دعا صندوق النقد الدولي، السلطات البحرينية، إلى إجراء إصلاحات عاجلة على مستوى المالية العامة لمعالجة الاختلالات الكبيرة، وخفض الدَّين العام، واستعادة استدامة الأوضاع الاقتصادية الكلية، مع ضمان توجيه الدعم لأشد الفئات ضعفاً.
وقال الصندوق في بيان على موقعه الإلكتروني، إنَّ هبوط أسعار النفط، وانكماش إجمالي الناتج المحلي الاسمي، أديا إلى ارتفع عجز المالية العامة الكلي في البحرين إلى 18,2% من إجمالي الناتج المحلي في 2020، وبلغ الدَّين العام 133% من إجمالي الناتج المحلي.
واتسع عجز الحساب الجاري حتى بلغ 9,6% من إجمالي الناتج المحلي، وتراجعت الاحتياطيات الدولية لتصل إلى حوالي 1,4 شهر من الواردات غير النفطية المرتقبة، بحسب الصندوق.
انكماش اقتصادي بـ5.4% في 2020
واختتم المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 17 مارس الجاري مشاورات المادة الرابعة [1] لعام 2021 مع مملكة البحرين.
وقال المديرون التنفيذيون في صندوق النقد الدولي، إنَّ مملكة البحرين تحرَّكت بسرعة لمعالجة الآثار الصحية، والاجتماعية، والاقتصادية لجائحة كوفيد-19، من أجل حماية الأرواح والأرزاق، وساعدت الاستجابات السريعة والمنسقة جيداً على مستوى السياسات في الحدِّ من انتشار الفيروس، وتوفير إمكانات الحصول على اللقاحات بسرعة وعلى نطاق واسع، وكذلك توجيه دعم الدَّخل، والسيولة للفئات الأشد احتياجاً.
وكما هو الحال في البلدان الأخرى، لا تزال جائحة كوفيد-19 التي طال أمدها، والإجراءات الضرورية لاحتوائها تؤثِّر على البحرين، إذ تشير التقديرات إلى أنَّ النمو الاقتصادي في 2020 سيسجِّل انكماشاً بنسبة 5.4%، مدفوعاً بانكماش حادٍّ في النمو غير النفطي، قدره 7% بسبب التقلُّص الملموس في قطاعات الخدمات التي تتسم بكثافة المخالطة، والغنية بالوظائف.
ومع هبوط أسعار النفط وانكماش إجمالي الناتج المحلي الاسمي، ارتفع عجز المالية العامة الكلي إلى 18,2% من إجمالي الناتج المحلي في 2020، وبلغ الدَّين العام 133% من إجمالي الناتج المحلي، كما اتسع عجز الحساب الجاري حتى بلغ 9,6% من إجمالي الناتج المحلي، وتراجعت الاحتياطيات الدولية لتصل إلى حوالي 1,4 شهر من الواردات غير النفطية المرتقبة.
وظلَّت البنوك متمتعة بمستوى جيد من رأس المال والسيولة، برغم احتمال ظهور مواطن ضعف تتعلَّق بجودة الأصول، وانخفاض الربحية من جراء الأزمة.
استمرار العجز المزدوج
ووفق السيناريو الأساسي لخبراء صندوق النقد الدولي، يُتوقَّع استمرار العجز المزدوج في البحرين على المدى المتوسط، مع ارتفاع الدَّين العام إلى 155% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2026.
وتميل المخاطر المحيطة بالسيناريو الأساسي نحو التطورات السلبية، التي تنشأ عن عدم كفاية تصحيح أوضاع المالية العامة على نحو يكفل احتواء العجز المزدوج، أو من ضيق أوضاع التمويل العالمية، أو استمرار الانخفاض في أسعار النفط.
وبرغم التحديات الجسيمة، لا تزال السلطات ملتزمة بتحقيق الأهداف الرئيسية المحددة في "برنامج التوازن المالي"، بما فيها العمل بالتدريج على إعادة بناء الهوامش الوقائية من خلال السياسات، وعكس الارتفاع في الدَّين العام، مع الحفاظ على الإنفاق الاجتماعي الضروري.
تقييم المجلس التنفيذي
أثنى المديرون التنفيذيون على الإجراءات السريعة والمنسقة جيداً التي اتخذتها السلطات على مستوى السياسات لمعالجة الآثار الصحية والاقتصادية لجائحة كوفيد-19. وإدراكاً لتأثير إجراءات الاحتواء العالمية والمحلية، وهبوط أسعار النفط، فقد أشاروا إلى حدوث ارتفاع حادٍّ في معدَّلات عجز المالية العامة والحساب الخارجي، ومستويات الدَّين المرتفعة، ومخاطر التطورات السلبية المحيطة بالآفاق.
ودعا المديرون إلى إجراء إصلاحات عاجلة على مستوى المالية العامة لمعالجة الاختلالات الكبيرة، وخفض الدَّين العام، واستعادة استدامة الأوضاع الاقتصادية الكلية، مع ضمان توجيه الدعم لأشد الفئات ضعفاً.
ورحب المديرون بالتزام السلطات المستمر بتنفيذ الإصلاحات الواردة في "برنامج التوازن المالي"، وأكَّدوا الحاجة إلى اتخاذ مزيد من إجراءات ضبط الأوضاع فيما بعد دورة الميزانية الحالية لوضع الدين على مسار تنازلي ثابت، والحد من اعتماد إيرادات المالية العامة على أسعار الهيدروكربونات.
ودعوا بصفة خاصة إلى وضع خطَّة طموحة تتسم بالمصداقية، ودعم النمو لتصحيح أوضاع المالية العامة، وتنفيذها على المدى المتوسط، إذ تركِّز على حشد الإيرادات المحلية، وترشيد النفقات، في حين توفِّر الحماية لأشد فئات السكان ضعفاً.
سعر الصرف
وأشار المديرون إلى أنَّ اتخاذ مزيد من الخطوات لتحسين الحوكمة والشفافية على صعيد المالية العامة سيضع حداً للمخاطر، ويعزز مصداقية خطَّة المالية العامة.
واتفق المديرون التنفيذيون على أنَّ ربط سعر الصرف لا يزال يعود بالمنفعة على البحرين، مؤكِّدين أنَّ تصحيح أوضاع المالية العامة حسب التوصيات ينبغي أن يؤدي إلى الحدِّ تدريجياً من إقراض المصرف المركزي للحكومة من أجل إعادة بناء الاحتياطيات الوقائية الخارجية، ودعم نظام الربط.
ورحب المديرون بالدعم الكبير من السياسات للجهاز المصرفي بهدف مساعدته على تعويض الآثار السلبية للأزمة على الأسر، والشركات، والمصارف، وحثُّوا السلطات على مواصلة التحليل الاستشرافي لمحافظ الائتمان المصرفي، ومستويات رصد المخصَّصات، وتوخي الحرص في التعامل مع علاقات الترابط بين الكيانات السيادية والمصارف.
ودعا المديرون إلى مواصلة التشجيع على تنويع النشاط الاقتصادي، وتحقيق النمو، وتوفير فرص العمل بقيادة القطاع الخاص.