تشكِّل قناة السويس، التي تمر عبر جمهورية مصر العربية لربط البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، أهمية كبيرة للتجارة العالمية لدرجة جعلت القوى العالمية تخوض حروباً للسيطرة عليها منذ اكتمال أعمال الحفر فيها في عام 1869.
وقد تمَّ إغلاق هذا الممر الاستراتيجي بشكل كامل في 23 مارس، عندما خرجت سفينة "ايفر غيفن" التي يتجاوز طولها ارتفاع "برج إيفل"، والمثقلة بحمولات الشحن، عن السيطرة في الرياح العاتية، وعلقت مقدِّمتها على شاطىء الممر المائي. ومن ثمَّ تسبَّب الحادث في عرقلة الشحن البحري الدولي وسط جهود نخبة من الفرق لإعادة تعويم السفينة الضخمة.
1. ما هي قناة السويس؟
يمر الممر المائي الصناعي، الذي يبلغ طوله 193 كيلومتراً (120 ميلاً)، عبر مصر لربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر، وبالتالي إلى المحيطين الأطلسي والهندي، الأمر الذي يجعلها نقطة عبور رئيسية للسفن التي تنقل البضائع بين آسيا، وأوروبا، وشرق الولايات المتحدة.
بدأت قناة السويس العمل في عام 1869، قبل قناة بنما بـ45 سنة، وهي أقصر من قناة السويس بكثير. كما يربط الممر المائي المصري بين المحيطين الهادئ والأطلسي. وتعدُّ القناة التي تقع في مستوى سطح البحر نفسه، الأطول في العالم بدون حواجز. ويتراوح متوسط وقت العبور من أقصاها إلى أقصاها بين 13 إلى 15 ساعة، وفقاً لموقع "GlobalSecurity.org".
2. لماذا تعدُّ القناة مهمة للغاية؟
يمر حوالي 12% من حجم التجارة العالمية عبر قناة السويس كل عام، إذ تعبر كل البضائع من النفط الخام إلى الحبوب إلى القهوة سريعة التحضير عبر القناة. وبدون قناة السويس، سيتعيَّن على ناقلة عملاقة تحمل النفط الخام من الشرق الأوسط إلى أوروبا أن تسافر لمسافة 6 آلاف ميل إضافية حول طريق "رأس الرجاء الصالح" في جنوب أفريقيا، مما يضيف حوالي 300 ألف دولار من تكاليف الوقود (على الرغم من أنَّه ستكون هناك وفورات من تجنُّب رسوم المرور عبر قناة السويس، التي يمكن أن تصل إلى مئات آلاف الدولارات). كما تستطيع القناة تسيير حتى حاملات الطائرات، نظراً لأنَّها لا تضم أي مغاليق أو حواجز.
3. ما الذي يمر عبر قناة السويس؟
كل السلع التي يمكن تخيلها تقريباً. ووفقاً لهيئة قناة السويس، بلغ إجمالي الحمولات التي تمَّ تمريرها عبر القناة في عام 2019 نحو 1.03 مليار طن من البضائع، أي
ما يقرب من أربعة أضعاف ما تمَّ تمريره عبر قناة بنما. كما أنَّ موقع القناة يجعلها حلقة وصل رئيسية لشحن النفط الخام والمواد الهيدروكربونية الأخرى من دول، مثل: المملكة العربية السعودية إلى أوروبا وأمريكا الشمالية. ومن بين السلع الأخرى، تمَّ تمرير 54.1 مليون طن من الحبوب، و53.5 مليون طن من الخامات والمعادن، و35.4 مليون طن من الفحم وفحم الكوك، عبر القناة في عام 2019.
4. ما هي أصول القناة؟
تعود فكرة حفر القناة إلى العصور القديمة، ولكن لم يتم تنفيذها حتى منتصف القرن التاسع عشر عندما منح الوالي العثماني في مصر، سعيد باشا، شركة فرنسية امتيازاً لإنشاء القناة. واستغرق المشروع 10 سنوات، وتطلَّب نحو 1.5 مليون عامل، وكلَّف 100 مليون دولار (1.9 مليار دولار اليوم)، وهو ضعف التقدير الأولي. ثم بدأت القناة العمل في عام 1869 لكنَّ مالكيها واجهوا صعوبات مالية بعد فترة وجيزة، واضطروا إلى بيع حصة الأغلبية إلى المملكة المتحدة، التي أدارت القناة على مدار العقود الثمانية التالية.
5. من يملكها حالياً؟
قام الرئيس المصري المناهض للاستعمار، جمال عبد الناصر، بتأميم القناة في عام 1956، وهي الخطوة التي أشعلت أزمة السويس في العام نفسه، عندما شنَّت القوات الإسرائيلية، والبريطانية، والفرنسية هجوماً على سيناء ومنطقة القناة. وأدَّت الأزمة، التي انتهت بعد تدخُّل الولايات المتحدة ضد الاعتداء على مصر، إلى إغلاق القناة لمدَّة عام. (وشهدت أيضاً نشر أوَّل قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة).
وبعد عقد من الزمن، دفعت الحرب الإسرائيلية-العربية، عام 1967، مصر إلى إغلاق قناة السويس أمام السفن لمدة ثماني سنوات؛ فقد كانت المواجهة بين القوات المصرية والإسرائيلية عبر القناة.
وحالياً، يتمُّ تشغيل القناة من قبل هيئة قناة السويس المملوكة للدولة، وهي مصدر رئيسي للأموال بالنسبة للحكومة المصرية، فقد حقَّقت القناة 5.61 مليار دولار من الإيرادات العام الماضي. كما تمَّ إطلاق توسعة للقناة بتكلفة 8 مليارات دولار في عام 2015 بهدف زيادة حركة السفن وزيادة الإيرادات بأكثر من الضعف.