تستعد البنوك المركزية في أفريقيا لاتخاذ قرارات بشأن أسعار الفائدة خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، لكنها من المرجح أن تحافظ على سياساتها النقدية المتشددة بدلاً من اتباع الاتجاه العالمي نحو التيسير النقدي، مع استثناء واحد فقط.
ذكرت أنغليكا غوليغر، كبيرة الاقتصاديين لدى "إي واي أفريقيا" (EY Africa)، أن "المقاربة الأساسية هي الحذر والاعتماد على البيانات، حيث تراقب البنوك المركزية عن كثب اتجاهات التضخم والعملة".
يتوقع المحللون أن ترفع البنوك المركزية في نيجيريا وأنغولا أسعار الفائدة الرئيسية، وهما أكبر منتجتين للنفط بمنطقة جنوب الصحراء الأفريقية وتواجهان تضخماً يتجاوز 10%، وضعفاً في عملتيهما.
بينما من المتوقع أن تبقي كل من جنوب أفريقيا ومصر وكينيا وغانا أسعار الفائدة دون تغيير، فيما يُتوقع أن تواصل موزمبيق، وهي حالة استثنائية، خفض تكاليف الاقتراض.
إليك الأسباب التي ستدفع معظم هذه الدول الأفريقية للحفاظ على ارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول:
ضغوط العملة
تُصنّف عملات أنغولا ونيجيريا وغانا ضمن الأسوأ أداءً في أفريقيا هذا العام، ولا تزال تواصل الضعف أمام الدولار وسط زيادة الطلب على العملة الأميركية.
كان تأثير ذلك على أسعار المستهلكين كبيراً. ففي نيجيريا، ظل التضخم عند أعلى مستوى له منذ نحو ثلاثة عقود. في حين ارتفع لأعلى مستوى منذ سبعة أعوام في أنغولا. كما لم تكن عملية تباطؤ وتيرة التضخم في غانا بالسرعة التي توقعها البنك المركزي.
تسبب التضخم المرتفع في هذه الدول إلى رفع الحد الأدنى للأجور في أنغولا بأكثر من الضعف ليصل إلى 70 ألف كوانزا أنغولي (79 دولاراً أميركياً) في يونيو، ودفع نيجيريا لإعادة دعم الوقود جزئياً، مما يفرض ضغوطاً على المالية العامة لدى الدولتين.
تعليقاً على الأمر، أوضح غبولاهان تايوو، من بنك "جيه بي مورغان تشيس آند كو"، أن ضعف العملة والسياسة المالية المتساهلة وضغوط التكلفة ستجبر هذه البنوك المركزية على الأرجح على الحفاظ على موقف أكثر تشدداً لفترة أطول.
وأكد محافظ البنك المركزي النيجيري أولايمي كاردوسو مؤخراً على أن لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك ستبذل قصارى جهدها لكبح التضخم.
التضخم المستمر
ربما تترك جنوب أفريقيا ومصر أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير عند 8.25% و27.25% على التوالي في اجتماع السياسة النقدية المرتقب غداً الخميس، حيث تلقيان بالمسؤولية على ضغوط ارتفاع أسعار المستهلكين المستمرة.
وأوضح ليسيتجا كجانياغو، محافظ البنك المركزي في جنوب أفريقيا، أنه وزملاءه في لجنة السياسة النقدية لن يخفضوا أسعار الفائدة حتى يعود التضخم إلى 4.5%، وهي نقطة الوسط للنطاق المستهدف بشكل مستدام.
ورغم أن معدل التضخم السنوي بلغ 5.2% في مايو، فإنه ظل فوق مستوى نقطة الوسط لأكثر من ثلاثة أعوام.
كجانياغو قال برسالة ضمن التقرير السنوي للبنك المركزي الشهر الماضي إنه "من المهم أن نستعيد الثقة في قدرتنا على تحقيق هدفنا".
غوليغر، من "إي واي أفريقيا"، ترى أن صنّاع السياسة في مصر سيترددون أيضاً في خفض الفائدة، وسط استمرار ارتفاع التضخم، رغم تباطؤه للشهر الرابع على التوالي في يونيو، ليسجل 27.5%، كما أن عوامل مثل زيادة الأجور وتعديلات أسعار الوقود قد تبطئ وتيرة تراجع التضخم.
من جانبه، أضاف تايوو، من "جيه بي مورغان تشيس آند كو"، أنهم يترقبون أيضاً "هبوط التضخم بشكل أكبر، وتحقيق مستوى أعلى من أسعار الفائدة الحقيقية قبل التفكير في الخفض".
عوامل محلية
ربما تجد كينيا أيضاً تحدياً في خفض تكاليف الاقتراض، وسط المظاهرات المستمرة المناهضة للحكومة، والتي قد تعيق تباطؤ التضخم. وأدت الاحتجاجات إلى إغلاق الشركات وزيادة الضغط على العملة بعد أن ألغت الحكومة خطة لجمع 346 مليار شيلينغ كيني (2.7 مليار دولار) من الضرائب.
لجنة السياسة النقدية في كينيا استشهدت مؤخراً بقرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بشأن الفائدة كعامل خطر رئيسي للسياسة النقدية، بحسب تايوو. وهذا قد يعني أنها قد تؤجل خفض الفائدة حتى تقوم الولايات المتحدة بذلك. ويتوقع المستثمرون خفض أسعار الفائدة الأميركية مرتين على الأقل هذا العام.