تراجع النمو الاقتصادي في الصين إلى أدنى مستوى له في خمسة أرباع سنوية، مع تباطؤ مبيعات التجزئة، مما يزيد الضغوط على حكومة بكين لتعزيز الثقة في اجتماع السياسة الذي يُعقد مرتين كل عقد، ويحل موعده هذا الأسبوع.
أظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء الصيني الصادرة يوم الإثنين أن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بنسبة 4.7% في الربع الثاني مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. كان هذا النمو دون أوسط توقعات الاقتصاديين في استطلاع "بلومبرغ" والذي بلغ 5.1%. فيما ناهز النمو الاقتصادي الصيني في النصف الأول 5%، متماشياً مع الهدف السنوي البالغ نحو 5% الذي حددته بكين.
الأرقام الرئيسية الأخرى الصادرة ضمن البيانات:
- ارتفع الناتج الصناعي بنسبة 5.3% على أساس سنوي في يونيو، مقارنة بتوقعات الاقتصاديين البالغة 5%.
- نمت مبيعات التجزئة بنسبة 2% مقارنة بنمو متوقع قدره 3.4%.
- زادت استثمارات الأصول الثابتة بنسبة 3.9% في الأشهر الستة الأولى، لتتماشى مع الزيادة المتوقعة البالغة 3.9%. وواصل قطاع العقارات الانكماش مع تراجع الاستثمارات بنسبة 10.1% خلال هذه الفترة.
- ظل معدل البطالة في المدن عند 5% الشهر الماضي دون تغيير عن أرقام مايو.
يمكن أن يعزز التباطؤ المنعكس في البيانات الدعوات الموجهة لبكين لتكثيف جهودها لتحفيز النمو الاقتصادي. وتعد هذه البيانات أول مجموعة من المؤشرات الفصلية الخالية من الاختلالات الناجمة عن الجائحة. ونُشرت هذه البيانات في نفس اليوم الذي يعقد فيه الرئيس شي جين بينغ الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية لتحديد السياسات الاقتصادية والسياسية الرئيسية للأعوام المقبلة.
أفاد المكتب الوطني للإحصاء في بيان مصاحب للبيانات أن الصين بحاجة إلى "تقدير الصعوبات والتحديات والشكوك في التنمية بشكل كامل" مع تعزيز الثقة في الاقتصاد في المستقبل، بجانب تنفيذ سياسات الاقتصاد الكلي بشكل فعال لتعزيز النمو الجيد.
المستهلكون يمتنعون عن الإنفاق
ارتفعت مبيعات التجزئة بأبطأ وتيرة منذ 2022، مما يبرر إحجام المستهلكين عن الإنفاق بالرغم من وجود برنامج حكومي لدعم وتشجيع استبدال السيارات والأجهزة المنزلية القديمة.
عن ذلك، قال ريموند يونغ، كبير الاقتصاديين لمنطقة الصين الكبرى في مجموعة "أستراليا ونيوزيلندا المصرفية"، إن "ضعف مبيعات التجزئة كان النقطة الأبرز من بين جميع الأرقام الشهرية التي نُشرت اليوم"، و"لا يزال استهلاك الأسر ضعيفاً للغاية، كما فشلت برامج إحلال السلع القديمة في رفع الإنفاق. وستظل الأسر حذرة في المستقبل مع خفض أرباب العمل للأجور وارتفاع البطالة بين الشباب".
واصلت الأسهم الصينية في هونغ كونغ خسائرها بعد البيانات المخيبة للآمال، حيث انخفض مؤشر "هانغ سينغ تشاينا إنتربرايزيس" بنسبة 1.2%.
وربما تجذب البيانات المخيبة للآمال انتباه أكبر إلى الجلسة الثالثة للجنة المركزية، حيث يُتوقع أن يناقش شي وكبار المسؤولين الآخرين رؤيتهم طويلة الأجل لثاني أكبر اقتصاد في العالم.
في إشارة إلى أهمية الاجتماع، تخطت الحكومة الصينية المؤتمر الصحفي الشهري المعتاد للإجابة على أسئلة متعلقة بالبيانات الاقتصادية، واكتفت بنشر الأرقام عبر الإنترنت. وكانت آخر مرة تلغي فيها الحكومة هذا الشكل المعتاد لنشر البيانات الرئيسية في أكتوبر 2022، عندما عقد الرئيس الصيني مؤتمراً للحزب تمكن فيه من الحصول على ولاية ثالثة كزعيم للأمة.
دعا الاقتصاديون السلطات الصينية إلى معالجة أزمة العقارات وتعزيز الاكتفاء الذاتي التكنولوجي وتخفيف الضغوط المالية المحلية خلال الاجتماع الذي يستمر أربعة أيام. ومن المقرر أن يجتمع كبار مسؤولي الحزب البالغ عددهم 24، بمن فيهم شي، لاحقاً هذا الشهر لعقد اجتماع المكتب السياسي للحزب لمناقشة تدابير اقتصادية محددة.
حواجز جديدة أمام البضائع الصينية
ركزت جهود الصين لتعزيز محركات النمو الاقتصادي حتى الآن على جانب العرض، رغم استمرار ضعف الطلب المحلي وسط أزمة العقارات التي دامت لأعوام وأضرت بالثقة وكبحت الاستهلاك.
ويُتوقع أن تظل أزمة العقارات العائق الأكبر أمام الاقتصاد خلال الأشهر أو حتى الأعوام مقبلة. وفي الوقت نفسه، تواجه الصادرات، وهي محرك رئيسي للنمو هذا العام، أيضاً حالة من انعدام اليقين حيث يدرس شركاء بكين التجاريين فرض حواجز جديدة أمام البضائع الصينية.
على الجانب الآخر، تعتبر قدرة بنك الشعب الصيني على خفض أسعار الفائدة محدودة بسبب المخاوف من هروب رؤوس الأموال والضغط على أرباح البنوك، بجانب الحاجة إلى الدفاع عن اليوان. وتخلف الإنفاق الحكومي هذا العام عن الميزانية مجدداً حيث تسعى بكين إلى تقليل مخاطر الديون المحلية، ويكافح المسؤولون لإيجاد مشاريع مؤهلة للاستثمار فيها.