دعت إيفانا فلادكوفا هولار، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، الحكومة إلى مزيد من التقدم في ملفات الإصلاحات الاقتصادية المختلفة، في حين أشار رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى أن بلاده تتطلع لعدم الدخول في برنامج جديد مع الصندوق عند استكمال البرنامج الحالي.
أشارت هولار خلال مؤتمر صحافي عبر الفيديو، إلى أن برنامج مصر مع الصندوق يولي اهتماماً لتسريع تنفيذ سياسة ملكية الدولة، معتبرة أن مصر بحاجة إلى المزيد من الإصلاحات الهيكلية لزيادة مشاركة القطاع الخاص. وقالت: "رغم أن هناك جهداً تبذله الحكومة المصرية في تنفيذ برنامج بيع الأصول، إلا أننا لا نزال نرى تباطؤاً واضحاً في خطط التخارج من الأصول المملوكة للدولة".
وتوقعت رئيسة بعثة الصندوق في مصر إتمام المراجعة الرابعة لبرنامج تمويل التسهيل الممدد مع القاهرة خلال الفترة من 15 سبتمبر وحتى نهاية العام، منوهةً بأن استكمال المراجعة سيسمح بصرف 1.3 مليار دولار من إجمالي قيمة برنامج مصر مع الصندوق، والتي تمثّل الشريحة الأكبر من بين مختلف الشرائح.
وقالت: "سنركز على المزيد من الإصلاحات الهيكلية قبل إكمال المراجعة، خاصة وأن مصر قادرة على تنفيذ المزيد من الإصلاحات التي من شأنها ضبط الوضع العام لاقتصاد البلاد".
من جهته، لمح رئيس الوزراء في مؤتمر صحافي منفصل، إلى أن البلاد لن تدخل في برنامج جديد مع الصندوق، مشيراً إلى أن "استكمال برنامج صندوق النقد الدولي سيكون بنهاية 2026، ونضع أعيننا أن لا ندخل في برنامج جديد مع الصندوق".
الصندوق أقر أمس الاثنين صرف الشريحة الثالثة من برنامج دعم مصر، بقيمة 820 مليون دولار، منوهاً بأن "الجهود الأخيرة للسلطات المصرية لاستعادة الاستقرار الاقتصادي بدأت تولّد نتائج إيجابية. ومع أن التضخم ما زال مرتفعاً إلاّ أن وتيرته بدأت بالانخفاض. ويبقى نظام سعر الصرف المرن حجر الأساس لبرنامج الحكومة المصرية".
كان الصندوق أجّل مناقشة صرف الشريحة الثالثة من القرض الممنوح لمصر من 10 إلى 29 يوليو الجاري. ورفضت هولار حينها أن توضح لـ"الشرق" أسباب التأجيل، في حين عزا مسؤول حكومي رفيع التأجيل إلى "عدم استيفاء بعض الشروط"، مشترطاً عدم الإفصاح عن هويته، ومشيراً إلى أنها "إجراءات بسيطة من قبل الصندوق سيتم توضيحها قريباً".
زارت بعثة من الصندوق القاهرة في مايو الماضي، لإجراء المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، بعد أن اعتمد مجلس الصندوق، بنهاية مارس، المراجعتين الأولى والثانية، ووافق على زيادة قيمة البرنامج الأصلي بنحو 5 مليارات دولار، ليصل إلى 8 مليارات دولار، ما أتاح للحكومة المصرية سحب سيولة من الصندوق بنحو 820 مليون دولار.
رفع الدعم عن الطاقة
من بين الإصلاحات التي دعت إليها هولار، "تحرير سعر صرف الجنيه من كافة القيود"، ورفع الدعم عن الطاقة، وزيادة أسعارها لتصل إلى نقطة التعادل مع تكلفتها.
رفعت مصر أسعار الوقود للمرة الثانية هذا العام، إذ أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية زيادة أسعار جميع أنواع البنزين والسولار والمازوت الصناعي بدءاً من الخميس، بنسب تراوحت بين 10% و15%. وتتوقع الحكومة أن تؤدي هذه الزيادة إلى توفير 36 مليار جنيه (745 مليون دولار) في ميزانية الدولة خلال العام المالي 2024-2025.
من جهته، أشار رئيس الوزراء المصري إلى أن فاتورة وزارة الكهرباء تبلغ 16 مليار جنيه، لا تتمكن الوزارة من سداد سوى 4 مليارات منها، وتتدخل الحكومة لتغطية الباقي، وشدد على أن الزيادات الأخيرة في الأسعار لن تطال محدودي ومتوسطي الدخل، حيث إن شرائح هذه الفئات ستظل مدعومة.
وبخصوص دعم المواد البترولية، أشار مدبولي إلى أن الحكومة تتحمل يومياً 450 مليون جنيه فاتورة دعم هذه المواد، وكشف أن "عام 2021 وصلنا لدعم صفري للمواد البترولية باستثناء البوتاغاز والمازوت". كما أن الدولة كانت تحقق ربحاً من البنزين خلال تلك الفترة وتوجه دعمها للسولار، مشيراً إلى أن هذا هو المستهدف بحلول عام 2025.
توقع بتراجع معدلات التضخم
بخصوص التضخم، قالت المسؤولة في صندوق النقد إن الإصلاحات التي قامت بها الحكومة المصرية حدّت من معدل التضخم في البلاد، لكنه لا يزال مرتفعاً، رغم ذلك، فقد توقعت تراجعاً حاداً في الأسعار خلال الـ18 شهراً المقبلة.
واصلت وتيرة التضخم في مدن مصر التباطؤ في يونيو، للشهر الرابع على التوالي، لتتراجع إلى 27.5% على أساس سنوي، مقارنةً بـ28.1% في مايو، وعلى أساس شهري، ارتفعت أسعار المستهلكين بـ1.6% في يونيو، مقابل انكماشها بـ0.7% في مايو، والذي كان أول تراجع للأسعار منذ يونيو 2022، وأكبر وتيرة انكماش منذ منتصف عام 2019.
طالبت هولار مصر بالسيطرة على الموازنة العامة وخفض الدين العام، وذلك عبر الحد من الإنفاق وزيادة عوائد الدولة المالية، وتوقعت زيادة العوائد الضريبية خلال العام المالي 2025-2026، مع خفض الإعفاءات الضريبية. وقالت إن وزارة المالية تجاوزت حدود السحب على المكشوف من البنك المركزي، "وتم التغاضي عن الأمر في إتمام المراجعة الأخيرة".