الهبوط السلس للاقتصاد الأميركي قد يخرج عن مساره إن أخرت بيانات غير متوقعة خفض الفائدة

العريان: الفيدرالي قد يكون متجهاً نحو ارتكاب غلطة

جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي - المصدر: بلومبرغ
جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

يدنو معدل التضخم في الولايات المتحدة من 3% بعد تجاوزه 9% قبل عامين، ويُتوقع أن يستقر بين 2.5% و3% استناداً إلى الاتجاهات الحالية، وهذا نطاق قد يعتبره أغلب خبراء الاقتصاد متسقاً مع الاستقرار المالي، بما يشمل ضبطاً وثيقاً لتوقعات التضخم.

في حال عادية، من شأن هذه البشائر أن تفتح المجال أمام البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة الأسبوع المقبل عندما تجتمع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، وهي أعلى أجهزة تقرير سياسته، في ضوء المؤشرات التي تشير إلى أن الاقتصاد الأميركي يتباطأ بأسرع مما توقعه كثيرون.

مع ذلك، فإن عقلية الاحتياطي الفيدرالي الحالية تعني أنه يرجح أن يكتفي بالإشارة إلى نية خفض أسعار الفائدة في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بين 17 و18 سبتمبر. إن الإخفاق في تيسير السياسة في يوليو أو سبتمبر، وهو أمر لا يمكن استبعاد وقوعه للأسف، وسيكون غلطةً سياسيةً أخرى من الاحتياطي الفيدرالي، الساعي لإعادة مصداقيته بعد تخبط استجابته الأولية لضغوط الأسعار المتزايدة في 2021.

يرجع تردد الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة لأسباب منها افتقاره إلى الثقة في أن التضخم سيستمر في الانخفاض إلى هدف 2%، بدل أن يستقر في نطاق بين 2.5% إلى 3%. إن الإبقاء على السياسة النقدية عند مستوى تقييدي من شأنه أن يزيد من احتمال الوصول إلى هذه النسبة، ولكن مع مخاطرة كبيرة بإيقاع أضرار مفرطة بالتوظيف والاقتصاد.

هل هدف التصخم صحيح؟

إن صحة أن يكون معدل 2% هدفاً أمر يجافيه الوضوح، إذ إن ما كان يُعتبر مناسباً لعالم الأمس، الذي اتسم بنقص الطلب الإجمالي وسلسلة من التطورات المفيدة على جانب العرض، ليس موائماً بنفس القدر لعالم متشرذم تُعاد فيه هندسة سلاسل الإمداد، وبه بؤر يستمر فيها افتقار الطلب المحلي للمرونة.

برغم ذلك، لا يرجح أن يراجع صناع السياسات هدف التضخم بعد هذه الفترة الطويلة من أغلاط التوقعات ونتائجها التي أتت بعيدة جداً عن هدفهم. إن المقاربة التي يرجح أن يعتمدها الاحتياطي الفيدرالي ستكون اتباع مسار تدريجي جداً لخفض التضخم من مستواه الحالي، وإيضاح أن مساعي سياسته أصبحت حساسة جداً لناحية تطورات سوق العمل.

ويتفاقم خطر إيقاع أضرار مفرطة بالاقتصاد بسبب الضغوط التي تعانيها الأسر ذات الدخل المنخفض والشركات الصغيرة، وقد استنفدت كلتا الفئتين احتياطياتها النقدية التي تراكمت إبان جائحة كورونا، ويأتي هذا فيما زادت تكاليف خدمة مديونيات أثقل. والفئتين غير قادرتين على تحمل التأثيرات المترتبة على سياسة مفرطة التقييد من الاحتياطي الفيدرالي، خاصة أن الاقتصاد والنظام المالي ككل لم يستوعبا كامل التأثير المتأخر لأسعار الفائدة الأعلى.

في تعليقات حديثة، ظهر أن الاحتياطي الفيدرالي اتجه أخيراً نحو تركيز أكبر على المخاطر التي تهدد سوق العمل في تقييم يعتبره الآن أكثر توازناً بالمجمل. إن مزيداً من التغيير لدى صناع السياسة النقدية سيأتي طال الوقت أم قصر، ليعكس قدراً أكبر من القلق إزاء الإضعاف المفرط للتوظيف والنشاط الاقتصادي. إن سبب عدم حدوث ذلك بسرعة أكبر، كما هو الحال مع الإحجام عن خفض أسعار الفائدة الأسبوع المقبل، هو أن صنع السياسات أصبح يعتمد بشكل مفرط على البيانات في أعقاب الخطأ الكبير الذي حدث في 2021 بالتسرع في اعتبار أن ارتفاع التضخم "عابر".

الهبوط السلس على المحك

في حين أن انتظار حلول سبتمبر لخفض الفائدة ليس مسألة كبيرة من حيث المنظور الأوسع للأمور، لكن مزيداً من التأخير سيكون مصدر قلق أكبر. وقد يحدث مثل هذا التأخير بسهولة بالنسبة لمؤسسة تفتقر إلى الثقة والأسس الاستراتيجية الكافية في آن معاً. إن كل ما يتطلبه الأمر حقاً هو مفاجأة سلبية في بيانات حتمية الأثر وتصدر بتواتر.

إن احتمالات الهبوط السلس للاقتصاد والحفاظ على الوضع الاستثنائي للاقتصاد الأميركي ستكون أعلى بوضوح لو لم يكن الاحتياطي الفيدرالي مثقلاً بهدف تضخم عفا عليه الزمن، وإطار سياسة نقدية غير ملائم، وعقلية تعتمد بشكل مفرط على البيانات.

بدل ذلك، في تقديري الاحتمال في حدود 50% فقط، وهذا ليس مستوى يجلب ما يكفي من الطمأنينة، خاصة فيما تواجه الولايات المتحدة وكذلك الاقتصادات العالمية ارتفاعاً في الديون واتساعاً في عدم المساواة وكثيراً من المجهولات غير الاقتصادية.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك