضاف أن المؤسسة الوطنية للنفط ستعيّن عضواً في مجلس الإدارة للقيام بمهام رئيس الشركة خلال فترة إيقاف بالرحيم.
هذه الخطوة هي الأحدث في سلسلة من القرارات التي اتخذتها حكومة الدبيبة، والتي تستهدف مسؤولي النفط في محاولتها فرض سيطرتها على القطاع. كما تخوض حكومته مواجهة مع البنك المركزي، الذي يدير عائدات نفطية بمليارات الدولارات، حيث يرفض محافظه الذي يتولى المنصب منذ فترة طويلة التنحي وسط انتقادات طريقة إدارة الأموال.
أصبح إنتاج النفط في ليبيا رهينة في كثير من الأحيان لصراعات السلطة، إذ يساهم الفراغ الأمني في ارتفاع تهريب الوقود.
تدعم الحكومة الوقود بكثافة، حيث يبلغ سعر كل من النفط الخام والديزل 0.031 دولار للتر وهو ثاني أرخص سعر في العالم، حسب تتبع أسعار البنزين العالمية عبر الإنترنت، وهذا السعر يقل عن ثمن شراء زجاجة مياه في ليبيا.
إجراءات سابقة
تعيش وزارة النفط نفسها في حالة من الفوضى بعد الإجراءات المطبقة في وقت سابق من هذا العام. خلال مارس، تم إيقاف وزير النفط حينذاك محمد عون عن العمل لمدة شهرين على ذمة التحقيق في انتهاكات مزعومة تتعلق بإهدار المال العام. أُلقي القبض على القائم بأعمال الوزير خليفة عبد الصادق هذا الشهر بسبب مزاعم السماح بالتصرف في حوالي 457 مليون يورو (500 مليون دولار) بما يخالف التشريعات، لصالح شركة نفط أجنبية.
في عام 2021، حاول عون عدة مرات إيقاف رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله- الذي غادر المنصب تحت تهديد السلاح في منتصف عام 2022 وسط نشوب اضطرابات سياسية أدت إلى انخفاض إنتاج النفط إلى أقل من 700 ألف برميل يومياً.
أنتجت ليبيا حوالي 1.2 مليون برميل يومياً في يوليو، حسب البيانات التي جمعتها "بلومبرغ".
وأدى الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي ونقص الوقود (خاصة في الجنوب، حيث كثيراً ما اشتكى السكان من عدم توزيع عائدات النفط بشكل عادل) إلى اندلاع احتجاجات. ساهمت تلك الاحتجاجات خلال السنوات الأخيرة في إغلاق بعض حقول النفط الرئيسية، وهو ما لا يريده الدبيبة في ظل المواجهة مع البنك المركزي.
حاولت السلطات في طرابلس رفع الدعم عن الوقود لتخفيف العبء على الميزانية، واحتواء تهريب الوقود، لكن هذا القرار تم إلغاؤه بعد نشوب الاحتجاجات. تمثل السيارات الخاصة أهمية كبيرة في البلاد، التي لا يوجد بها سوى القليل من وسائل النقل العام. لمواجهة النقص في الوقت الحالي، أصدر الدبيبة تعليمات لوزير الداخلية بإجبار شركات توزيع الوقود على فتح محطات البنزين المغلقة.