نمو العلاقات التجارية يتماشى مع الموقف الحيادي للسلطنة والتبادل التجاري بين الدولتين زاد 60% في 2023

بلومبرغ: عُمان تتحول لنقطة خليجية بارزة لتجارة روسيا

الميناء ومدينة مسقط القديمة، سلطنة عمان - المصدر: بلومبرغ
الميناء ومدينة مسقط القديمة، سلطنة عمان - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

عندما يعتلي الرئيس فلاديمير بوتين المنصة في منتدى سانت بطرسبرغ السنوي هذا الأسبوع، ستعرض العلاقات الاقتصادية كاملة بين بلده ودولة خليجية هادئة وكتومة.

مُنحت سلطنة عُمان، وهي موطن 5 ملايين نسمة تقريباً، صفة الدولة ضيفة الشرف في قمة هذا العام. وتؤكد هذه المكانة الفخرية على توطد العلاقة الاقتصادية بين البلدين منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022.

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على روسيا، لكن دولاً مثل الإمارات وعُمان لم تفرض أي عقوبات عليها. وفي بعض الأحيان، يطلق على عُمان لقب "سويسرا الشرق الأوسط" بفضل دورها النافع في النزاعات الدبلوماسية الحساسة، ومن بينها المحادثات التي أفضت إلى الاتفاق النووي مع إيران في 2015.

الاستثمارات الأجنبية

تتماشى العلاقات التجارية المتنامية بين الدولتين حالياً مع الموقف المحايد الذي التزمته مسقط لفترة طويلة، كما أنها تأتي في فترة تتراجع فيها جاذبية أماكن مثل دبي، التي كانت واحدة من أولى الجهات الجاذبة للروس بعد غزو أوكرانيا، في أعين كثيرين.

كما تدرس بعض الشركات الروسية الانتقال إلى دول جديدة في ضوء ارتفاع تكلفة المعيشة في إمارة دبي الجذابة، والضغوط المتزايدة على بنوكها لتطبيق معايير أكثر صرامة في تنفيذ العقوبات الأميركية.

كذلك، فإن احتياطيات عُمان من النفط قليلة مقارنةً بعدد من دول الشرق الأوسط، لذا يمكنها الاستفادة من الاستثمارات الخارجية.

دور بارز في السلع الأولية

تتجلى الصفقات التجارية الجديدة بشكل خاص في قطاع السلع الأولية، حيث اشترى صندوق استثمار حكومي عُماني حصة في شركة التجارة "ديميترا هولدينغ" (Demetra Holding)، ومقرها في موسكو، العام الماضي.

كانت هذه الشركة ثاني أكبر جهة مُصدرة للقمح الروسي في موسم 2021-2022، وتربطها علاقات بعملاقة تجارة القمح "غرين غيتس" (Grain Gates). وكان بنك "في تي بي" (VTB) الروسي، المفروضة عليه عقوبات من أميركا، يمتلك 45% من الشركة قبل أن يعلن عن بيع حصته.

في غضون ذلك، اشترى "صندوق زحل" المملوك للدولة أيضاً حصص مساهمين روس في "بولي ميتال إنترناشيونال" (Ploymetal International) المُقيدة في كازاخستان، وهي شركة تعدين كانت تزاول نشاطها في روسيا قبل فصل وحداتها في وقت سابق من العام الجاري.

وفي الشهور الماضية، عيّن "بنك الاستثمار العُماني" المؤسَّس حديثاً، والذي يرأس مجلس إدارته رئيس صندوق ثروة البلاد، مجموعة من المديرين التنفيذيين السابقين في بنك "في تي بي" الروسي، وفق أشخاص مطلعين على الأمر، وصفحات شخصية على منصة "لينكدإن" اطلعت عليها "بلومبرغ".

لم تنجح محاولات التواصل مع "بنك الاستثمار العُماني" سواء عبر جهاز الاستثمار العُماني أو عبر رقم الهاتف المسجل في عنوان البنك.

روسيا توطد علاقتها مع السلطنة

أصبح ساحل عُمان نقطة بارزة في نقل شحنات النفط الروسي المتجهة إلى الهند من سفينة لأخرى. وفي غضون ذلك، عثرت معظم شركات السلع التي انتقلت إلى البلد على ملاذ لها في العاصمة مسقط، المعروفة بأسواقها الرائعة، ومياه بحرها الزرقاء الخلابة، ودار الأوبرا الشهيرة.

ترى آنا بورشتشفسكايا، الزميلة الأولى في "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، ومتخصصة في سياسة روسيا تجاه الشرق الأوسط أن موسكو اضطرت إلى توطيد علاقاتها مع دول مثل عُمان منذ غزو أوكرانيا، نظراً لحاجتها إلى مزيد من الشراكات العالمية، والموقع المتميز للدولة الخليجية، الذي يعد مفيداً في شحن النفط، كما لفتت إلى أن "هناك سببين رئيسيين لأن تولي روسيا اهتماماً خاصاً لعُمان في الوقت الحالي؛ النفط والحرب على أوكرانيا".

من المتوقع أن تقام في المنتدى الذي سينعقد الأسبوع الجاري حلقة نقاش روسية عُمانية سيتحدث فيها رئيس "في تي بي بنك" أندريه كوستين، إلى جانب عدد من المسؤولين العُمانيين، وفق الجدول الرسمي. ويشير ملخص الجلسة إلى ارتفاع التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 60%، مستشهداً ببيانات عام 2023. فيما لم ترد وزارة الخارجية العُمانية على طلب للتعليق.

عُمان في مفترق طرق حاسم

على الجانب الآخر، ما يزال العديد من التطويرات في سلطنة عُمان في مرحلتها الأولى، وتمثل فرص الأعمال فيها جزءاً ضئيلاً من تلك الموجودة في الاقتصادات الأكبر، مثل الإمارات.

رغم ذلك، فإن موقع السلطنة الاستراتيجي قرب مضيق هرمز، الذي يعد ممراً ملاحياً حيوياً لشحنات النفط والغاز الطبيعي المسال، يمنحها ثقلا جيوسياسياً إضافياً.

لكن الاهتمام الروسي المتزايد يأتي في فترة حساسة، في ضوء سعي عُمان إلى جذب عدد أكبر من المستثمرين الغربيين إلى طروحات الأسهم في العام الجاري، واستعدادها لعملية مراجعة مهمة ستجريها "مجموعة العمل المالي"، ومقرها في باريس، في أكتوبر المقبل، ومواجهة شكوك من إدارة الرئيس جو بايدن حول احتمال إنشاء قاعدة عسكرية صينية على أراضيها.

قالت آنا جاكوبس، محللة أولى لدى "مجموعة الأزمات الدولية": "تركز عُمان على تحقيق منافع اقتصادية، مع الحد من المخاطر السياسية المرتبطة بالعلاقات الوطيدة مع روسيا والصين في ذات الوقت".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك