تحت لافتة كُتب عليها "الاستثمار في الكرامة"، أعلنت السعودية للعالم عن استعدادها للعمل مع أميركا اللاتينية، من خلال تنظيم قمة استمرت لـ3 أيام عُقدت بفندق "كوباكابانا بالاس" على أشهر شاطئ في البرازيل.
خلال القمة، تبادل الثناء كل من الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، وياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودية الذي تناهز قيمة الأصول التي يديرها تريليون دولار.
كما شهدت الجلسات مشاركة المليارديرات مارسيلو كلور، وديفيد فيليز، وماركوس بولغيروني، بالإضافة إلى مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، مثل وزير الخارجية ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأسبق مايك بومبيو، إلى جانب الرؤساء التنفيذيين للشركتين البرازيليتين العملاقتين "فالي" للمعادن (Vale) و"بتروبراس" للبترول (Petrobras).
وقال الرئيس لولا للحاضرين إن "البرازيل والسعودية هما جزء من دول الجنوب العالمي. لا يمكننا أن نمضي قرناً آخر بالاعتماد على دول الشمال فقط".
مساعي تنويع الاقتصاد السعودي
نُظم المؤتمر من قبل معهد مبادرة مستقبل الاستثمار، وهو منظمة غير ربحية مرتبطة بصندوق الاستثمارات العامة السعودي. ويُعد المؤتمر في ريو دي جانيرو جزءاً من مساعي المملكة لتعزيز مكانتها وتنويع اقتصادها المعتمد على النفط، من خلال التعاون مع أميركا اللاتينية الغنية بالموارد. بالنسبة للقادة السياسيين وقادة الأعمال في البرازيل، كانت تلك فرصة نادرة للاختلاط بالفريق المحيط بمحافظ الصندوق السيادي السعودي، المسؤول عن استثمار المليارات كل عام.
لم يتم الإعلان عن أي اتفاقيات جديدة كبرى، لكن الحاضرين استطلعوا الجمال الطبيعي، والاضطرابات السياسية في البرازيل.
أدى ظهور لولا إلى إعاقة حركة المرور في الخارج، وكاد حراسه أن يشلوا الحدث. ودعا في خطابه إلى المزيد من الاستثمارات العادلة لمحاربة الفقر. نال ذلك إشادة من الجمهور، بما في ذلك الملياردير أندريه إستيفيس، رئيس مجلس إدارة "بانكو بي تي جي باكشوال" (Banco BTG Pactual)، الذي أعلن لاحقاً على خشبة المسرح أنه "أعجب بما قاله الرئيس لولا".
السياسة المالية في البرازيل
خارج الفندق، تراجعت الأسواق، التي كانت بالفعل على حافة الهاوية بسبب تدهور حسابات المالية العامة، عندما تعهد لولا بموازنة ميزانيته ليس من خلال خفض الإنفاق، بل من خلال خفض أسعار الفائدة وزيادة عائدات الضرائب.
أكد مسؤولو الإدارة التزامهم بـ"المسؤولية المالية" في خطاباتهم اللاحقة، في حين ألغى وزير المالية فرناندو حداد حضوره فجأة. وجاب مدير البنك المركزي غابرييل غاليبولو، الذي يُنظر إليه على أنه اختيار لولا لتولي إدارة المؤسسة، القاعات مصافحاً.
اقرأ أيضاً: السعودية والبرازيل تتجهان نحو تعميق الشراكة الاستثمارية
همس الحاضرون بشكل غير علني أن عدد الزعماء والرؤساء التنفيذيين في هذا التجمع كان أقل بكثير من عدد الذين يتدفقون إلى القمة الرئيسية في الرياض، والمعروفة باسم "دافوس الصحراء". ومع ذلك، كان الكثيرون حريصين على فهم اهتمام المستثمرين السعوديين. وعُقدت أحداث مماثلة في ميامي وهونغ كونغ.
قادة الأعمال والسياسة
حدث معظم النشاط بجوار المسبح، الذي تم فصله عن حشود الفندق المعتادة. استضاف كلور، المدير التنفيذي السابق لشركة "وي وورك" (WeWork) و"سوفت بنك غروب"، والذي كان يرتدي زيه الأسود النموذجي في ظل الحرارة الاستوائية في ريو، جلسة من خلال شركته "بايسيكل كابيتال" (Bicycle Capital).
عندما كان على خشبة المسرح، بجوار بومبيو، استجوب مدير الجلسة كلور بشأن دوره في شركة الأزياء السريعة الصينية "شي إن"، في ضوء مزاعم عن ظروف عمل غير آمنة- وهو ما نفاه. وتذكر بومبيو، الذي انضم مؤخراً إلى شركة أسهم خاصة، بدايات عمله في توفير قطع الغيار لشركة "إمبراير" (Embraer) من خلال شركة أسسها.
اقرأ أيضاً: الصندوق السيادي السعودي مهتم بالاستثمار بالطاقة المتجددة وكرة القدم في البرازيل
قال: "إنهم ينظرون لي بصفتي رئيساً لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، لكنني أدير مشروعاً تجارياً".
شركات "يونيكورن" تشارك بالمؤتمر
تستذكر أريان روتشيلد، الرئيسة التنفيذية لشركة "إدموند دي روتشيلد"، طفولتها التي قضتها جزئياً في أميركا اللاتينية، قبل الإعلان عن شراكة مع شركات سعودية كجزء من حملة البنك السويسري الخاص لتلبية احتياجات العملاء الأثرياء في الشرق الأوسط.
تشارك مؤسسو شركات لاتينية تفوق قيمتها المليار دولار مثل "رابي" (Rappi) و"كلاود ووك" (CloudWalk) و"جيم باس" (Gympass) و"كريديتاس" (Creditas)، المسرح. كذلك حضر الرئيس التنفيذي السابق لشركة "باي بال" (PayPal)، دان شولمان، الذي انضم مؤخراً إلى شركة رأس المال الاستثماري "فايلور كابيتال" (Valor Capital)، جنباً إلى جنب مع كليف سوبيل من الشركة نفسها.
في وقت سابق من هذا الشهر، وقعت شركات برازيلية، بما في ذلك شركة "إي بي كابيتال" (EB Capital) (حيث تُعد كلور شريكاً) وشركة "باتريا" (Patria)، إحدى أكبر شركات إدارة الأصول البديلة في أميركا اللاتينية، اتفاقيات في الرياض.
استثمارات متبادلة
شركة "باتريا"، التي لديها مشروع طريق سريع مع صندوق الاستثمارات العامة، وتلقت استثمارات منه، تستكشف إمكانية فتح صالات رياضية وأكشاك طعام في المملكة، من خلال الشركات التي هي جزء من محفظة الأسهم الخاصة التابعة لها.
خارج البرازيل، كان لدى الأرجنتين أكبر عدد من المديرين التنفيذيين الذين سافروا إلى ريو لحضور هذا الحدث. كان بولغيروني، رئيس شركة "بان أميريكان إينيرجي" (Pan American Energy)، وخوسيه لويس مانزانو، رئيس شركة "إنتيغرا كابيتال" (Integra Capital)، سعيدَين بقانون رئيسي أقرته حكومة خافيير مايلي في الكونغرس الأرجنتيني.
اقرأ أيضاً: "باتريا" البرازيلية تخطط لتعزيز استثماراتها في السعودية
في المساء، أُقيم حفل في متحف "أمانها" (Amanha) في وسط مدينة ريو، حيث شارك فيه أسطورة المناطق الاستوائية جيلبرتو جيل، الذي عزف أمام حشد صغير في حفل موسيقي خاص على ضوء الشموع.
الأهداف الاستثمارية للسعودية في البرازيل
من بين الأهداف الاستثمارية المحتملة في أميركا اللاتينية التي ذكرها الرميان، كانت التكنولوجيا والطاقة المتجددة والتعدين وكرة القدم.
وأثار ذلك اهتمام عمدة ريو إدواردو بايس بعد أن قال مازحاً في وقت سابق إن ناديه المفضل، "فاسكو دا غاما"، بحاجة ماسة إلى مستثمرين جدد، لأنه غارق في قاع جدول الدوري.
"لماذا ريو دي جانيرو؟" تساءل الرميان في مقابلة على المسرح، وتابع: "إنها واحدة من أعظم المدن، ليس في البرازيل فحسب، بل في العالم أيضاً".