لا يميل قادة الأعمال إلى كل سياسات ترمب لكن تقلبات الحملة الانتخابية أكسبته تأييداً في أوساط لم تكن في الحسبان

محاورة ترمب عن خططه الاقتصادية تزداد أهمية

الرئيس الأميركي دونالد ترامب - المصدر: بلومبرغ
الرئيس الأميركي دونالد ترامب - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

لا شك في أن محاورة أي مرشح رئاسي عشية انتخابات كبرى فرصة تُرتجى في جميع الأحوال، فما بالكم لو جاءت بعد أن أثار الأداء المشوش للرئيس جو بايدن في المناظرة الانتخابية شكوكاً حول ترشيحه، وبعد نجاة دونالد ترمب من رصاصة الاغتيال في بنسلفانيا. لقد أصبح التمعن بالمرشح الجمهوري وأجندته الانتخابية لإعداد قصة لغلاف مجلة "بلومبرغ بيزنسويك" ضرورةً صحفيةً أكثر من أي وقت.

يطرح ترمب خطة جريئة للاقتصاد الأميركي والشركات، تتضمن رفع التعرفة الجمركية بشدة وتخفيض لضرائب الشركات وترحيلات جماعية لمهاجرين من شأنها أن تزيد الضغوط على سوق العمل، التي تعاني أصلاً من شحّ اليد العاملة. فهو يرى أنه دون هذه الخطوات "الأجدى أن تغلق (بيزنسويك) أعمالها لأنني أظن أنها ستفقد قيمتها، بل أعتقد أن البلد برمته سينهار".

مقابلة مع
غلاف مجلة بلومبرغ بزنيسويك التي تضمنت المقابلة مع دونالد ترمب

تباين الآراء حول رؤية ترمب الاقتصادية

يخالفه في هذا الرأي معظم الخبراء الاقتصاديين. في يونيو، نشر 16 فائزاً بجائزة "نوبل" رسالة مفتوحة اعتبروا فيها أن أجندة ترمب تهدد بإذكاء شعلة التضخم وزيادة الدين الاتحادي. وكان تقرير صدر قبل وقت قصير عن معهد "بيترسون" للاقتصادات الدولية، وهي مؤسسة غير حزبية، خلص إلى أن زيادات التعرفة الجمركية التي يقترحها ترمب ستكلف الأسرة العادية 1700 دولار سنوياً، "فيما تكبد الاقتصاد الأميركي أضراراً جانبية بالغة".

إلا أن دعماً صريحاً لترمب برز في أوساط لم تكن في الحسبان. كان إيلون ماسك وبيل أكمان، مؤسس شركة "بيرشينغ سكوير كابيتال مانجمنت" (Pershing Square Capital Management) بين من تراجعوا عن مواقفهم السابقة وأعلنوا دعمهم لترمب.

وفي بداية يونيو، أسهم رأسماليون بارزون بأكثر من 12 مليون دولار في حملته الانتخابية خلال حفل لجمع التبرعات في سان فرانسيسكو، وكان من بين مضيفي الحفل شيرفين بيشيفار، وهو من داعمي شركات مثل "أوبر تكنولوجيز" (Uber Technologies) و"إير بي إن بي" (Airbnb) و"سلاك" (Slack).

بيشيفار، الذي كان في السابق يعلق على جدران منزله بفخر صوره مع هيلاري كلينتون وباراك أوباما، بات ينشر اليوم صوره برفقة ترمب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وينتقد تعيينات بايدن في لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية ولجنة التجارة الفيدرالية، على خلفية سعيهم لكبح جماح عمالقة التقنية والعملات المشفرة.

قال بيشيفار إن إدارة بايدن "استهدفت عالم العملات المشفرة وكذلك عالم الأعمال، وتحاول استخدام السياسة التنفيذية لفرض قواعد ناظمة تنطلق من رؤية ليبرالية ويسارية أكثر بكثير تجاه الرأسمالية والشركات... الحزب الجمهوري منفتح أكثر على الأفكار الجديدة والكبيرة التي يطرحها عالمنا".

مخاوف من إجراءات انتقامية

على الجانب الآخر من ساحات المعارك التي لا تُعد ولا تُحصى عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول الانتخابات، برز رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركة "لينكد إن" ريد هوفمان، الذي وجه رسالة إلكترونية إلى متابعيه بعد المناظرة قال فيها إن بايدن "مقاتل ذو عزم"، معتبراً محاولات استبداله خاطئةً.

أشار إلى أن السياسة الأوروبية تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن رفع التعريفات الجمركية يحدّ من النمو، ويؤدي إلى رفع الأسعار. كما اعتبر أن السمة الرئيسية الحتمية في أسلوب ترمب هي نزعته للحكم كما لو أنه ما يزال نجم برنامج تلفزيون واقع. وقال: "يجب أن يشعر المستثمرون أنهم يستثمرون في مستقبل مستقر". مع ذلك هو يتفهم سبب تأييد بعض رواد الأعمال الآخرين للرئيس السابق. وقال: "يفهم ترمب بشكل أفضل من إدارة بايدن بأن القيود الناظمة قد تعيق قطاع الأعمال".

إلى ذلك، يخيم هدوء حذر في أوساط واسعة أخرى في قطاع الأعمال. في 2021، ساعد رئيس مجلس إدارة "أميريكان أكسبرس" ورئيسها التنفيذي كين شينولت على تنظيم عشرات من رواد الأعمال السود البارزين، ليبدوا معارضتهم لقوانين تقييد حقوق التصويت في الولايات ذات الغالبية الجمهورية. إلا أن هذه التحركات غابت اليوم، برغم وجود ما يمكن اعتباره تهديدات مشابهة للديمقراطية والانتخابات العادلة.

يعزو شينولت ذلك إلى تاريخ ترمب بالانتقام من أعدائه. مع ذلك، يأمل أن يلتحق آخرون بالركب قريباً. قال: "لن أوجه انتقادات لأي رئيس تنفيذي اختار التزام الصمت بسبب التهديد الذي تواجهه شركته... ولكن ما آمله هو أن يتمكن بعض الرؤساء التنفيذيين ولا أعتقد أن عددهم سيكون كبيراً، من أن يتصرفوا بما تمليه عليه ضمائرهم".

ثقة عالية بالنفس

في المقابلة مع "بيزنسويك" بدا ترمب ودوداً من دون أن يكبت غطرسته المعتادة، فيما حاول التسويق لإعادة انتخابه. وقد كان متباهياً أيضاً، فتفاخر بكل شيء، بدءاً من إنجازات ولايته الأولى ووصولاً إلى الأسقف المقوسة العالية في منتجع مارالاغو. بدا واضحاً أن ترمب يشعر بثقة عالية بالنفس، حتى قياساً لمعاييره، حيال احتمالات فوزه بالانتخابات في نوفمبر.

إن نجاة ترمب من محاولة الاغتيال، وإسقاط التهم الجنائية عنه على خلفية تعامله بوثائق سرية، زادت زخمه مبالغةً. لكن الأشهر الأربعة الباقية وقت طويل، وكما أظهرت الأحداث الأخيرة، قد تتحول الحملة الانتخابية بين ليلة وضحاها.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك