تجاهل المستثمرون إلى حد كبير تحركات تركيا لخفض الإنفاق العام حتى الآن، والتي تأتي ضمن محاولاتها لكبح جماح التضخم، حيث أُثيرت تساؤلات حول المبلغ الذي سيتم توفيره بالفعل والفرق الذي ستحدثه هذه التخفيضات.
وزير المالية التركي يستبعد رفع أسعار الفائدة رغم توحش التضخم
أعلن وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، ونائب الرئيس جودت يلماز، يوم الإثنين، عن سلسلة من الإجراءات لخفض الإنفاق الحكومي خلال السنوات الثلاث المقبلة.
كما ذكرت بلومبرغ يوم الجمعة أن هذه الإجراءات تشمل تخفيضات في التوظيف في القطاع العام، مع إبطاء وتيرة الاستثمار في مشاريع البنية التحتية الكبرى.
كبح التضخم في تركيا
لم يذكر شيمشك المبلغ الذي ستوفره هذه الخطة، على الرغم من أن تقارير في وسائل الإعلام التركية قدرت المبلغ بنحو 100 مليار ليرة (3.1 مليار دولار).
"حتى لو تبين أن الأرقام المطروحة في وسائل الإعلام التركية صحيحة، يُرجح أن تُقسم على مدى عدة سنوات"، وفقاً لما قاله إريك ميرسون، كبير استراتيجيي الأسواق الناشئة في "إس إي بي إيه بي" (SEB AB). لكن في ظل العجز المتوقع في ميزانية السنوات المقبلة بتريليونات الليرات "من الصعب أن نرى تأثيراً حقيقياً لهذه الإجراءات في الإحصاءات الإجمالية" حسب قوله.
إفرين كيريكوغلو، مؤسس شركة أوركا ماكرو (Orca Macro) لاستشارات استراتيجية السوق التي يقع مقرها في إسطنبول، يرى من جانبه أن أي مدخرات تقل عن 500 مليار ليرة "لن تحدث أي تأثير".
تركيا تتجه لإبقاء الفائدة دون تغيير مع تبني المركزي لهجة متشددة
تهدف جهود تركيا لخفض الإنفاق العام إلى محاولة كبح جماح التضخم المرتفع، والذي يتوقع مسؤولو البنك المركزي أن ينهي العام عند 38%، والذي عُدل صعوداً من 36% الأسبوع الماضي. ساعد شيمشك في الإشراف على التحول إلى اقتصاد أكثر تقليدية منذ إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان قبل أكثر من عام بقليل، حيث ارتفعت أسعار الفائدة من 8.5% إلى 50% في يونيو الماضي.
تتوقع تركيا أن يبلغ عجز الميزانية 6.4 %من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، أو نحو 2.7 تريليون ليرة (84 مليار دولار).
أشار ميرسون إلى أن أحد أهداف خفض الإنفاق قد يكون خفض الإنفاق على "الممارسات التي يمكن اعتبارها مفرطة أو حتى فاسدة، مثل استخدام السيارات الفاخرة من قبل المسؤولين الحكوميين، والنفقات الجارية، ورواتب مجالس الإدارة".
قد يكون لذلك تأثير مزدوج يتمثل في المساعدة على إصلاح صورة حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه أردوغان، والذي واجه هزائم غير مسبوقة في الانتخابات المحلية نهاية مارس الماضي.
"خطوة أولى نحو الترشيد"
وترجح مايا سنوسي، من مؤسسة "أكسفورد إيكونوميكس"، أن يمثل هذا الإعلان "الخطوة الأولى نحو الترشيد" في المالية العامة. وقالت: "ستبحث الأسواق عن مدخرات أكثر جدوى في عام 2025 وما بعده لاستكمال تشديد السياسة النقدية".
سلط كل من شيمشك والبنك المركزي الضوء على التحدي المتمثل في مرونة الطلب المحلي، الذي تغذيه الزيادة الحادة في الحد الأدنى للأجور وتخزين مشتريات المستهلكين قبل أن ترتفع الأسعار إلى أعلى من ذلك. تسارع التضخم إلى ما يقرب من 70% في أبريل، وهي الزيادة السادسة في عدة أشهر.
ووفقاً لما قاله فولفانغو بيكولي، الرئيس المشارك لشركة الاستشارات "تينيو" (Teneo): "تعتبر الحزمة مخيبة للآمال من حيث طموحاتها، وسيكون من الصعب تنفيذ العديد من هذه التدابير"، كما أشار إلى أنها لن تُحدث أي فرق فيما يتعلق بمواجهة معدلات التضخم، وبالتأكيد لن تقدم أي مساهمة ملحوظة في إصلاح الأضرار التي وقعت خلال السنوات القليلة الماضية".